Saudi Arabia and the United States: End in Sight of a Honeymoon

<--

دشن فوز اوباما برئاسة الولايات المتحدة حقبة جديدة في التعامل مع منطقة الشرق الاوسط رغم ان الخطوط العريضة للسياسة الخارجية الامريكية تظل مرتبطة بمصالح الولايات المتحدة وحاجتها الداخلية للامن والاقتصاد والرفاهية اذ ان ليس للولايات المتحدة اصدقاء دائمون واعداء دائمون فسياستها ترسمها المصالح الكبرى للدولة ذاتها ولا تختلف الاحزاب الامريكية على هذا بل هي تختلف في بعض جزئيات تنفيذ الاحلاف التي تخدم المصلحة العامة والاستراتيجية التي تضمن المصلحة العليا للطبقة الحاكمة الامريكية والمرتبطين بها شعبيا. وبما ان الاكثرية قد صوتت للحزب الديمقراطي يعتبر نجاح اوباما ومشروعه السياسي الخارجي هو المسنود من قبل الاكثرية الامريكية.

وفي مشروع اوباما الجديد بتفاصيله القديما بأهدافه المتصلة بالمصلحة الامريكية العامة نجد ان هناك تركيزا اوليا شاملا لهذه الادارة على الازمة الاقتصادية وتبعاتها وكيفية معالجتها. ومن هنا اصبحت السياسة الخارجية مرتبطة بفك طلاسم الازمة التي بدأت في الولايات المتحدة وانتشرت بسرعة فائقة الى بقاع العالم. لقد كرر الرئيس الامريكي ووزيرة خارجيته السيدة هيلاري كلينتون ان الهم الاول والاخير هو معالجة الوضع الاقتصادي الداخلي وتجنيد السياسة الخارجية من اجل هذا الهدف. ومن هنا اتت الزيارة الامريكية للصين والتعاطي مع روسيا بشكل اكثر ليونة مما سبق من اجل تحقيق حشد المساعدة العالمية لحل ازمة امريكية لها ابعاد عالمية مهمة. ومن هنا نستنتج من خلال قراءة سريعة لتحولات السياسة الامريكية ان الادارة الجديدة غير قادرة على خوض حروب باهظة الثمن ومشاريع عسكرية فاشلة. وكل ما تستطيع القيام به هذه الادارة هو استيعاب الازمات وليس حلها وبذلك تستطيع ان تكرس جهدها للوضع الاقتصادي الذي يتطلب ضخ اموال طائلة في سبيل الخروج من الازمة. وقد تجلى ذلك واضحا في رغبة الادارة الامريكية الملحة بايجاد مخرج للازمتين العراقية والافغانية. وقد حاولت الادارة الامريكية السابقة ان تجند السعودية في سبيل الوصول الى حلول ولو آنية للمعضلتين ولكنها وجدت قدرة السعودية محدودة. فهي فشلت في مبادرات المصالحة بين الاطراف العراقية المتناحرة ومحاولات الحوار بين كرزاي وطالبان والتي لم تنتج عن شيء ايجابي بل تزايدت ضربات طالبان والتي تسيطر على مساحات شاسعة في افغانستان رغم الوجود العسكري الاجنبي المكثف. لقد أدركت الادارة الامريكية من خلال التجربة ان المؤهلات السعودية قاصرة على اعطاء النتائج المرجوة. وهذا ايضا ينطبق على أزمتي لبنان وفلسطين وفي كلتيهما لم تستطع السعودية ان تحتضن حوارا يؤدي الى نتيجة مقبولة امريكيا. ويبدو ان الادارة الجديدة اكتفت بانجازات النظام السعودي المحلية والتي استهدفت القضاء على التيار الجهادي ولو في المرحلة الحالية وكذلك انجازاته على صعيد التغيير الديني الذي فرضته عليه كاصلاح النظام التعليمي والانفتاح المزعوم على الاديان وتحجيم التيارات الدينية وتقليم أظافر الهيئة المشهورة وبعض التعديلات القضائية التي ستؤدي الى تقنين الشريعة وانهاء للاحتكار المفروض عليها من قبل اعضاء المؤسسة الدينية. وقد اقتنعت الادارة الامريكية ان ادخال السينما والمسرح خير وسيلة لمكافحة الارهاب في الامد البعيد مع استمرار عمليات القمع والارهاب المركزي الذي يخلط الحابل بالنابل ويحد من الحراك السياسي ويفكك قدرته على المواجهة والذي تقوم به اجهزة الدولة المختلفة الثقافية والدينية والاعلامية والامنية. واستجابت الدولة لدعوات ابراز العنصر النسوي على مسرح الاحداث فساقت النساء الى مؤتمرات عالمية ومحافل اقتصادية وثقافية وتوج التوجه الجديد بتنصيب امرأة في مركز نائب وزير لتحظى بذلك الدولة باهتمام اعلامي عالمي يكرس اسطورة الاصلاح المزعوم.

فمن وجهة نظر الادارة الامريكية قامت السعودية بالدور المطلوب وانتهت قدرتها على تقديم المزيد ومن هنا جاء تحول اهتمام الادارة الامريكية الى الشأن الايراني والذي قد تنخرط به هذه الادارة من باب اعادة تفعيل الدور الايراني في المنطقة. لن تستطيع الادارة الامريكية ان تقلص هذا الدور او تلغيه لان الوقت قد فات ولا يمكن تحجيم ايران في هذه المرحلة. لذلك نجد ان خيارات امريكا هي احتضان الدور الايراني حتى لو اقتضى ذلك فتح حوار علني مع ايران وحلفائها. وهناك حديث يجري حاليا في اروقة مراكز الابحاث التي تقدم النصائح للادارة الامريكية عن اهمية تجاوز الشخصيات القائمة على الشأن الخارجي في ايران والتوجه مباشرة الى المرشد العام. ورغم وجود صعوبات يجب تجاوزها قبل ان تبدأ حلقات الوصل والاتصال الا ان بعض النصائح تتضمن مثل هذه الخطوة. ولن تفعل امريكا ذلك الا لانها فقدت ايمانها العميق بحليفها القديم وهو الطاقم السعودي الحاكم والذي قد يوضع على الرف خلال الفترة القصيرة القادمة بينما تنشغل امريكا في احتواء ايران والتعجيل في التقرب منها في سبيل المساعدة في تهدئة البؤرة الساخنة الخطيرة في افغانستان. ومما يعجل في المحاولات الامريكية هو كون باكستان الحليف القديم ايضا ربما يحتاج الى اعادة نظر في قدراته واهميته للسياسة الامريكية. لقد تحولت السعودية اليوم الى عامل غير فعال بل هو من منظور الادارة الجديدة يشكل عبئا عليها امام جمهورها المحلي وبما ان الاقتصاد العالمي اليوم قد فقد شهيته وشجعه اتجاه استهلاك النفط والذي تهاوت اسعاره منذ الصيف الماضي حيث تعتبر الولايات المتحدة توفر هذه السلعة ليس بالامر المهم الذي يحتاج الى ضغط على السعودية من اجل زيادة الانتاج طالما بقي الاستهلاك منخفضا تحت ظل الازمة الاقتصادية العالمية. وقد استبق النظام السعودي سيناريو تهميشه لصالح ايران من قبل الولايات المتحدة عندما نشر تركي الفيصل رسالته الى الادارة الامريكية على صفحات ‘الفايننشل تايمز’ ولم تكن هذه الرسالة الا نداء من غريق يهدد ويتوعد بسحب مبادرات قديمة ونفاد صبر امام عدم مبالاة عالمية بأهمية المشروع السعودي للسلام. وما الاستفاقة السعودية المتأخرة والتي بدأت بعد مؤتمر الكويت وتمخضت عن رحلات مكوكية بين عواصم عربية الا محاولة بائسة لحشد العرب الذين وقعوا في خانة العداء للسعودية والجفاء والقطيعة مع مشاريعها السابقة. وان كانت الادارة الامريكية الجديدة تخطط لعملية تقارب مع ايران من اجل استيعاب الازمات في افغانستان اولا وفلسطين ثانيا ستجد السعودية نفسها الحليف المنبوذ والمجمد حاليا. وليس من الغريب ان تشعر بحالة رعب عبرت عن نفسها من خلال رسائل العتب المبطن حينا والتهديد والوعيد بالتراجع عن الاعتدال المعروف عنها والتهدئة السابقة حينا آخر. وليست الولايات المتحدة الوحيدة في موقفها من السعودية الذي يبتعد عن الود المعهود سابقا بل ان بريطانيا هي ايضا تمر بحالة مراجعة لمواقفها حينما صرحت بفتح باب الاتصال مع الجناح السياسي في حزب الله وربما يكون ذلك من باب الغزل غير المباشر مع ايران وليس من باب المحبة الفجائية. السياسات الخارجية للدول الغربية لا تقوم ولم تقم يوما على مبادئ ثابتة بل هي تعتمد على استراتيجيات متنوعة ومتضادة بعض الاحيان حسب مبدأ النفعية وان كان لها مبدأ واحد فهو مبدأ الحفاظ على المصلحة القومية وان اختلفت استراتيجيات الاحزاب المتناحرة والمتنافسة. وكما تحالف تشرشل مع من اسماه بالشيطان ويقصد هنا ستالين وآخر اسماه صليب اللورين ويقصد بذلك ديغول من اجل مصلحة بريطانيا تحت ضغط الحرب العالمية الثانية ومواجهة النازية سنجد ان الولايات المتحدة والتي لا تربطها علاقة ود أزلية مع ايران او السعودية قد تكون مستعدة لان تختار الحليف المناسب في اللحظة المناسبة. وعلاقاته اقرب ما تكون بزواج المتعة وليس الزواج الكاثوليكي ستنتهي مدة احدهما في المستقبل القريب ويتم بعد ذلك الانخراط في عقد جديد. وفي واجهة هذا الوضع ما هي خيارات نظام سعودي ادى مهمته امام الدولة الحامية للعرش؟ ليس للمحميات خيارات مصيرية ولكن هناك بعض الخطوات التي ممكن ان تقدم عليها الانظمة الضعيفة امام دولة كبيرة كالولايات المتحدة وايران اهمها هو تبين الخطاب التصادمي مع الولايات المتحدة من خلال رسائل الامراء لواشنطن تماما كما حصل او تجييش الشارع المحلي وفتح المجال امامه من اجل الفضفضة السياسية عن طريق التلويح بشعارات العداء وقد تلجأ السعودية الى لعبتها المعهودة التي تغازل بها الغرب وهي ‘إكتشاف’ اسلحة مخبأة هنا وهناك واوكار ارهابية في البيوت والأزقة ومن ثم اصدار لوائح للمطلوبين. ولن نستغرب ان هي اعلنت عن اكتشاف خلايا مسلحة تربطها علاقات مع القوة الاخرى على شاطئ الخليج المقابل. مثل هذه الاعلانات كفيلة بارسال ذبذبات خفية للاجهزة الغربية التي ترصد الوضع السعودي بشكل متواصل وعميق وتجعلها تتكهن بمستقبل منابع النفط والتي لا تزال مهمة رغم انخفاض الطلب حاليا.

صعود ايران الى هرم الاهتمامات الامريكية كعضو فعال في تهدئة الجبهة الافغانية حاليا واعتماد الجيش الامريكي على النفط الايراني المصدر الى هذا البلد هما بداية لدخول الطرفين في عملية حوار لن تكون مبنية على الحب والمودة وانما على مصالح مشتركة. لقد فرضت ايران نفسها على الساحة ولها اليوم الخيار في ان تدخل في علاقة ولو محدودة وآنية مع الشيطان الاعظم بينما فقدت السعودية هذا الخيار منذ زمن بعيد وليس لها سوى ان تنتظر تجديد علاقة مشبوهة قائمة على وصال مرحلي لم تباركه شرائح اجتماعية واطياف مختلفة في الداخل السعودي.

‘ كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية

www.madawialrasheed.org

About this publication