Obama and the MidEast – Change to Believe In?

<--

التـــاريــــــخ إذ يعيــــد نفســــــه!

وصل إلى المنطقة جورج ميتشل مبعوث الرئيس أوباما لعملية السلام. وميتشل، كما هو معلوم، ليس غريباً عن المنطقة، فقد كلف بمهمة مشابهة أواخر عهد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، وذاع في حينه صيت توصياته التي تحولت إلى ما يشبه مبادرة السلام قبل أن تطويها أدراج النسيان نتيجة تجاهلها من جانب

إسرائيل التي رفضت بشكل خاص وقف عمليات الاستيطان.

مهمة ميتشل الجديدة تأتي في ظروف أصعب من السابقة حيث لا تزال الدماء تنزف في قطاع غزة الذي حولته آلة الحرب الإسرائيلية كومة إنقاض، في حين عمقت من جهة أخرى المرارة في نفوس أبنائه، وحفزت لديهم روح المقاومة.

إن السقف المنخفض الذي يدلف ميتشل إلى المنطقة من تحته، والذي حددته التصريحات المقتضبة الصادرة حتى الآن عن الرئيس أوباما وبعض مساعديه بشأن الحرب على غزة، لا يسمح بإطلاق العنان للتفاؤل بشأن النجاح الذي قد تصيبه مهمة المبعوث الرئاسي الأميركي في ضوء الذاكرة السلبية تجاه «دبلوماسية المبعوثين» التي اختار أوباما أن يبدأ عهده بها. ذلك أن الصراع في المنطقة قتل بحثاً ودراسة ومبادرات ومؤتمرات، ولن يزحزح تفاصيله الكئيبة مزيد من المبعوثين الذين يلغون ذاكرتهم ويمزقون السجلات السابقة ليبدؤوا رحلة مديدة من «الاستكشاف» و«الاستطلاع» وبلورة المواقف لينتهوا بعد شهور وربما سنوات لمطالبة الأطراف بوقف العنف واعتماد لغة التفاوض وتجميد الاستيطان… الخ وهي توصيات تكون الأحداث تجاوزتها وبات الأمر يتطلب مبعوثاً جديداً وتوصيات جديدة وهكذا..

ومن هنا، لن يكون مبرراً لإدارة أوباما إضاعة وقت طويل في استكشاف واقع مفضوح لدرجة أن تفاصيله وسبل الخروج منه، معروفة للقاصي والداني، وهي التي طرحت بشأنها عشرات المبادرات كثير منها مصدره الولايات المتحدة نفسها. وهذا الوضع المتفجر في المنطقة يستدعي من إدارة أوباما استخلاص العبر من أخطاء وحماقات الإدارة السابقة التي تجاهلت معظم الوقت عملية السلام وألزمت نفسها بأكثر المواقف الإسرائيلية تطرفاً. ومن الواضح أن المطلوب اليوم هو سياسة تتسم بحد أدنى من التوازن وتقر بالمقومات الأساسية لعملية السلام والتي لخصتها قرارات الشرعية الدولية ومبادئ مؤتمر مدريد. وبغير ذلك، سوف يعيد التاريخ نفسه، وتنزلق جهود إدارة أوباما بما فيها مهمة السيد ميتشل إلى متاهة المناورات الإسرائيلية التي هدفها الثابت والمعروف هو التملص من استحقاقات عملية السلام.

وإذا كان الرئيس أوباما أخفق في إدانة جرائم إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة قبل تنصيبه بحجة أنه غير ذي صفة آنذاك وأن للولايات المتحدة رئيساً واحداً ينطق باسمها، فإن تمسكه بالموقف ذاته بعد تنصيبه لا يؤشر إلى سياسة أميركية خارجية جديدة كان وعد بها أوباما العالم، ما يجعل القلق مشروعا بأن إسرائيل ستكون هي الاستئناء هذه المرة أيضاً حتى مع أوباما.

عدنان علي

About this publication