On Clinton's First Tour

<--

أن تكون آسيا هي هدف أول زيارة خارجية لهيلاري كلينتون وأولويتها الدبلوماسية‏,‏ وليس أوروبا كما هو معتاد‏,‏ فهي في جانب فيها رغبة في التغيير والخروج عما هو تقليدي‏,‏ وتصحيح حالة عدم الاهتمام الكافي بتلك المنطقة خلال عهد بوش‏..‏ فآسيا لا يمكن تجاهلها‏,‏ خاصة أنها مصدر لحالات كثيرة من عدم الاستقرار‏..‏

ثم هي رغبة في التركيز علي منطقة تضم نصف سكان العالم‏,‏ وتوسيع وتعميق العلاقات معها بشكل عام‏..‏ أيضا هي رغبة في أن يكون لأمريكا شبكة من الشركاء الأقوياء عبر المحيط الهادي‏..‏ ومن الواضح أن الأزمة الاقتصادية العالمية هي المحرك الرئيسي وراء الجولة‏,‏ لكنها تأخذ شكلا دبلوماسيا أكثر منه اقتصاديا‏..‏ فلماذا اختارت هيلاري أربع دول بالتحديد لزيارتها‏,‏ هي‏:‏ اليابان‏,‏ وإندونيسيا وكوريا الجنوبية والصين‏.‏

زيارة الحليفة اليابان ثاني اقتصاديات العالم‏,‏ استهدفت طمأنتها بأن العلاقات معها ستظل قوية‏,‏ وأن التحالف معها يجب أن يظل ثابتا‏,‏ وأن الاهتمام بغيرها لا يعني إهمالها‏..‏ وفي كوريا الجنوبية حليفتها وشريكتها التجارية المهمة‏,‏ كان لابد من فتح ملف النشاط النووي لكوريا الشمالية الذي تعتبره واشنطن أكبر التحديات لاستقرار المنطقة‏,‏ وتوجيه تحذيرات لها من أي عمل استفزازي‏,‏ مع تذكيرها بالحوافز الدبلوماسية والاقتصادية الهائلة في حالة تخليها عن برنامجها النووي‏,‏ منها تطبيع العلاقات وإبرام معاهدة سلام دائمة‏..‏

وفي إندونيسيا أكبردولة إسلامية بالعالم وثالث أكبر دولة ديمقراطية كان لابد من إبداء الاهتمام ببناء علاقات مع منطقة جنوب شرق آسيا التي أهملتها الإدارة السابقة‏,‏ بينما غزت الصين تجاريا ودبلوماسيا‏..‏ كذلك إبداء الرغبة في توقيع معاهدة صداقة وتعاون وسلام مع الآسيان والتواصل مع العالم الإسلامي عبر إندونيسيا‏.‏

أما الصين‏,‏ أكثر اقتصاديات العالم نموا والمحطة الرئيسية في الجولة‏,‏ فالهدف منها تحقيق علاقة من نوع جديد تستبعد تماما وصف بكين بالخصم‏,‏ وعلي أن تصبح أهم علاقة ثنائية في العالم خلال القرن الحالي‏..‏ ويكون الحوار فيها شاملا وليس اقتصاديا فقط كما كان سابقا‏.‏ يرتقي لمستويات عليا‏,‏ وشراكة حقيقية وفرصا عديدة للتعاون لمصلحة أمنهما القومي ولمصلحة المنطقة والعالم‏..‏ فالعمل مع بكين ضروري لمواجهة القضايا الدولية الساخنة‏,‏ مثل الأزمة المالية العالمية‏,‏ والتغييرات المفاجئة‏,‏ والبيئة‏,‏ والانتشار النووي وكوريا الشمالية وغيرها‏.‏

إن جولة هيلاري الآسيوية تعد نموذجا لما تطلق عليه القوة الذكية التي تهدف إلي تدعيم علاقات أمريكا الخارجية بكل الوسائل السلمية‏..‏ فهي تعلم أن أمريكا لا تستطيع مواجهة التحديات الدولية وحدها‏,‏ كما أن العالم لا يستطيع مواجهتها بدون أمريكا‏..‏ فهل تنجح هيلاري في تجربتها الأولي؟

About this publication