في غمرة أحداث غزة.. تراجعت بعض الأولويات الملحة من أمام مصر.. فرضت إسرائيل أجندة العنف والحرب.. وفرضت حماس, ومن خلفها سوريا وإيران, أجندة الفوضي.. بدا المشهد في غاية العبثية, إسرائيل ترتكب هولوكوست جديدا ضد الفلسطينيين.. وعرب الهامش يرتكبون حماقة تلو الأخري.. قراصنة بحر العرب القدامي الجدد تخيلوا أن القرصنة ضد السفن لم تعد مجدية.. فمارسوا القرصنة علي الفضائيات.. وتخيلوا أن بإمكانهم تحقيق بعض الأهداف.. لكن باءت محاولاتهم بالفشل في غمرة أحداث الفوضي التي شهدها المشرق العربي.. تراجع الجدل العام داخل مصر عن أي مستقبل ينتظرنا مع الرئيس الجديد باراك أوباما.. انهمك الجميع في ألعاب اللحظة الراهنة.. ولم نشهد حوارا عاما حول العلاقات المصرية ـ الأمريكية في ظل الإدارة الجديدة!
مشهد الفوضي علي وشك أن ينتهي.. مصر تتوصل إلي تهدئة بين حماس والإسرائيليين.. والتوتر يسود دمشق.. ومحرك قناة الجزيرة يصيبه الإحباط ويهدأ.. ومصر تحافظ علي ثوابتها وأمنها, وأحد أهم ثوابتها: علاقاتها مع القوي الرئيسية المسيطرة علي النظام الدولي, وعلي رأسها الولايات المتحدة.
هناك رئيس جديد يرفع شعار التغيير.. يسعي إلي ترميم علاقة أمريكا بالعالم الإسلامي.. مشغول بالأزمة المالية العالمية.. لكنه يرسل الإشارات إلي الأزمات المتفجرة.. وعلي رأسها أزمة الشرق الأوسط. لدينا مصلحة حقيقية في بناء جسور جيدة مع الولايات المتحدة.. هنا في القاهرة سفيرة جديدة مارجريت سكوبي.. دبلوماسية محترفة.. تسعي إلي تجنب أخطاء سابقيها.. لا تستثير الرأي العام المصري.. وهناك في واشنطن رئيس جديد منفتح علي العالم.
لدينا فرصة تاريخية جيدة لتطوير علاقاتنا السياسية والدبلوماسية والعسكرية والأمنية مع الولايات المتحدة.
لدينا فرصة تاريخية جيدة لكي ننتقل بالتعاون الاقتصادي مع واشنطن إلي مرحلة جديدة تتسم بالاحترام والتعاون المشترك.. وتقدير كل طرف لإمكانات الطرف الآخر.
وبعيدا عن السنوات الثماني العجاف للرئيس الراحل بوش.. ماذا سنفعل مع واشنطن؟ كيف يمكن أن تستقبل واشنطن رئيس مصر بالتقدير الذي يحظي به علي المستويين الإقليمي والدولي؟ نحن في حاجة إلي حوار جدي حول العلاقات المصرية ـ الأمريكية.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.