Netanyahu and Obama

<--

نتنياهو وأوباما

فائق فهيم

منذ خطاب أوباما في القاهرة، وجدت إسرائيل نفسها في مأزق. وقد تفتقت العقلية الإسرائيلية عن ردود تعكس العلاقة الخاصة مع أمريكا التي قد تعتريها لحظات من الضباب. جاء رد نتنياهو متجسدا في عرض دولة فلسطينية كسيحة لا جيش لها ولا سلاح “لأن ذلك هو السبيل لضمان أمن إسرائيل”. واعتمادا على المفهوم السائد في أمريكا على امتداد إدارات عديدة بأن أمن إسرائيل هو المعامل رقم (1) في كل ما يهم الشرق الأوسط عرج رئيس الوزراء الإسرائيلي على إيران وبحذر شديد، فقد خشي أن يؤدي هجوم قوي على أحمدي نجاد في إكسابه أرضا وتأييدا ضد خصومه، باعتبار دعم العدو اللدود لهم.

ذكّر نتنياهو أمريكا أن الخطر الإيراني النووي يهدد أمريكا ذاتها وطالب أوباما بإعطاء الأولوية لدرء الخطر الإيراني، وأعرب عن اختلافه مع أوباما فيما يتعلق بموضوع “المحرقة” وقال لو أن إسرائيل أقيمت كدولة قبل المحرقة لما كانت قد حدثت وهذا يعكس ويرد ويعارض رأي أوباما في أن المحرقة هي السبب الرئيسي في إنشاء إسرائيل.

وقد علق الإعلام الموالي لإسرائيل على الصراع الخفي بين رئيس أمريكا الساذج الذي لم يدرس بعد دقائق المشاكل العالمية ولم يخض في تفاصيلها، وبين رئيس وزراء تربى في كوادر الدهاء والتآمر السياسي. ونظرا لأن إدارة أوباما حريصة على حل الدولتين، فقد بادر نتنياهو إلى إعلان استعداده لإنشاء دولة تجاور إسرائيل على غرار باسوتو وسوازيلاند وليسوتو وغيرها من الكانتونات التي تأسست في اتحاد جنوب إفريقيا تحت حكم الأقلية العنصرية، والتي لم تتحرر حتى الآن من هذه الصفة رغم تحرر جنوب إفريقيا!

وهذه النقطة بالذات جعلت إدارة أوباما ترحب بالخطاب وتصفه بالإيجابية مع أنه مشحون بالمطالب الإسرائيلية المستحيلة والمرفوضة من أكثر العرب تهاونا مثل القدس وعدم قبول عودة اللاجئين والسيطرة الأمنية على الدولة الجديدة. وهذا الترحيب الأمريكي اعتبره أنصار نتنياهو ضربة موفقة لأنه حال دون وقوع أزمة بين أمريكا وإسرائيل.

وقد جاء تذكير نتنياهو بدور الليكود في السلام واستعداده للتفاهم مع أمريكا حول المستوطنات بمثابة غزل سياسي واضح. وأعلن بأنه سيأمر بعدم بناء مستوطنات جديدة أو مصادرة مزيد من الأراضي، ولم يشر إلى تعبير إسرائيلي معتاد هو “النمو الطبيعي” لتبرير بناء المزيد من المستوطنات، وهو التعبير الذي تكرره واشنطن. وقد أرسل رئيس الوزراء الإسرائيلي رسالة ضمنية إلى أوباما تفيد بضرورة رضوخ الفلسطينيين لكل ما تسميه إسرائيل “مطالب أمنية” باعتبار أن الكونجرس واليهود الأمريكيين قد نجحوا في جعل ذلك أمرا واقعا منتهيا لا سبيل لمناقشته. ومعنى ذلك أن رفض الفلسطينيين سيقوض قدرة أوباما على الضغط على إسرائيل.

المكسب الأكبر الذي حققه نتنياهو هو إقناع الإسرائيليين بأنه يمثل الوطن والوسط، فهو يطالب بكل ما يطمح إليه الإسرائيليون على اختلاف مشاربهم، وخاصة حزب كاديما الذي يقبع في المعارضة . وباختصار فقد ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي الكرة في ملعب الفلسطينيين الذين رفضوا تشدده في طرح مطالبه، رغم إدراكهم بأن أمريكا تؤيدها.

ويرى المراقبون أن هناك فرقا بين ما يُطرح وما يحدث على مائدة المفاوضات، وإن كان أي خروج ملموس سيعني تصدع التحالف أو الائتلاف الحاكم. ويعتقد المراقبون أيضا أن ضم كاديما للائتلاف سيكون أفضل طريقة إذا قُدر لهذه المفاوضات أن تبدأ.

About this publication