العراقيون بعد الانسحاب الأميركي
عدد التقييمات 12 :
1
2
3
4
5
التقييم : ممتاز
تعليمات
هذه الخدمة تمكنك من تقييم المقالات دون الحاجة للتعليق وذلك وفقا للتدرج الاتي:
:مقبول
: متوسط
: جيد
:جيد جدا
:ممتاز
X
2/7/2009
هل سيكون الانسحاب الأميركي من العراق مأزقا لا يقل عن مأزق الاحتلال؟ ليس بالضرورة، وهذا يعتمد على العراقيين، أو على النخب الحاكمة في العراق، ويعتمد أساسا على ذاكرتها ونسيانها، هل تتذكر/ تنسى أنها عراقية؟ فما زال الانطباع السائد عن هذه النخب بأنها تتصرف ليس على أساس أنها عراقية، ولكن على أساس انها كردية أو شيعية، وهكذا فقد تحول العراقيون في العراق إلى أقلية شبه منقرضة.
وهنا تكمن الخطورة، في مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي من العراق، ولذلك فإن السؤال في الحقيقة يجب أن يكون في قدرة العراقيين على تذكر عراقيتهم، استعادة عراقيتهم، أن يكونوا عراقيين، وليسوا جماعات وطوائف مشغولة بالانتقام وأشياء أخرى يستحى من ذكرها، ولكنها تفسر بالتأكيد عدم الشعور بالعراقية، بل عقلية وثقافة “اضرب واهرب”.
ليست مشكلة العراق في قدراته الأمنية والعسكرية، فهو بلد عريق، ويملك العراق عددا من العلماء والشباب المؤهلين والمدربين، ويملك أيضا موارد هائلة، وليس ثمة ما يحول دون استقراره وازدهاره سوى الذاكرة والنسيان، ماذا نتذكر وماذا ننسى؟ ذلك هو السؤال.
في المحصلة النهائية نحن ما نتذكر، ونحن ما ننسى، ما هي الرواية المنشئة للعراق والجامعة للعراقيين والتي يمكن أن يجتمعوا عليها، العراقيون لديهم بالطبع رواية منشئة وجامعة، ولكن لسبب واضح وبسيط يصعب ذكره في هذا المقام فإن روايات غريبة تقحم إقحاما لتؤدي إلى القتل والتشريد والصراع والسلب والنهب، الانشغال باللحظة القائمة ونسيان التاريخ والمستقبل، مشكلة العراقيين، برغم أنه لا يوجد لحظة حاضرة في الواقع العملي والتطبيقي فليس الزمن ومساره سوى تاريخ ومستقبل!
ماذا يريد العراقيون أن يكونوا، كيف ينظرون إلى مستقبلهم؟ كيف يرون أنفسهم, وأين كانوا؟ لماذا ثمة إصرار على نسيان الجيش العراقي؟ لماذا الإصرار على تشكيل الواقع وكأنه ليس للعراق جيش عمره مائة عام هو من أفضل الجيوش في العالم، لماذا يتصرف قوم في العراق وكأنه كوكب اكتشف في 20/3/2009 ولم يكن فيه من قبل حياة وبشر وجيش ومؤسسات وجامعات وعلماء وشعوب وزراعة وحضارة وصناعة ومن وسلوى ونخيل ودجلة والفرات والبصرة وبغداد والموصل وسليمة مراد وكاظم الساهر.
لن يحمي الشيعة والأكراد العراقيون سوى أن يعتبروا أنفسهم عراقيين، هذا السلوك القائم على الهلع الشديد والاحتياط الهستيري الذي لا يرى السلامة سوى في اختفاء الخصوم المحتملين وتغيير التاريخ والجغرافيا وتحويل العراق إلى ثلاثة خنادق عميقة جدا مخالفٌ للتاريخ والجغرافيا وقوانين الطبيعة أيضا.
لقد انزلقت السياسة الأميركية في مسار من الغباء والتخبط لم يكن سببه سوى الهلع الشديد لحلفائها، كما يعترف بوضوح وبساطة بريمر الحاكم الأميركي للعراق في السنة الأولى من الاحتلال، ثم يعترف بأن كل الإجراءات والسياسات التي اتبعتها الولايات المتحدة لتطمين حلفائها الشيعة والأكراد من تدمير للعراق ومؤسساته وأجهزته الأمنية والعسكرية وأعمدة الكهرباء والجسور والمباني وخطوط الاتصالات والمدارس والجامعات لم تنجح في تطمينهم، وظلوا تحت كوابيس احتمال رجوع النظام السياسي العراقي السابق، حتى إعدام صدام حسين وأبنائه لم يغير من شعورهم العميق والبنيوي بالخوف الهستيري، ظلوا كما يقول بريمر يحسبون أنفسهم معارضة عراقية تعمل في إيران ولندن وتحت الأرض.
نعم ستنسحب الولايات المتحدة من العراق (والله العظيم)، وليست قلقة على النفط، وماذا سيفعل العراقيون بالنفط؟ أليست كل أمنياتهم بيع النفط بأحسن سعر ممكن، فالخوف ليس من العراق والدول النفطية ولكن الخوف ألا يشتري العالم النفط، السؤال الحقيقي، هو ماذا لو امتنعت الولايات المتحدة عن شراء النفط؟
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo
إبراهيم غرايبة
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.