Iraq: A New Stage

<--

العـــراق مـــرحلــة جــديــدة

2009-06-30 | صوت للمقال | التعليقات

اليوم الثلاثون من حزيران 2009، يوم خروج القوات الأميركية الغازية من المدن العراقية، عملاً بالاتفاقية الأمنية الأميركية- العراقية، Status Of Forces Agreement التي تعرف اختصاراً باسم «سوفا» SOFA يقف فيه العراقيون على أعتاب مرحلة جديدة، إن لم يكن في تاريخهم فقط، ففي تاريخ منطقة الشرق الأوسط.

ولسوف يخلدونه باعتباره يوم «نصر عظيم»، لا يقل في معناه، حسب رئيس الوزراء نوري المالكي، عن «ثورة العشرين» في وجه الغزو البريطاني للعراق. وما بين الغزويْن صلة نسب هي إقامة نظام دولي جديد، يكون الغزاة هم صناع القرار. وقضت الاتفاقية، ذات الثلاثين مادة، والتي وضعت موضع التنفيذ مطلع العام الجاري 2009، بأن تغادر القوات الأميركية بلاد الرافدين، غير مأسوف عليها، نهاية العام 2011، لما خلفته وراءها من بلد فقير محطم، بعد أن كان غنياً بما امتلكه من عقول، وأرهقته،مجتمعاً واقتصاداً ثلاثين عاماً من الحروب وزادت الطين بلّة، العقوبات الاقتصادية والاحتلال، الذي زرع في بلاد الرافدين بذور الفتن الطائفية والمذهبية.

الانسحاب من العراق لن يكون أسهل من غزوه، والعكس صحيح، لن يكون غزو العراق أسهل من الانسحاب منه، بمعنى أن المقاومة العراقية التي فتنمت الحرب على العراق، سوف تثأر لما كابده شعبها من آلام، وإن جرت منذ الآن عمليات استرضاء لها بإطلاق سراح عدد من قادتها امضوا في المعتقل أكثر من سنتين. ولذلك فإن ما سيجري في العراق لن يكون انسحاباً كاملاً، وإن أغلق الأميركيون أكثر من 150 قاعدة وموقعاً في البلاد، 85% منها مواقع قيادية، وما تبقى من مراكز فستكون محطات انتقالية قريبة من الميدان الأشد تفاعلاً وهو أفغانستان البلد الذي يوصف بأنه سطح العالم، وحامل مفاتيح آسيا الوسطى، رقعة الشطرنج في هذا العالم.

ولئن قتل وجرح خلال الغزو الأميركي للعراق، الذي تم تحت مقولات الشرق الأوسط الجديد، ومبررات تشهد التحقيقات الجارية الآن في بريطانيا على كذب مبرراتها، ولكنها تمت خدمة للمشروع الصهيوني في المنطقة، خمسة وثلاثون ألف جندي أميركي، فإنه كان القوة الطاردة عن المركز بتشريده نحو خمسة ملايين عراقي باتوا منتشرين في شتى بقاع الأرض بعد أن بات العراق وعملاً بما تمخض عنه مؤتمر لندن في كانون الأول 2002، بلداً مُفدرلاً، تشير مدونات القانون الدستوري في العالم إلى أن قوته المركزية لن تعود إلى معقلها إلا بعد حروب أهلية، أملاً في أن يتمكن العراقيون، بكافة أطيافهم، من التغلب على هذه المحنة التي تختبئ وراء نفط كركوك، فيعود العراق- الذي يجثو على ثلث احتياطي العالم من النفط، والمقدر بـ115 مليار برميل وهو حجم قابل للزيادة بمقدار يصل إلى 50 ملياراً أخرى- واحداً موحداً سيّد نفسه وثرواته التي يبدو أنها قد جيّرت لشركات النفط العالمية. بيد أن هذا لن يمنع رغبات، مُتفلّتة من هنا وهناك، تراها الروح القومية مصبوغة بالولاء للأجنبي الذي تمنّوْه، تحت باب الحاجة، لو يظل قابضاً على شؤون البلاد عقداً أو اثنين من الزمان، هي مدة بقاء ما بين 35 -50 ألفاً من الجنود الأميركيين، بصفة مدربين، أو خبراء، حسب ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز يوم 26 حزيران عن تقرير لخدمات الأبحاث في الكونغرس، يتوضعون في قواعد عملانية متقدمة في صحراء العراق الغربية، أي منطقة الأنبار، يتم الاستعانة بهم إذا تعرض النظام في العراق إلى الخطر، فضلاً عن قوات الحماية اللازمة لهم والتي يصل عديدها إلى ما نسبته عشرون بالمئة من حجم هذه القوات.

About this publication