Has America Become an Islamic Country?

Edited by Robin Silberman


<--

فى المؤتمر السنوى لمركز دراسات الإسلام والديموقراطية، الذى انعقد فى العاصمة الأمريكية واشنطن فى أوائل مايو الحالى، كان المتحدثان الرئيسان فى حفل العشاء هما النائب الديموقراطى عن ولاية منيسوتا، كيث أليسون، ووزير خارجية جمهورية المالديف، د. أحمد شهيد.

وقد أسس مركز دراسات الإسلام والديموقراطية الدكتور رضوان المصمودى، التونسى- الأمريكى، منذ عشر سنوات. ود. المصمودى نفسه بدأ حياته العملية كمهندس فى مجال «المخلوقات الآلية» (Robotics) حيث تخرج فى أشهر جامعة تكنولوجية فى العالم، وهى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا قبل عشرين عاماً، وكان من الرواد فى هذا المجال الجديد، وأنجز فيه الشىء الكثير.

ولكن مع نهاية الحرب الباردة (١٩٩٠) ظهرت نغمة جديدة فى الغرب عموماً، والولايات المتحدة خصوصاً، فحواها «البحث عن عدو جديد». وأخذت هذه النغمة ثوباً أكاديمياً على يد عالم السياسة الأمريكى صموئيل هينتجنتون، الذى نشر دراسة بعنوان «صدام الحضارات» (clash of civilization)، ادعى فيها أن الإسلام والمسلمين هم المُرشح الأول للاصطدام بالحضارة الغربية المسيحية، لسبب أساسى هو أن الحضارة الإسلامية تعادى حُرية الفكر والتعبير، والحريات الأساسية الأخرى،

وأنه لهذا السبب لم تجد الديموقراطية لها تربة خصبة فى «دار الإسلام»، وهو ما فسر من وجهة نظر صموئيل هينتجنتون ندرة أنظمة الحكم الديموقراطية فى البُلدان ذات الأغلبية المسلمة.

وأقلقت هذه المقولات كثيراً من المسلمين، ومنهم د. رضوان المصمودى. ولأنه مهندس وعالم فقد قرر أن يُترجم هذا القلق إلى برنامج بحثى مُنظم، فترك عمله فى مجال برمجة المخلوقات الآلية، وأنشأ مركزاً جديداً لدراسات الإسلام والديموقراطية، ليس فقط لاختبار نظرية هينتجنتون حول صدام الحضارات،

ولكن أيضاً لدراسة أساسيات الدين الإسلامى، كما يفهمه المسلمون المُعاصرون، من إندونيسيا إلى المغرب. ولم تكن أهداف المركز الجديد لا “الاعتذار” ولا «التبرير»، ولا الدفاع القبلى. ولكن المعرفة للكيفية التى فهم أو يفهم بها المسلمون المُعاصرون دينهم، ومكان قيم «الحُرية»، و«المُساواة»، واحترام «الآخر»، و«المُشاركة فى شؤون المجتمع والدولة». وهذه النهاية هى ركائز الديموقراطية فى الغرب وفى العالم.

وحتى إذا لم تكن هناك نصوص صريحة أو ضمنية تؤكد احترام هذه القيم، وما تنطوى عليه من سلوكيات، فهل فى القرآن الكريم أو السُنة النبوية ما يُناقض أو يتعارض مع هذه القيم. فإذا كان الأمر كذلك، فإن مركز دراسات الإسلام والديموقراطية، يقوم بتبيان هذا الأمر. وفى كل الأحوال فإن المركز يقوم بدعم هذه القيم ونشرها بكل الوسائل السلمية.

وكان الموضوع العام الذى اندرجت تحته أوراق وأبحاث ومناقشات المؤتمر هو «كيفية تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة والمسلمين». ومن هنا كانت كلمة عضو الكونجرس الأمريكى كيث أليسون ذات أهمية قصوى. وفيما يلى أهم ما جاء فيها:

١- إن هناك فرصة حقيقية مع رئاسة باراك أوباما لتحسين العلاقات الأمريكية-الإسلامية. وأن الرجل منذ اليوم الأول فى خطاب تنصيبه، ثم فى الأسبوع الثالث فى حديثه مع قناة «العربية»، الذى أكد فيه أن يده ممدودة للعالم الإسلامى لعلاقات ندية، واحترام متبادل، من أجل المصالح المُستنيرة المتبادلة.

٢- إن أمريكا هى الآن جزء من العالم الإسلامى، وبالتالى فلا معنى للحديث عن أمريكا والعالم الإسلامى، لأن عدد المسلمين فى أمريكا يتجاوز ستة ملايين، وهم أكبر من حجم إحدى عشرة دولة من أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامى. وإن هذه المنظمة لا بد أن تدعو الولايات المتحدة لعضويتها. وقد ضجّت القاعة بالتصفيق عند إعلان هذا المطلب.

٣- إن على المسلمين ألا ينتظروا إلى أن تقوم أمريكا والرئيس أوباما بتلبية رغباتهم. فهم باستثناء قضية فلسطين لا يجمعون على قائمة مطالب واحدة. ثم إن حكوماتهم تطالب بأشياء وشعوبهم تطالب بأشياء أخرى. وفى كل الأحوال فإن أوباما، مثل أى سياسى، لن يستجيب إلا لمن يكون لديه قوة منظمة، تمارس ضغطاً عليه. وكلما ذهب إليه البعض بمطالب مُعينة، فإنه يقول لهم «اجعلونى أنفذها» (Make me do it).

٤- إنه حتى فى القضية التى يبدو أن عليها إجماعا من العرب المسلمين وهى قضية فلسطين، فلا بد أن يعلم الجميع أنه لا حل لها إلا بطريق توفيقى، على أساس دولتين- يهودية وفلسطينية- وطبقاً لما كان قد اقترحه كلينتون، ثم بوش، والذى سيقترحه أوباما بنفس خطوطه العريضة.

٥- إنه ومعه أعضاء آخرون من الكونجرس فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، بما فيها غزة، بعد حرب الأسابيع الثلاثة، رأوا بعيونهم حجم ما أصابها من دمار. وإنه وزملاءه كانوا وراء تخصيص عدة مئات من ملايين الدولارات لإعادة تعمير غزة وتعليم أطفالها وتشغيل شبابها، وإنه لا يجوز أن يقف أمام ذلك أى عائق سواء من جانب إسرائيل أو مصر أو السُلطة الفلسطينية أو حماس، وأن على مصر وإسرائيل أن تفتحا المعابر على جانبى الحدود.

٦- إن على العرب والمسلمين إذا أرادوا للآخرين أن يتعاطفوا مع قضاياهم العادلة، أن يبدأوا بأنفسهم. وضرب مثلاً على ذلك بقضية دارفور، التى وقفت فيها مُعظم الحكومات العربية والإسلامية موقفاً تضامنياً مع نظام الرئيس السودانى عُمر البشير ضد جزء من الشعب السودانى فى دارفور (غرب السودان)، رغم أنهم جميعاً يعلمون، كما يعلم بقية العالم حجم ما أصاب أهل دارفور من اقتلاع وتشريد وتنكيل، وأن ذلك كله موثق من كل الهيئات الدولية والمنظمات الحقوقية.

٧- إنه كما فعل هو ومجموعة من زملائه أعضاء الكونجرس بالنسبة للفلسطينيين فى غزة، فإنهم فعلوا نفس الشىء بالنسبة لأهل دارفور. وبعد عودتهم من زيارة ميدانية، فإن خمسة منهم تظاهروا أمام السفارة السودانية فى واشنطن، وتعمدوا اختراق «الكردون»، الذى فرضته الشرطة الأمريكية لحراسة السفارة، وتم القبض عليهم وحبسهم لعدة ساعات، ولم يلجأوا لاستخدام الحصانة البرلمانية التى يتمتعون بها.

وتمت مُعاملتهم فى مركز الشرطة بنفس مُعاملة مَنْ يخرقون القانون. وكان سلوكهم هذا بمثابة فعل من أفعال العصيان المدنى، الذى كان قد تعلمه من الزعيم «مارتن لوثر كينج»، فى ستينيات القرن الماضى. وهو نفس الأسلوب الذى كان قد استخدمه الزعيم الهندى المهاتما غاندى فى أربعينيات نفس القرن.

٨- وتساءل النائب الأمريكى المسلم الزنجى: أليس فى العالم العربى بملايينه الثلاثمائة، والعالم الإسلامى بملياره وربع ملياره مَنْ يتعاطف مع شعب دارفور؟

ترك مُعظمنا من العرب والمسلمين قاعة المؤتمر ورؤوسنا مُنكّسة، وتعلو وجوهنا حُمرة الخجل، فلو جاء هذا الكلام من عضو الكونجرس أو من أى أمريكى آخر غير كيث أليسون، ربما ظننا به الظنون. ولكن هذا الرجل هو أول مسلم أسود، يُنتخب لعضوية الكونجرس، حتى قبل باراك أوباما.

وهو العضو الذى أصرّ على ألا يحلف اليمين إلا على «القرآن». وتعطلت مراسم حلف اليمين بعض الوقت، إلى أن عثرت أمانة الكونجرس على نسخة من القرآن الكريم. ولدهشة الجميع، كانت هذه النسخة فى مكتبة الكونجرس هى النسخة الشخصية للرئيس الأمريكى الثالث “توماس جيفرسن”.

ومنذ ذلك الوقت أصبح القرآن مثله مثل التوراة والإنجيل، هو أحد الكُتب السماوية المقدسة لأمانة الكونجرس، لأغراض حلف اليمين الدستورية للأعضاء الجُدد من المسلمين الأمريكيين.

وبالفعل انضم إلى عضوية الكونجرس بعد كيث أليسون، ثلاثة آخرون. فأصبح عددهم الآن أربعة. فهل الأخ كيث أليسون مُحق فى وصفه لبلده أمريكا، بأنها أصبحت بلداً إسلامياً؟ وهل هذا يُسعد أحد القراء «الزميل إبراهيم عيسى»، الذى تمنى منذ عدة سنوات أن يدخل الأمريكيون الإسلام زرافات ووحدانا؟

والله أعلم

About this publication