A Message to the American President Obama!

<--

لتقبل مني فخامة الرئيس تهنئة خاصة لكم بمناسبة تنصيبكم رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، فخامة الرئيس أنت رقم أربعة وأربعين بين رؤساء هذه الدولة وهذا له دلالة على انك حلقة في سلسلة كبيرة من الرؤساء، فإما أن تقبل أن تكون حلقة عادية تمر مرور الكرام على العالم أو تكون حلقة مميزة وايجابية يعرف العالم شكلها ولونها وطعمها ويسمع صوتها وهي منتظمة في سلسلة الرؤساء العظماء لأمريكا وهم ليسوا بكثير كما تعلم.

فخامة الرئيس أنا مواطن عربي من الشرق الأوسط احمل إليك حلما كما حمله ابن جلدتك مارتن لوثر كنج يوم قال (لدي حلم) فكانت هذه الأمنية إستراتيجية كبيرة أنت احد نتائجها الرائعة.

فخامة الرئيس أنا أيضا (لدي حلم) كما لدى لوثر كنج أتمنى أن يتحقق في فترتك الرئاسية.

أعلم يا فخامة الرئيس أن الثقافة الأمريكية تهتم لمثل هذه الرسالة وتقرؤها بعناية فقد عشت في المجتمع الأمريكي واعرف ثقافته المميزة، لذلك أتمنى أن تصل إليك هذه الرسالة وتقراها عبر هذه الصحيفة المميزة.

فخامة الرئيس احلم باليوم الذي لا يضطرني إلى مزيد من كره السياسية الأمريكية ومزيد من كره هذه السياسية يعني مزيدا من كره أمريكا وثقافتها وهذه نقطة أتمنى أن تساهم أنت في عدم وصولنا في الشرق الأوسط إليها كما وصلنا في عهد سابقك.

أمنيتي أن يأتي يوم لا أرى فيه أمريكا صامتة عن قتل شيخ أو امرأة أو طفل عربي لمجرد انه يعيش في فلسطين، أتمنى يوما تكون فيه أمريكا قائدة للعالم الحر وليس للعالم المر.

فخامة الرئيس أتمنى أن يأتي اليوم الذي لا تدفعوننا فيه نحن سكان الشرق الأوسط إلى تأييد المتطرفين سواء السياسيين أو المؤدلجين أو المتاجرين بقضاياهم لمجرد إحجامكم عن الحلول الصحيحة.

إن الشرق الأوسط ليس مختلفا ومعقدا كما قيل لنا في الستين سنة الماضية لذلك نحن أيضا لنا فهم مختلف عنكم في الشرق الأوسط، فإذا كان النفط والمصالح هي المؤشر الذي دفع العالم إلى الرؤية لنا بهذا المنظار فلسنا المكان الوحيد في العالم الذي ينتج النفط، فهناك عشرات المواقع والدول التي تنتج النفط أكثر من دولنا مجتمعة ومع ذلك عيّشنا العالم وهم هذا النفط ووهم المصالح.

إذا كان الصراع العربي الإسرائيلي أيضا هو ما يقلق منطقتنا فهناك الكثير من الدول التي قتل فيها بشر أكثر مما قتل من العرب في فلسطين وغيرها (ففي القرن العشرين…كم قتل في أوربا الوسطى كم قتل في صراع الأعراق في راوندا ويوغسلافيا، وكل هذه التحولات والصراعات تنتهي إلى عمليات سلام أو تحولات سياسية مقبولة ومستقرة…) فلماذا الشرق الأوسط يا فخامة الرئيس يعيش هذه الأوهام لوحده…؟ من المستفيد من زرع هذه الأوهام عن صعوبة استحالة قضيتنا.

(إذا كان الإرهاب سببا لهذه الأزمة فليس المسلمون وحدهم من مارس الإرهاب فكل الأديان فيها من مارس الإرهاب بشكل فظيع)، ومع ذلك تنتهي كل الأزمات ويبقى الشرق الأوسط مفتوحا لكل من يريد النفخ على نيرانه المتوهجة بفعل السياسيات التي تجتاح المنطقة وهي توقد على نيران الفتنة يوما بعد يوم.

فخامة الرئيس العرب شعوب طيبة وعاطفية وليس كما يصورها الإعلام الأمريكي أو الغربي بشكل عام ولكن هناك من أراد أن يقول لنا إننا شعوب قاسية لا تعرف الرحمة والعطف وهذا غير صحيح فلم نقتل طفلا أو شيخا.

لماذا هناك من يريد أن يلبسنا ثوبا وسلوكا مخيفا حتى أصبح العالم يفتش بين ثنايا سلوكنا عن وحوش تأكل لحوم البشر بينما الذين يُقتلون من بني جلدتنا أكثر من غيرهم.

فخامة الرئيس ما نحن بحاجة إليه منك هو «ثورة إرادة» تمسح كل الصور البائسة التي عرفناها خلال تاريخنا الذي أنهكه البؤس في القرن العشرين وما بعده، واسمح لي أن أذكرك بالمبدأ السياسي القائل (بأن التحرر ليس نتيجة ميكانيكية، وإنما هو اثر للإرادة).

إن منطقة الشرق الأوسط تنبت فيها منذ عقدين نبتة شيطانية اسمها التطرف والإرهاب واخشى من اليوم الذي تساهم فيه دول الغرب بنمو هذه النبتة بشكل يصعب السيطرة عليه في هذه المنطقة وغيرها من دول العالم.

إن مؤشرات هذه النبتة نراها اليوم في الحروب التي خاضتها إسرائيل خلال الثلاثة أعوام الماضية، فهل يعمل فخامتكم على إعادة الواقعية والمنطقية السياسية في بحث القضية الفلسطينية بعيدا عن خلق عدو وهمي اسمه الإرهاب أو مصالح اسمها البترول.

إن أطفالي وأطفال العالم اجمع سيتذكرون هذه اللحظات التي نصّبت فيها كرئيس لدولة كبيرة ولكن على خلفية مشاهد قتل الأطفال والرضع واستخدام الأسلحة المدمرة في غزة، واحمد الله أن تنصيبكم جاء في هذه اللحظات ليوقف هذا العدوان واسمح لي فخامة الرئيس أن لا اصدق أن إسرائيل أنهت عدوانها قبل تنصيبكم مباشرة دون أن يكون هناك سبب متعلق بالولايات المتحدة الأمريكية وتنصيب رئيسها.

أعود إلى أحلامي وأحلام كل طفل عربي لا يريد مشاهدة إخوانه في فلسطين أو العراق يقتلون بدم بارد، فنحن نحلم باليوم الذي تمدوننا فيه بالعالم والمعرفة والحضارة الحقيقية بدلا من أن تمدوا إسرائيل بالقنابل والمدمرات والمدرعات.

لابد أن تتذكر إسرائيل والعالم كله أن اللحظة التاريخية مهما كان شكلها حزينا أو فرحا لا يمكن أن تمسح من ذاكرة التاريخ لأنه يضل يعيدها مهما طال الزمن. ليتذكر فخامتكم انك استضفت يوم تنصيبك تسعة تلاميذ غيروا أمريكا في الستينيات الميلادية في ثانوية (ليتل روك) في ولاية (اركنسا)، انه التاريخ يا فخامة الرئيس الذي أعادك إلى يوم السابع عشر من شهر مايو عام ألف وتسعمائة وأربعة وخمسين يوم ألغت المحكمة العليا في واشنطن التفرقة العنصرية في المدارس الأمريكية عندما ألغيت آنذاك كل القوانين التي كانت تسمى (منفصلون ولكن متساوون).

هذه اللحظات التاريخية هي التي ننتظرها من فخامتكم فمتى يصبح للفلسطينيين دولة عاصمتها القدس. فخامة الرئيس عليك أن تتذكر أن العالم العربي لن يستمر طويلا في تقديم عروضه وتنازلاته وعليك أن تتذكر فخامة الرئيس كلمة خادم الحرمين الشريفين في القمة العربية الاقتصادية عندما قال إن المبادرة العربية لن تكون متاحة بشكل دائم على طاولة الحوار أمام الإسرائيليين.

إن الشرق الأوسط وبشكل متنام يجتمع حوله الراغبون في إيقاد النار وتجميع أسلحة الدمار الشامل ولكن الأوهام حول صعوبة الحلول أو استحالتها لابد وان تتبدد فليس الشرق الأوسط أكثر تعقيدا من الحروب التي خاضتها أمريكيا أو حروب العالم الكبرى التي ذهب ضحيتها ملايين البشر.

فخامة الرئيس إذا كنت تريد أن تكون ممثلا حقيقيا لأحلام (مارتن لوثر كنج) فنحن ننتظر منك ذلك فليست أحلام كنج محصورة في أمريكا فلدينا أطفال في فلسطين لديهم الرغبة في حياة كريمة وحرة، لديهم الرغبة في الذهاب إلى المدارس كل صباح دون خوف من احد لديهم الرغبة في نوم هادئ دون ليل لا يعرف فيه الأطفال هل سيرون آباءهم في صباحه أم لا.

فخامة الرئيس لديك أطفال وفي غزة وفلسطين وكل ارض عربية أطفال يشاهدون أبناءك وهم يسيرون خلفك ولديهم نفس الرغبة في أن يسيروا خلف آبائهم آمنين من دبابات وقنابل إسرائيل.

صورة أمريكا في العالم اليوم هي في أسوأ حالاتها فإما أن يكون لفخامتكم القدرة على إعادة رسم تلك الصورة بحيث تبدو أفضل مما هي عليه أو أنكم ستستمرون في إرسال أبناء أمريكا لكي يموتوا دون سبب واضح في أصقاع الدنيا كما يقول الشعب الأمريكي نفسه وليس نحن.

فخامة الرئيس إن حلمنا الذي نريد هو نفس الحلم الذي أتى بك إلى قيادة هذه الدولة الكبيرة وقد تكون هذه هي الفرصة الأخيرة لكي يثق أطفالنا في قدرات دولتكم ولكننا لا نعلم كيف ستكون أوضاعهم بعدما يدركون أنهم أمام الموت لا محالة هناك ستتذكرون كم هو التاريخ قاس عندما تكتب في صفحاته القسوة.

About this publication