Clinton’s Provocative Conditions for Hamas

<--

شروط كلينتون الابتزازية لحماس

ffشروط كلينتون الابتزازية لحماسfff

رأي القدس

بدأت السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية تكشف بشكل متدرج عن سياسة حكومتها تجاه العديد من القضايا، وخاصة قضية الصراع العربي الاسرائيلي، حيث أعلنت امس انها لن تتعامل مع أي حكومة فلسطينية تضم حركة المقاومة الاسلامية ‘حماس’ ما لم تلتزم هذه الحركة بالشروط الدولية الأساسية، وهي نبذ العنف، والاعتراف باسرائيل، والوفاء بالالتزامات السابقة للسلطة الفلسطينية.

مطالب السيدة كلينتون هذه تبدو تعجيزية، وتعكس رغبة الادارة الحالية في فرض الشروط الاسرائيلية على اي حكومة وحدة وطنية فلسطينية، وبما يؤدي الى استبعاد حركة ‘حماس’ منها كلياً، الأمر الذي سيؤدي حتماً الى نسف الحوار الفلسطيني الحالي، وتشجيع الحكومة الاسرائيلية الحالية على اجتياح قطاع غزة مجدداً على أمل النجاح فيما فشلت فيه الحكومة السابقة، اي انهاء وجود الحركة، والقضاء على جميع فصائل المقاومة الأخرى.

السيدة كلينتون وهي تضع شروطها هذه لم تقل كلمة واحدة عن المقابل الذي ستحصل عليه الحكومة الفلسطينية في حال تجاوب ‘حماس’ مع هذه الشروط، وما هي الخطوات التي يمكن ان تتخذها الحكومة الامريكية في حال رفض نظيرتها الاسرائيلية التجاوب مع المطالب الدولية بالقبول بحل الدولتين، ووقف جميع الأنشطة الاستيطانية وتطبيق خريطة الطريق فوراً.

السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس لبت جميع الشروط الامريكية المذكورة، ونبذت العنف تماماً وجرمته، واعترفت باسرائيل رسمياً، والتزمت بكل الاتفاقات الموقعة، ورغم ذلك ما زالت الضفة الغربية محتلة، وتمزقها المستوطنات والطرق الالتفافية، وتشل اقتصادها وحركة مواطنيها مئات الحواجز الأمنية.

كنا نأمل ان توجه السيدة كلينتون، وهي الخبيرة بملف الصراع العربي الاسرائيلي، انتقاداتها الى الطرف الاسرائيلي، لا الى ضحايا احتلاله وعدوانه، فالحكومة الاسرائيلية الجديدة تضم عتاة العنصريين والمتطرفين، ومعظم وزرائها لا يعترفون بحل الدولتين، ويؤيدون التوسع الاستيطاني، ويطالبون بطرد العرب من الدولة العبرية، ويصرون على اعتراف الفلسطينيين بطابعها اليهودي الصرف قبل الدخول في أي حوار معهم.

فلماذا يحق للاسرائيليين تشكيل حكومة من غلاة العنصريين المتطرفين، امثال افيغدور ليبرمان وزير الخارجية، ولا يحق للفلسطينيين تشكيل حكومة تضم حركة فلسطينية منتخبة بطريقة ديمقراطية التزمت بالتهدئة، وأعربت عن استعدادها لتوقيع هدنة طويلة الأمد مع الدولة العبرية؟

العنف الذي تمارسه ‘حماس’ والفصائل الفلسطينية الأخرى، وتشترط السيدة كلينتون نبذه، هو مقاومة مشروعة لاحتلال ظالم يرفض الاعتراف بالشرعية الدولية وقراراتها، ويرتكب جرائم حرب ضد الانسانية، وتطهيراً عرقياً، موثقة وقائعها جميعاً في سجلات منظمات حقوق الانسان العالمية.

كان الأحرى بالسيدة كلينتون ان تلزم اسرائيل اولاً وهي الدولة الديمقراطية المتحضرة وفق التوصيف الامريكي، بالالتزام بالاتفاقات الموقعة مع السلطة والعمل على تنفيذها دون تلكؤ قبل مطالبة حركة ‘حماس’ بالشيء نفسه، فحركة ‘حماس’ لم تقل مطلقاً انها ممثلة الحضارة الغربية في المنطقة، مثلما تفعل اسرائيل وتجد من يصدقها ويصفق لها في اوروبا وامريكا.

حركة ‘حماس’ يجب ان لا تلتزم بأي من الشروط الابتزازية هذه التي تطرحها السيدة كلينتون، لأن الادارة الامريكية بمثل هذه المواقف المزدوجة تفقد صفة الوسيط النزيه، وتؤكد انحيازها الى الطرف الاسرائيلي، فعندما تثبت هذه الادارة حيادها ونزاهتها ومصداقيتها، والتعامل مع جميع الأطراف على أسس متساوية، يمكن بعد ذلك الاستماع اليها، والتفاوض معها، ومناقشة مطالبها.

منظمة التحرير الفلسطينية تعرضت لأكبر خديعة في التاريخ الحديث، عندما صدقت الادارات الامريكية والتزمت بشروطها، وانتهت الى هذه النهاية البائسة التي نراها حالياً، فلا هي أقامت الدولة على خمس الأرض الفلسطينية التاريخية، كما نصت اتفاقات اوسلو التي وقعتها، ولا هي ظفرت بالحكم الذاتي، وكل ما خرجت به هو ‘سلطة’ اكثر سوءاً من روابط القرى.

About this publication