A Cowardly Nation!

<--

أمة جبناء‏!‏

مجيء الرئيس أوباما للحكم لا يعني أن الأمريكيين تخلصوا من مشاعر العنصرية الكريهة المتأصلة في نفوس البيض والسود معا‏…‏ ذلك برغم ما شهدناه من نشوة عمت أمريكا يوم تنصيبه‏..‏ والدليل علي ذلك ما ظهر علي السطح خلال الأيام الماضية‏…‏ أولا‏,‏ حين لم يجد النائب العام إريك هولدر‏(‏ وزير العدل‏),‏ وهو أول أسود يتولي هذا المنصب الرفيع‏,‏ تعبيرا يصف به الولايات المتحدة سوي أنها أمة جبناء‏,‏ لرفضها مناقشة تاريخها العنصري صراحة‏…‏ وحث العاملين بوزارته علي دراسة التاريخ الأسود‏,‏ أو تاريخ السود الأمريكيين‏,‏ وبدء حوار صريح حول العنصرية‏,‏ وحملهم مسئولية الاعتراف بكل القيود الاجتماعية المفروضة عليهم‏,‏ وكشف مدي الانعزالية بين الأجناس المختلفة‏…‏ فهي لم تتغير عما كانت عليه منذ خمسين عاما‏,‏ كما قال‏…‏ وفي مواجهة لغة الوزير المهينة‏,‏ صدرت صفحات وصفحات طويلة من ردود أفعال شديدة الحدة من جانب المدونين البيض علي الانترنت‏,‏ وردود تكشف مزيدا من المرارة من جانب السود‏,‏ حتي بدت أمريكا‏,‏ وكأنها دولة مقسمة بين الأسبان والسود والآسيويين والبيض‏..

.‏ هي صورة لبلقنة عنصرية وثقافية حية ومزهرة حتي في حكم أوباما‏..‏ تترك الانطباعأن حربا أهلية قد تتفجرفي أي لحظة‏.‏

ثم يأتي الرسم الكاريكاتوري الاستفزازي بصحيفة نيويورك بوست ليصور أوباما كقرد الشمبانزي يطلق عليه البوليس النار‏,‏ ويقف فوق جثته‏,‏ ويقول أحدهما للآخر‏:‏ فليبحثوا عن شخص آخر يكتب لهم مشروعا جديدا لتحفيز الاقتصاد‏…‏ جاء ذلك ليصب مزيدا من الوقود علي النار‏…‏ لم يكن كافيا الاعتذار والدفاع عن الرسم‏…‏ لم يفسره السود باعتباره سخرية من المشروع الاقتصادي‏,‏ وإنما من أوباما الأسود‏…‏ فخرجت المظاهرات‏,‏ ونداءات تطالب المواطنين بمقاطعة الصحيفة تماما‏…‏ وانهمرت المدونات العنصرية علي الجانبين كالسيل تفيض بالكراهية المتبادلة‏.‏

بعد ذلك يأتي نائب ديمقراطي أسود يتهم الجمهوريين بتوجيه لطمة علي وجه السود برفض مشروع أوباما الاقتصادي لأنه يخدم السود اساسا‏…‏ فهم من يعانون البطالة والطرد من البيوت‏,‏ ووسط هذه المشاعر المشحونة تأتي ميشيل أوباما بتلاميذ مدرسة فقيرة للسود‏,‏ وتدعوهم علي غداء وفسحة بالبيت الأبيض لتلقنهم درسا في التاريخ الأسود للسود وتحفزهم علي الكفاح من أجل تحقيق ما حققته هي وزوجها‏…‏ هي لفتة إنسانية في توقيت غير مناسب‏…‏ فهناك أزمة عنصرية حقيقية داخل المجتمع الأمريكي‏,‏ وعلي الأمريكيين التعامل معها بتعقل وقلب مفتوح قبل أن ينفلت العيار في وقت لا تتحمل أمريكا فيه المزيد‏.‏

About this publication