America and the Two-State Solution

<--

الموقف الأمريكي الذي يرفع شعار حل الدولتين بالنسبة للقضية الفلسطينية ليس جديداً، وهو قد لا يتجاوز كونه إعلاناً دون أي التزام حقيقي بهذا المبدأ .وحتى لو كان هناك التزام بهذا المبدأ، فهو لا بد أن يلبي كل الشروط الاسرائيلية بالنسبة للدولة الفلسطينية الموعودة، وستكون دولة مفرغة من كل معاني الدولة الحقيقية في ما يتعلق بالسيادة وسيحيط بها الاحتلال وستكون كل مجالاتها مخترقة ناهيك عن أنها مقطعة ومجزأة .

ومن اللافت للنظر، أن الحكومة الاسرائيلية الجديدة قد تعمدت إغفال موضوع الدولتين، وبدا ذلك وكأنه خروج على الخط الذي بدا وكأن الحكومة الاسرائيلية المنصرفة تقبل به .

وحقيقة الأمر، أن الحكومة الاسرائيلية السابقة، لم تكن تعير هذا الأمر اهتماماً وتستثمره في مفاوضات عبثية تبدو فيها وكأنها تسعى للسلام، وهي من واقع ممارساتها على الأرض الفلسطينية، بعيدة كل البعد عن أي رغبة في السلام، ولعله بدا للبعض أن إغفال الحكومة الاسرائيلية الحالية لمبدأ حل الدولتين، إنما يمثل تناقضاً مع سابقتها، مع أنه في المحصلة ليس هناك أي تناقض في الواقع .

وإذا كانت الإدارة الأمريكية السابقة قد رفعت شعار حل الدولتين ووعد الرئيس الأمريكي السابق بتحقيق ذلك قبل انتهاء فترة ولايته، فقد تبين أن تلك فرية، وأنه لم يكن هناك التزام حقيقي بتطبيق هذا المبدأ، حتى لو كان وفق شروط مجحفة بالفلسطينيين، أو مغفلة لحقوقهم الأساسية، وقد بقيت المسألة مجرد شعار مفرغ من المضمون، ومفرغ من أي التزام حقيقي .

ولعل كثيرين على الساحة الفلسطينية على وجه الخصوص، وعلى الساحة العربية إجمالاً، قد ركنوا إلى ذلك الوعد بحل الدولتين، وأملوا كثيراً في الولايات المتحدة باعتبارها راعي السلام وأن تنجز وعداً قطعته على نفسها، وأن تطبق مبدأ أعلنت أنها تؤيده، وربما بدا مجيء أوباما والإدارة الأمريكية الجديدة، حافزاً على الاقتناع بأن هذا المبدأ الذي أعلنت الإدارة الأمريكية الجديدة تأييدها له رغم إغفال الحكومة الاسرائيليةالجديدة له، سيجعل الولايات المتحدة تختلف مع حليفها الاستراتيجي، وأنها لا بد أن تمارس ضغوطاً على اسرائيل كي يعلن موافقته على مبدأ حل الدولتين .

وبديهي أن الجانب الاسرائيلي حتى وإن أعلن قبوله بمبدأ حل الدولتين، فهو لن يقبل بدولة فلسطينية إلا وفق شروطه . وإذا كانت وفق شروطه، فلن تكون دولة، والولايات المتحدة مهما بدا من تفاوت في المواقف بينها وبين اسرائيل، فهو تفاوت شكلي، ولن يحدث شرخاً في العلاقات الاستراتيجية التي تربطهما، وفي الأغلب فإن الولايات المتحدة تنحاز إلى الجانب الاسرائيلي حتى على حساب ما تعلنه من مبدأ أو مواقف .

وما لم تصر الولايات المتحدة على مبدأ حل الدولتين، وأهم من ذلك كله، أن تلتزم التزاماً حقيقياً موضوعياً بتطبيق هذا المبدأ، وأن تمارس ضغوطاً فعلية ترغم اسرائيل على الالتزام بذلك وفق رؤيتها لا رؤيته، ووفق رؤية موضوعية ومنصفة، فإن القضية لن تفضي إلى محصلة مجدية للفلسطينيين، وستكون خواء .

لما كانت الولايات المتحدة تنظر إلى القضية الفلسطينية بمنظور اسرائيلي، فإن هذا التصور يبدو غير وارد، وستظل القضية الفلسطينية بعيدة عن الدولة الموعودة طالما ظل الجانب الاسرائيلي رافضاً ذلك .

About this publication