America: An Era of Reconciliation?

<--

مطلوب قرار جرئ

يضع الرئيس الأمريكي حاليا اللمسات الأخيرة لما سيطلق عليه عقيدة أوباما ـ تتضمن أفكاره وقناعاته في السياسات الخارجية والعسكرية ـ وذلك قبل أن يتوجه نهاية الشهر الحالي إلي أوروبا‏..‏ وهناك سيطرح رؤيته أمام الحلفاء والأصدقاء في المؤتمر الدولي حول أفغانستان‏,‏ وفي احتفالات العيد الستين لحلف الأطلنطي‏,‏ واجتماعات الاتحاد الأوروبي‏,‏ وفي زيارة لتركيا‏..‏ ومن المتوقع أن تتأثر عقيدته العسكرية والسياسية بشدة بأزمة الاقتصاد الأمريكي وحقائق الأوضاع المتردية في الجيش بعد ثماني سنوات من الحروب الممتدة‏..‏ أي أنها قد تميل لسياسات واقعية عملية تضع مصالح أمريكا وظروفها فوق أيديولوجياتها‏..‏ وقد لا يكتفي أوباما بالغاء مبدأ عسكري يزيد عمره علي عقدين‏,‏ يسمح بخوض حربين في وقت واحد‏..‏ بل قد يطمح في ألا تلجأ بلاده لأية حلول عسكرية لتحقيق أهدافها الخارجية‏..‏ ولكن إذا ما اضطرت للحرب‏,‏ فيكون ذلك بمساندة الحزبين بالكونجرس‏,‏ والعمل مع الحلفاء والأصدقاء‏,‏ وتكون هناك أهداف محددة للحرب‏,‏ توضع تكلفتها ومخاطرها في الميزان‏,‏ وإبلاغ الشعب الأمريكي بتفاصيلها‏.‏

وبالنسبة للوضع الحالي بأفغانستان‏,‏ قد يلجأ أوباما إلي خوض العمليات العسكرية برغم رفض طالبان دعوته للحوار‏..‏ ويبدو أن لديه رغبة غير معلنة في الرحيل بمجرد ضمان عدم عودة طالبان لحكم البلاد‏,‏ وضمان محاربة القاعدة بمعاونة القبائل‏,‏ ومساعدة باكستان ماليا وعسكريا لتمكينها من السيطرة علي حدودها‏..‏ أما الانسحاب من العراق فسيتم وفق جدول زمني حذر‏..‏ ومن المفترض أن يضع البنتاجون هذه التوجهات في الاعتبار وهو يعيد النظر في استراتيجيته العسكرية في ضوء تجارب العراق وأفغانستان‏,‏ والمخاطر المتوقعة‏,‏ ونوع الحروب التي يمكن التورط فيها مستقبلا‏,‏ وهو ما يتطلب إعادة بناء الجيش‏.‏

سياسيا‏,‏ يعطي أوباما الانطباع بأنه منفتح علي الحوار‏,‏ يريد التعامل مع العالم كما هو وليس كما يجب أن يكون‏,‏ حريص علي التقارب دبلوماسيا مع دول كان يصفها بوش بمحور الشر‏..‏ لن يمانع في التفاوض مع إيران وسوريا حول قضايا الشرق الأوسط الساخنة‏..‏ وسيحرص علي التفاهم مع روسيا‏,‏ وبذل جهود مجددة مع كوريا الشمالية‏..‏ ولكن ليحذر البعض من اعتبار ذلك ضعفا يمكن استغلاله‏..‏ فهو لا يعني أن أوباما سيلتزم بدبلوماسية مثالية ناعمة علي طول الخط‏,‏ بدليل أن هناك عقوبات مشددة جديدة علي كوريا الشمالية‏..‏ وهناك اتهام من الرئيس الروسي لأمريكا والناتو بتكثيف وجودهما العسكري عند حدود روسيا‏..‏ وهناك ردود جاهزة لا تخلو من المواجهة العسكرية إذا لزم الأمر‏..‏ فهل يستفيد العالم من مرحلة تمد فيها أمريكا يد المصالحة؟

About this publication