بداية جديدة مع أوباما
في خطابه المنتظر في القاهرة، تناول الرئيس الأميركي أوباما سته قضايا محددة، إلا أن القضية الأولى والروحية العامة للخطاب كانت تدور حول المصالحة بين أميركا والإسلام. وإذا كان بوش قد استعمل القوة الخشنة لصد هجمات منظمات إسلامية متطرفة على أميركا وفشل، فإن أوباما يريد استعمال القوة الناعمة وربما ينجح.
لم يلفظ أوباما كلمة إرهاب اكتفاء بالتطرف والعنف، وبذل جهداً لاثبات أن أميركا الجديدة لا تحارب الإسلام ولا تعاديه، فلا داعي لأن يحارب الإسلام أميركا ويعاديها، وقد اعطى من الاعترافات والشهادات ما أثلج صدور رجال الدين الإسلامي الحاضرين، مؤكداً أن الإسلام يشكل جزءاً من أميركا، بل انه رابع عن حرية ارتداء الحجاب ونال تصفيق الحضور.
إلى هنا والأمر يهم أميركا وأمنها بالدرجة الأولى، ولكن ماذا عن حل القضايا المتعلقة : بالعراق، أفغانستان، إيران، وأخيراً وليس آخراً فلسطين.
تعهد الرئيس الأميركي بالانسحاب من العراق مع اعطاء مواعيد قريبة، وتعهد بالانسحاب من أفغانستان دون الارتباط بمواعيد محددة، ومد يده لإيران شريطة التخلي عن طموحاتها الذرية في شقها العسكري. كما تعهد بعدم التدخل في الشؤون العربية الداخلية وعدم فرض الديمقراطية على الأنظمة اكتفاء بتشجيع ودعم أية توجهات ديمقراطية.
إذا كانت المصالحة بين أميركا والإسلام ضرورية لأمن أميركا، فإن اقامة الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، ضرورية لأمن واستقرار المنطقة.
في هذا المجال خاطب أوباما الرأي العام الإسرائيلي مرة، والرأي العام الأميركي مرة والرأي العام العربي والإسلامي مراراً، وبشكل عام قال كلاماً مفهوماً ومقبولاً، ولكنه يظل كلاماً بانتظار خطة عمل وجدول زمني لتحويل الرؤية إلى واقع.
ما قاله أوباما حول حقوق الشعب الفلسطيني كان يمكن أن يقوله سلفه بوش، و هو أول رئيس أميركي يقول بحل الدولتين. المشكلة أن بوش قدم رؤية جيدة ظلت رؤية معلقة في الهواء دون آلية لتطبيق، فهل يحول أوباما رؤيته إلى برنامج عمل وقرار تدعمه أميركا بثقلها الكبير والمؤثر، خاصة وأن الحل يشكل مصلحة فلسطينية وإسرائيلية وأميركية عالمية، وبعد رفضه الصريح لشرعية الاستيطان.
يقول أوباما إن المبادرة العربية هي البداية، وليست النهاية في اشارة ضمنية الى توقع تنازلات عربية أخرى، وبنفس المعنى فإن خطاب أوباما يمثل بداية جديدة، ولكنها مجرد بداية.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.