Robin Silberman
اليوم تبدأ الزيارة الأولى للرئيس باراك أوباما للمنطقة العربية، في ظروف بالغة الدقة، من حيث ملامح المستقبل الذي يمكن أن تكون عليه المنطقة، في ظل ما تعيشه من تجاذبات في أكثر من جانب، تهدأ برهة، ثم لا تلبث أن تتصاعد لتصل إلى ذروة التأزّم المنذر بالانفجار. وفي كل الأحوال والظروف لابد أن نفتش عن أمريكا كداء مؤكد، ودواء منتظر، لكنه لا يأتي، أو يأتي بجرعات محسوبة، لا تحقق الشفاء، وإنما التسكين، أو التخدير المؤقت المتكرر، الذي أفضى إلى ما يمكن تسميته بـ“الإدمان” على انتظار الحل الأمريكي .
التجارب الطويلة أثبتت أن دوام حالة التوتر والنزاع واللاحل هي أساس الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة؛ لأن هذه الحالة -وحدها- هي الضمان لبقاء المصالح الأمريكية، والإمساك بخيوط التحكّم في نوعية المشاهد على مسرح الأحداث، وتحقيق أهداف أخرى في أكثر من موقع له علاقة بالسياسة الأمريكية على المدى الطويل. هذه التجارب أثبتت أنه لا يوجد اختلاف بين الحزب الجمهوري، أو الديموقراطي، أو بين رئيس وآخر، حين ننظر إلى الأمور نظرة شمولية واقعية، وبالتالي ما الذي يمكن للمنتظرين المتفائلين انتظاره من أوباما وزيارته هذه؟
إنه خطيب جيد، ولابد أن تكون كلمته التي سيلقيها في القاهرة مكتنزة بالمحسنات اللغوية، والتعبيرات الرنانة، ولكنها في النهاية ستكون كلمة لرئيس أمريكي في زيارته الأولى لمنطقة الاستقطاب، ولا يمكن أن تكون غير معدّة بشكل جيد، يعرف مكامن التأثير في النفسية العربية التي تطرب وتنتشي لبلاغة القول، أكثر من اهتمامها بتفسير معانيه ومقاصده وأهدافه.. إننا نتذكّر جيدًا ملامح حُسن النيّة التي كررها كثيرًا الرئيس أوباما تجاه العرب والمسلمين، ولكن علينا أن نتذكّر جيدًا أن السياسة في النهاية لا تسيّرها العواطف والمشاعر الطيبة، وإنّما المصالح الإستراتيجية، ومصالح أمريكا لا يجب أن تكون خافية على أحد، بعد كل هذا الزمن، والأيام ستكون شاهدة على ما بعد خطبة أوباما
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.