The Big Challenge

<--

لدي أوباما وهيلاري تحديات أكبر بكثير من القضية الفلسطينية في مجال السياسة الخارجية وحدها‏..‏ أهمها التحديات العسكرية بأفغانستان وباكستان‏..‏ فكلاهما جبهة محورية في الحرب ضد الإرهاب والتطرف‏…‏

أفغانستان‏,‏ في عامها الثامن من الحرب‏,‏ تمر بالمرحلة الأكثر خطورة‏,‏ وقد تغرق الولايات المتحدة فيما يشبه المستنقع الفيتنامي‏,‏ أي ما هو أعمق من المستنقع العراقي‏,‏ وسيضطر أوباما إلي تقديم تضحيات أكبر بكثير مما قدمه بوش‏..‏ فبينما يواجه الاقتصاد الأمريكي أزمة طاحنة ستؤثر علي ميزانية الدفاع‏,‏ يعتزم أوباما تعزيز قواته بثلاثين ألف جندي ليصل العدد إلي‏60‏ ألفا‏..‏ كما يعتزم تركيز قوته العسكرية علي القتال ضد طالبان والقاعدة‏,‏ تاركا مهام التنمية الاقتصادية وإعادة البناء وتدريب الشرطة للحلفاء الأوروبيين ـ كما يريد اتخاذ خط متشدد ضد حكومة الرئيس الأفغاني‏,‏ والتعامل مع القيادات المحلية كبديل للحكومة المركزية الضعيفة‏,‏ وكلها إجراءات قد تزيد من العداء للقوات الأمريكية‏,‏ وتصعد عدوانية المسلحين‏,‏ وتسهم في تفتيت الدولة وتفشي الفوضي والعنف والفساد‏.‏

في باكستان‏,‏ اتخذ أوباما بمجرد توليه‏,‏ خطا عدوانيا تجاه الحكومة‏..‏ لم ينتظر ليأخذ منها إذنا لتوجيه ضربات صاروخية علي أراضيها عند الحدود الأفغانية‏,‏ وهو ما أغضب الحكومة وأفقده شعبيته لدي الباكستانيين‏..‏ مع ذلك‏,‏ فإن مشكلته هناك لا تتعلق فقط باقتلاع جذور طالبان والقاعدة‏,‏ وإنما بتقارير مخابراتية تحذر مما هو أخطر‏,‏ وهو الخطر الذي يهدد ترسانتها النووية‏,‏ تلك الترسانة التي أنفقت عليها أمريكا مليارات الدولارات لحمايتها من الإرهاب‏,‏ فهناك مخاطر من سقوطها في أيدي الإرهابيين المتربصين في انتظار اقتراب الدولة من الانهيار‏..‏ والدولة في حالة فوضي‏..‏ تحيطها شكوك حول علاقة جيشها ومخابراتها وبعض قياداتها المدنية بطالبان والقاعدة‏,‏ وشكوك تحيط ببنائها الأمني المسئول عن ترسانتها النووية لذلك وصفت باكستان بأنها أخطر دولة علي وجه الأرض وكابوس القرن الـ‏21..‏ ويريد أوباما أن يحميها من الانهيار مهما كلفه الأمر‏..‏ فهي بالنسبة له قضية أمن قومي أمريكي‏..‏ إذن فإن أوباما مقدم علي سلسلة مغامرات بهذه المنطقة ما كان له أن يخوضها وهو الذي جاء ليفتح صفحة جديدة من العلاقات السلمية مع العالم‏..

‏ وكان الأولي به أن يبدأ بما يطلق عليه الحب القاسي‏,‏ أي بالعمل علي دعم الدولة سياسيا واقتصاديا ومساعدتها علي إقامة المشروعات وذلك تحت إشراف ورقابة صارمة منعا للفساد ـ فربما يسهم القضاء علي الفقر والبطالة والجهل في القضاء علي التطرف هناك وفي كل مكان‏..‏ فهل أدار أوباما حوارا عاما حول خططه العسكرية قبل أن يتورط في هذا المستنقع؟

About this publication