America and Obama: A Sense of Relaxation, but On Guard for Any Suprises

<--

أميركا أوباما: إسترخاء إقليمي ودولي مع ترقب المفاجآت

عادل مالك الحياة – 15/02/09//

مرت الذكرى الرابعة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري وسط حشد من الأحداث لبنانياً وإقليمياً ودولياً.

على الصعيد الداخلي اللبناني تزامنت الذكرى مع بلوغ الصراعات على اختلافها حالة من الورم الوطني مع نسبة عالية من الاحتقان بين مختلف الأفرقاء، خصوصاً مع الجنوح العاصف نحو الصراع الانتخابي الحاد تمهيداً ليوم السابع من حزيران (يونيو)، هذا إذا لم يحدث ما هو في الحسبان وفي غير الحسبان مما يهدد بعدم اجراء هذه الانتخابات في يوم واحد، الأمر الذي يحدث للمرة الأولى في لبنان.

تضاف الى ذلك التعبئة الشاملة إعلامياً وأمنياً ونفسياً لقرب المحكمة الدولية الخاصة بالكشف عن قتلة الرئيس الحريري ورفاقه وسائر الشهداء الذين سقطوا، وذلك في الأول من شهر آذار (مارس) المقبل في لاهاي. وتضاف الى لائحة الأحداث ذكرى اغتيال القيادي في «حزب الله» عماد مغنية والمخاوف السائدة مع رفع اسرائيل درجة التأهب الى المرحلة القصوى تخوفاً من إقدام الحزب على خطف جنود اسرائيليين.

وتضاف الى كل ذلك المعركة التي اندلعت في هذا التوقيت بالذات ألا وهي معركة التنصت الشرعي وغير الشرعي على بعض الوجوه والشخصيات والاتهامات التي وجهها نواب الأكثرية من تجمع 14 آذار، الى وزير الاتصالات جبران باسيل وعبره الى نواب الأقلية من حيث امتناع الوزير عن تزويد لجنة التحقيق الدولية المعلومات عن بعض عمليات التخابر والتي جرت في مرحلة سابقة، الأمر الذي أدى الى وقوع بعض العمليات الإرهابية والاغتيالات.

وسط كل هذه الأجواء المحمومة كان أكثر من طرف يرصد نتائج الانتخابات الاسرائيلية وما أسفرت عنه. وفي هذا السياق يمكن التوقف عند النقاط التالية:

جاءت هذه الانتخابات بنتائجها ملتبسة حيث لم يتمكن أي حزب من الحصول على الأكثرية. ومع أن زعيمة «كاديما» تسيبي ليفني حصلت على غالبية صوت واحد مقابل حزب «ليكود» بزعامة بنيامين نتانياهو لكنها لن تتمكن من تأليف الحكومة الجديدة إلا إذا نجحت في اقناع بقية الأحزاب في اليسار الوسط للدخول في تحالف يضمن لها الأكثرية العددية في الكنيست أي ما يزيد على ستين صوتاً.

وفي المقابل أعلن نتانياهو عن فوزه في الانتخابات من زاوية حصول الأحزاب اليمينية على غالبية الأصوات، وسيبقى هذا السجال قائماً خلال الأيام والأسابيع المقبلة باعتبار أن عملية تأليف الحكومة الجديدة في اسرائيل بالغة التعقيد نظراً إلى التشرذم الحزبي الذي انتهت إليه الانتخابات.

ومن سخريات الحياة السياسية في اسرائيل تحقيق زعيم اليمين المتطرف افيغدور ليبرمان عدداً من الأصوات التي تجعل منه قوة ترجح الكفة التي تميل اليها. أما حزب العمل فقد انتهى في المركز الرابع مما يؤشر الى نهاية هذا الحزب الذي رافق الحياة السياسية في اسرائيل منذ نشأتها. وضمن الطروحات التي يجري التداول فيها الاقتراح الذي يدعو الى تناوب كل من ليفني ونتانياهو على الحكم بمعدل سنتين لكل منهما.

وبقطع النظر عما ستؤول اليه نتائج المشاورات للاتفاق على التشكيلة الحكومية، فنحن لا نزال نكرر الخطأ نفسه في معرض التحليل حول من هو الفريق الأفضل لتولي الحكم، هل هو «ليكود» أم «كاديما» أم «اسرائيل بيتنا» أم «شاس»؟ الى آخر السلسلة. ألم تؤكد التجارب أن كل الذين تعاقبوا على الحكم في اسرائيل لا وجود لأي فارق أو تمايز بين من يطلق عليهم «الصقور» أو «الحمائم».

وإذا كان رئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت جرى تصنيفه في اطار الاعتدال، فهو الذي شن العدوان على لبنان في شهر تموز (يوليو) 2006. وهو نفسه الذي أنهى حياته بشن العدوان على غزة.

وفي نهاية الأمر كلهم… اسرائيل.

وهنا يطرح العديد من الأسئلة حول انعكاس نتائج الانتخابات الاسرائيلية على التعاطي مع الجانب الفلسطيني أو لنقل مع «الجانبين الفلسطينيين»! انسجاماً مع واقع الحال.

حتى كتابة هذه السطور كانت القاهرة تشهد العديد من الاجتماعات والمشاورات توصلاً لعقد هدنة بين اسرائيل وحركة «حماس». وقد أبلغ الرئيس حسني مبارك الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان الساعات المقبلة ستحمل اتفاقاً للتهدئة بين الجانبين تتراوح مدته الزمنية بين سنة أو سنة ونصف سنة. لكن الأمر لا يعدو كونه هدنة موقتة لالتقاط الأنفاس والبحث عن صيغ أكثر ملاءمة للواقع الفلسطيني، الخاص بقطاع غزة، فضلاً عن طبيعة المشاورات الآتية بين الحكومة الاسرائيلية العتيدة والحكومة الفلسطينية المقيمة في رام الله. ولم يخف كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات عدم رضا السلطة عما انتهت إليه الانتخابات الاسرائيلية من حيث تحقيق أي تقدم في عملية السلام.

وهنا يشار الى معلومات موثوقة المصدر أن الرئيس الفرنسي ساركوزي والذي قام بجولة في عدد من دول الخليج العربي يقدم الطرح التالي: إعلان التنسيق بين فرنسا والولايات المتحدة والعمل على اطلاق كل مسارات السلام في المنطقة دفعة واحدة، على أن يتم عقد مؤتمر دولي في باريس للتأكيد على جدية هذا التحرك، وبعد ذلك تنتقل المفاوضات الى واشنطن. ويرمي ساركوزي من وراء ذلك الى كسب الوقت ومنح المرحلة الحالية بعض الزخم السياسي، مؤكداً بذلك أنه «عراب» هذه المرحلة، من دون إغضاب الجانب الأميركي في هذا الشأن. وتؤكد المعلومات المتوافرة أن الرئيس الفرنسي تشاور في هذه الأفكار مع أركان إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، التي تفضل في الوقت الحاضر عدم الإقدام على أي تحرك واسع النطاق بانتظار بلورة الموقف في الشرق الأوسط أكثر فأكثر. وانطلاقاً من العديد من التحركات والتطورات التي تشهدها المنطقة يجب التركيز على النقاط الأساسية التالية:

* ان تولي الفريق الأكثر تطرفاً في اسرائيل مقاليد الحكومة الجديدة يفترض حكماً وفي المقابل بروز العناصر الأكثر تطرفاً داخل المقاومة الفلسطينية، وهو الأمر الذي ستعمل حركة «حماس» على توظيفه في المراحل الآتية.

* ان الحروب التقليدية بين اسرائيل ودول عربية، لم تعد واردة وما يمكن أن يحدث مواجهات بين اسرائيل وحركات المقاومة، وفي الطليعة «حزب الله» في لبنان، وحركة «حماس» في فلسطين.

* ان ما تعرض له قطاع غزة بكامل مدنه وقراه ودساكره، ومخيماته يجب أن يدفع الفلسطينيين القابضين على الوضع في غزة الى التفكير ملياً في كل ما يعرض غزة الى عدوان وحشي كالذي حدث. وأكدت مجازر غزة ان الفلسطينيين كتب عليهم التنقل والنزوح من مخيم الى مخيم آخر بل الى خيم.. اقتلعتها الرياح العاتية التي هبت على المنطقة في الأيام الأخيرة. وما يخشى منه استمرار الخلاف بين «دويلة غزة» و «دويلة رام الله» حول المشاريع الآيلة الى إعادة إعمار غزة، أن تضيع الفرصة مرة جديدة بسبب النزاعات القائمة والصراعات التي فرقت بين مختلف الفصائل. وما يجب أن يقال لكل الفصائل الفلسطينية وبالفم الملآن: عندما يتعب النضال ويصاب بالترهل لا بد من تجديد نشاط هذا النضال واستنباطه وإعادة الحياة إليه في اطار جديد للعمل، إذ ليس من الطبيعي بقاء منظمة التحرير الفلسطينية «الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني» قاصرة عن احتواء الفصائل كافة. وفي المقابل على حركتي «فتح» و «حماس» الاقتناع بأن فلسطين الوطن، والدولة والقضية أكبر بكثير من أي فصيل.

* على الصعيد الدولي العام، منذ أن تولى باراك حسين أوباما الرئاسة الأميركية انتشرت أجواء في الاسترخاء اقليمياً ودولياً. وسواء كان هذا الشعور من النوع الحقيقي أو المبالغ فيه، فهذا هو واقع الحال. والسمة التي يحرص أوباما على ما يتصف بها حكمه هي نشر ثقافة الحوار «الحوار الاستباقي» كبديل عن «الحروب الاستباقية» وهي ما قامت عليه الفلسفة «البوشية» على مدى ثماني سنوات. ومن التأكيدات التي أطلقها الرئيس الأميركي وما شدد عليها ورد في تبادل الرسائل بينه وبين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما خاطبه قائلاً: «انني واثق من اننا سنعمل سوياً بروح السلام والعدالة لبناء عالم أكثر أمناً خلال السنوات الأربع المقبلة، كما اتطلع للعمل معكم لتحقيق ذلك ولتعزيز العلاقات الطيبة بين بلدينا».

واتسعت دائرة التفاؤل بتولي أوباما رئاسة أميركا لتشمل حتى ايران التي رحبت بقوة بالتصور الأميركي الجديد لحل الخلافات القائمة، منها النووي وغير النووي.

وفيما يتصل بالعلاقات اللبنانية – الأميركية قام الرئيس أوباما ببادرة لافتة حيث أكد على التزام الولايات المتحدة باستقلال لبنان وسيادته، وجاء ذلك في الاتصال الذي أجراه الرئيس الأميركي مع السيد سعد الحريري.

وفي سياق التحرك الأميركي العام في المنطقة من المقرر أن يقوم السناتور جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بجولة في عدد من دول المنطقة من بينها سورية. على أن الواقعية في التحليل تدعونا الى التزام الحذر والحيطة واليقظة في التعاطي مع أميركا الجديدة حتى لا يصاب الحالمون بخيبة أمل جديدة. ومن المفارقات بين حكم بوش وحكم أوباما، ان شعار الأول «من ليس معنا فهو ضدنا، والثاني يتبنى النظرية القائلة: من ليس معنا فليس بالضرورة هو ضدنا».

About this publication