اوباما ولغته التصالحية
ffاوباما ولغته التصالحيةfff
رأي القدس
اختيار الرئيس الامريكي باراك اوباما لتركيا لتكون أول دولة اسلامية يزورها ويوجه من أرضها رسالة تصالح الى العالم الاسلامي، اختيار ينطوي على قدر كبير من الاهمية. فتركيا باتت من القوى الاسلامية الرئيسية في العالم، واستطاعت ان تطور تجربة ديمقراطية وانمائية فريدة من نوعها، حيث حققت خليطاً متميزاً في التعايش بين اضلاع المثلث العلماني والاسلامي والديمقراطي على أرضية اقتصادية راسخة.
رسالة الرئيس اوباما التي عرضها في خطابه بالأمس حرصت على التأكيد بأن الادارة الامريكية الحالية تريد فتح صفحة جديدة مع العالم الاسلامي تقوم على المصالح والاحترام المتبادلين، والتفريق بين الاسلام كعقيدة سماوية وبعض الجماعات المتشددة التي تمارس العنف.
الرئيس الامريكي وباختصار شديد بذل جهداً كبيراً للتمييز بين ادارته الحالية والادارة السابقة التي بذرت بذور الكراهية في العالم الاسلامي بحروبها ومجازرها، خاصة في افغانستان والعراق، ومساندة العدوان الاسرائيلي على لبنان والحرب الاخيرة على قطاع غزة. فقد تحدث عن جذوره الاسلامية، واقامته في اندونيسيا وكأنه يريد ان يقول بانه يفهم المسلمين وقضاياهم اكثر من غيره من الحكام الامريكيين السابقين.
انها بداية طيبة دون أدنى شك، تنطوي على لغة مختلفة، ونوايا تصالحية، فالرئيس اوباما لم يستخدم تعبير ‘الحرب على الارهاب’ الذي ابتدعته الادارة السابقة، وابتعد كلياً عن ‘غرور القوة’ الذي اتسمت به، وطبع سياساتها تجاه العالمين العربي والاسلامي.
الكثيرون في العالم الاسلامي سيطربون لمثل هذا التغيير، ولكن السؤال الذي سيظل يدور في أذهانهم، هو عما اذا كان هذا الكلام الجميل سيحول الى افعال، ام انه سيظل في خانة الكلام فقط.
الرئيس اوباما تحدث عن التزامه بحل الدولتين، دولة فلسطينية مستقلة الى جانب دولة اسرائيل، وشدد على مساندته لخريطة الطريق وعملية السلام التي انطلقت من مؤتمر انابوليس، وهي التزامات لقيت ترحيباً من قبل السلطة الفلسطينية في رام الله، ولكن السؤال هو عما اذا كان سيتخذ خطوات عملية لترجمة هذه الوعود على الارض وبالسرعة المطلوبة.
ادارة الرئيس جورج بوش السابقة تعهدت مرتين بقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، الاولى قبل انتهاء عام 2005 والثانية قبل انتهاء فترتها الثانية في الحكم بنهاية عام 2008. وفشلت في المرتين في تطبيق هذه الوعود، بل دعمت سياسات الحكومة الاسرائيلية في توسيع المستوطنات وبناء السور العنصري العازل وحصارها لقطاع غزة وبعد ذلك حربها الوحشية عليه.
الملف الفلسطيني الملح ربما يكون الاختبار الاول للرئيس اوباما، واي تلكؤ في هذا الاطار سيؤدي الى تأكيد الشكوك في قدرته على التغيير على صعيد سياسة بلاده الخارجية، اما الامتحان الاخطر والاهم فهو المتعلق بالبرنامج النووي الايراني، فمن الواضح ان ايران لن تتخلى عن هذا البرنامج ولن تقبل بالعرض الامريكي بحوافز اقتصادية وسياسية، فماذا سيفعل؟ هل سيرضخ لعمليات الابتزاز والتحريض الاسرائيلية، ويلجأ للخيار العسكري المكلف جداً، ام سيتحلى بالصبر، ويقبل بايران عضواً في النادي النووي العالمي؟
الاشهر المقبلة ستجيب عن جميع هذه الاسئلة، وستكشف عما اذا كان الرئيس باراك حسين اوباما سيجتاز اختبارات العالم الاسلامي المليئة بالالغام شديدة الحساسية.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.