Renewing the Iraqi Resistance’s Mechanisms Against American Colonialism

<--

تجديد آلية عمليات المقاومة العراقية ضد الاستعمار الامريكي

ffتجديد آلية عمليات المقاومة العراقية ضد الاستعمار الامريكيfff

هيفاء زنكنة

ان الكتابة عن ‘المصالحة الوطنية’، التي أطلقها نوري المالكي، رئيس ما يسمى بالحكومة العراقية، مضيعة للوقت لأنها أطلقت وسقطت ودفنت مع بقية مبادرات الاحتلال المشرعنة لديمومة الاحتلال على اختلاف مراحل عمليته السياسية.

وينطبق الشيء ذاته على لقاء فرد من ‘معارضة الخارج’ مع المالكي، وخروجه بعد اللقاء لالقاء التصريحات الصحافية واجراء المقابلات بصيغة الجمع الكبير. اذ يكفي المواطن العراقي ما يمر به من كوارث جراء لقاءات ‘معارضة الخارج’ مع سادة المالكي، في الفترة السابقة للغزو، بدءا من الجلبي ومكية وانتهاء بالحكيم وحميد مجيد موسى. وما يجري حاليا لا يختلف كثيرا في جوهره عن السابق باستثناء كونه ترويجا سريعا وبسعر مخفض لبضاعة يدرك باعتها بانها تشارف على انتهاء مدة صلاحيتها للاستخدام.

لذلك فان الكتابة عن تفاصيل ‘المصالحة الوطنية’ الزائفة والاهتمام بمن وماذا ولماذا وكيف، هو انغمار، قد يكون لاواعيا بالنسبة الى البعض، في سياسة التعتيم على ما يجري حقا على الارض العراقية، من جرائم الاحتلال البغيض وقمعه واستشراء فساده، والاهم من ذلك كله، انه انغمار في التعتيم المنهجي على مقاومة الشعب العراقي الوطنية، وتقديم صورة اعلامية مضللة عن اولويات الناس بانها تقتصر على مشاركة فلان او علان في العملية السياسية أو عدمها. وتضيع الحقيقة ومسؤولية مرتكبي الجرائم ومحاسبتهم بل والتساؤل عمن سبب مقتل مليون عراقي وهجر الملايين وانتهك اعراض النساء وخرب ونهب البلاد في ضجة المهاترات المصطنعة ولعبة التعبير عن الرأي والديمقراطية في الوقت الذي تواصل فيه حكومة الاحتلال سياستها الطائفية والعرقية عمليا.

وتساهم معظم اجهزة الاعلام العراقية والعربية في صناعة التضليل الاعلامي لصالح المحتل وضد المقاومة العراقية بدرجات مختلفة. وعلينا ان نعترف باننا ازاء عدو تعلم كيف يقدم وجبة طعامه الفاسدة بعد ان يغرقها بالتوابل. فبمساعدة اجهزة الاعلام المتواطئة، مصلحة أو حرصا على وجوده، تم غسل مفردات الاحتلال وجيش الاحتلال وجرائمه والاتفاقية الامنية طويلة الامد لتقدم بشكل نظيف باعتبارها قوات متعددة الجنسيات واتفاقية جلاء القوات. وصارت مفردة المقاومة وذكر عمليات المقاومة ضد الاحتلال كفرا تم تحريمه بفتوى الامبريالية الامريكية الشاملة، بينما تشجع الفتوى كل سياسي ومذيع وكاتب على الحديث عن القبول بالامر الواقع أي الاحتلال عن طريق التشكيك بقدرة الشعب على مواجهته.

لقد اثبتت سنوات الاحتلال الست المريرة بان الحديث الذي يجب ان يتصدر كل برنامج يعالج ما يجري في العراق المحتل هو حديث المقاومة المسلحة. والمفردة التي يجب ان تسبق كل خطاب هي لفظة المقاومة. والكتابة التي يجب ان تكون لها الاولوية على الاولويات هي الكتابة عن المقاومة. ان مقاومة المحتل هي تحرير النفس من عبودية الاستسلام للامر الواقع، انها امتلاك المبادرة والعمل الجماعي معا، انها لحظة التغيير باتجاه العدالة للجميع.

لمواجهة المقاومة، عندما يفشل العدو في القضاء عليها، يستنبط العدو بين الحين والآخر، تسميات جديدة تمنحه فسحة للتنفس قبل ان توجه اليه المقاومة ضربة جديدة. فهو مضطر بسبب فشله للتوقف ليغير من مظهره ويجذب اليه طبقة جديدة من العبيد والمستخدمين. فلكل مرحلة تكتيك ولكل تكتيك وجوه تتغير مع الحرص على اضافة اسم جديد هنا واسم جديد هناك.

وتدل عمليات المقاومة، في فترات زهو المحتل وعملائه بنجاحهم في اخضاع الشعب العراقي، بانها تتميز بثلاث ميزات اساسية. الميزة الاولى، انها القوة الوحيدة الفاعلة لتحقيق رغبة الشعب العراقي في التخلص من الاحتلال والاستعمار الجديد والمحافظة على وحدته ووحدة وطنه واستعادة كرامته. الميزة الثانية هي ان المقاومة المسلحة المستهدفة للعدو الامريكي والبريطاني مستمرة، جنبا الى جنب، مع بقية اشكال المقاومة الاخرى ومنها السياسية والاعلامية والأهلية والثقافية. وان عدد القتلى من قوات الاحتلال الامريكي في الأشهر الستة الأخيرة، بضمنها كانون الاول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير يزيد على عدد قتلاهم في افغانستان للفترة ذاتها. اذ بلغ، في عام 2008، عدد القتلى من قوات الاحتلال الأمريكي في العراق 314 مقابل 155 في افغانستان.

وفي الشهرين الأخيرين بلغ العدد 32 عسكريا أمريكيا في العراق ومثل هذا العدد تماما في أفغانستان. ولا تشمل هذه الأرقام جنود البطاقة الخضراء والمتعاقدين أو المرتزقة. مما يبين بان الرئيس الامريكي اوباما، الذي بنى نجاحه الانتخابي على التغيير، سيصبح حبيس تركة نظام بوش ووعوده بالتغيير الزائف. أما الميزة الثالثة فانها قدرة المقاومة على تجديد اساليبها بديناميكية لاتزال تذهل العدو على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي تواجهها في حربها ضد اعتى جيوش العالم واكثرها عدة وعتادا.

وبالامكان مشاهدة افلام للعمليات المذهلة على اليو تيوب. وفيها نرى المقاوم الشجاع، الحريص على نجاح العملية ضد العدو وعلى سلامة أهله الابرياء، خلافا لما يصرح به العدو بان المقاومة مسؤولة عن قتل وتفجير الضحايا من المدنيين، يقترب الى اقصى حد ممكن من آلية العدو من مدرعات او دبابات ثم وبحركة سريعة يرشقها بقنبلة تصيبها، مباشرة، لتجعلها تتطاير بمن فيها في فضاء العراق غير القابل للاستعباد. ان اقتراب الشاب المقاوم من آليات العدو بأسلحتها المتقدمة تقنيا وجنودها المدربين باحدث الطرق كسر عملي لنظرية عملاء الاستعمار في القبول بالامر الواقع وعجز الشعوب عن مقاومة محتليها . ان الشاب الذي يقترب بجسده من آليات العدو الفولاذية مسلحا بعزيمته وايمانه لن يستسلم ما لم يحقق ما يريد لنفسه ولشعبه. لقد تجاوزت عمليات المقاومة الوطنية المسلحة الآلاف، منذ عام 2003 وحتى اليوم، كما تجاوز المقاتلون نقاط تفتيش العدو ومخابراته وعيون عملائه والجدران المبنية حول المناطق والمدن وكلاب الحراسة واجهزة فحص القزحية.

ووصل المقاتل باساليبه المختلفة الى عمق معسكرات العدو وجحره الاخضر المحصن مثل قلاع القرون الوسطى ليوصل اليه معنى ان يقاتل المرء من اجل وطنه وشرفه وكرامته وقيمه الاخلاقية والمجتمعية. ومعنى ان يدافع عن حقه واستقلاله.

ان المبادرة التي يجب ان يتحدث عنها السياسيون والمثقفون والاعلاميون العراقيون والعرب، ويبحثون في تفاصيلها وكيفية تشجيعها ومساندتها، هي مبادرة المقاوم العراقي المعتمد على ابسط الطرق واكثرها بدائية في محاربة المستعمر، في صناعته لسلاحه وحمايته اسرته واهل بلده، في نجاحه في ايقاف التوسع الامبريالي الجشع وخلق توازنات جديدة لا في العراق وحده بل في امريكا وبريطانيا والدول المجاورة. أما ما يطلقه المالكي وغيره من دعاة عملية الاحتلال السياسية، سواء من داخل او خارج العراق، فهو مجرد عبث.

‘ كاتبة من العراق

About this publication