Tough Mission Ahead for Obama and the Middle East

<--

عندما تسلم الرئيس الأمريكي الجديد أوباما مهام منصبه بعد صخب وزخم كبير حول التغيير في الولايات المتحدة وربما في العالم كله لم يكن استثناء في مواجهة نفس التحديات عن الرؤساء الأمريكيين السابقين ولكنه اختلف عنهم تحديدا ليس فقط في تبنيه بقوة لهذا الشعار أي التغيير‏,‏ ولكن في تجسيده هو نفسه له بحكم خصوصية تجربته المعروفة‏.‏

ولكن تلك الميزة التي حسبت له ربما كانت هي ذاتها ماضاعف وزاد من صعوبة مهمته وليس العكس‏,‏ إذ كان علي أوباما أن يكون مخلصا للمباديء التي آمن بها وعاش في ظلها حتي أوصلته إلي أعلي منصب في أكبر دولة في العالم بالجهد والاستحقاق‏,‏ وهي مباديء تستوجب عليه حمل رسالة الحرية والديمقراطية والتغيير عبر العالم‏,‏ ولكن عليه أيضا ومن ناحية أخري أن يكون قد استفاد من الدروس والاخفاقات الماضية للادارة السابقة في حملها رسالة التغيير والسعي لتغيير مالا يتغير في أغلب الحالات في الشرق الأوسط علي امتداد خريطته الجغرافية‏,‏ بعبارة أخري كان المطروح أمام أوباما أن يجمع بين أن يكون مثاليا وواقعيا حالما وبراجماتيا ناعما وقويا دبلوماسيا وحاسما راعيا للتغيير ومحافظا علي الوضع القائم في الوقت نفسه‏.‏ ولكن كيف يمكن الجمع بين المتناقضات أو تبني كل الخيارات دفعة واحدة؟

لاشك أن خطاب أوباما الشهير الذي ألقاه من جامعة القاهرة متوجها به لأول مرة الي العالم الإسلامي إنما يضع الخطوط العريضة الأساسية للاستراتيجية الأمريكية في الفترة المقبلة‏,‏ ولكنه يطرح في الوقت نفسه الكثير من التساؤلات والتحديات ماقد يفوق القضايا التي أثارها واللغة السياسية المبهرة التي استخدمها‏,‏ إن الروح التي تحدث بها أوباما قد تصطدم بحقائق الوضع المرتبك والمعقد بل والمتناقض في الشرق الأوسط حين تتم صياغتها في سياسات محددة‏.‏

فمن ناحية أولي تثار قضية مخاطبته المسلمين في كل أنحاء العالم‏,‏ وهي بالقطع لغة تصالحية مع من يدين بالإسلام عموما خاصة بعد قيامه بالتفرقة الواضحة بين المسلمين والجماعات الإسلامية التي تنتهج العنف فضلا عن تجنبه استخدام كلمة الإرهاب والتي التصقت بالعالم الإسلامي خاصة بعد أحداث سبتمبر وانطلاق الحرب علي الإرهاب‏.‏ لكنها قضية تبقي من الناحية السياسية أكثر تعقيدا من ذلك‏,‏ لأنها ببساطة ترجع الأمر إلي المرجعية الدينية وهو عنصر وإن كان مهما في ذاته إلا أنه لا يلغي حقيقة أن العالم الإسلامي ليس كتلة واحدة أو موحدة حيث ينقسم العالم الإسلامي الآن علي مستوي الأنظمة بين مايعرف بالنظم المعتدلة وتلك الراديكالية والمجتمعات العربية بدورها تشهد اختلافات وخلافات شاسعة بين المنفتح علي الغرب المؤمن بالتحديث والحداثة والعقلانية وبالتمييز بين الدين والدولة والسياسة وبين من هو مناقض ومناهض لتلك الأفكار‏.‏

ومن ناحية ثانية يعد الموقف من الديمقراطية أكثر تعقيدا فعلي الرغم من حرص أوباما علي التأكيد علي التزام إدارته بعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول واحترامه لسيادتها وحقها في اختيار نظامها السياسي والاجتماعي الملائم لها وفقا لخصوصيتها وتجربتها ووفق تعبيره لايمكن لأي دولة ولا ينبغي علي أي دولة أن تفرض نظاما للحكم علي أي دولة أخري‏.‏ إلا أنه عاد وأكد التزامه تجاه الحكومات التي تعبر عن إرادة الشعب‏.‏ وأن الحرية ومباديء الديمقراطية وحكم القانون ليست أفكارا أمريكية فحسب بل هي حقوق إنسانية وهي لذلك الحقوق التي سوف ندعمها في كل مكان‏.‏

ولاشك أن ذلك يعبر عن التمايز في أسلوب الاقتراب من تلك القضية أي قضية دعم الديمقراطية وإن كان لايلغي صعوبة تحقيقها من الناحية العملية فعدم إغضاب الأنظمة قد يستلزم التضحية بالالتزام الآخر والعكس صحيح وإن كان قد بدا واضحا في تلك المرحلة المبكرة أن إدارة أوباما تعطي الأولوية للتعاون مع الحكومات تحقيقا للمصالح الأمريكية في الملفات الإقليمية حتي لا تتعرض لنفس المتاعب والاخفاق الذي تعرضت له الادارة السابقة من جراء توتر علاقاتها مع عديد من نظم المنطقة خاصة أن تبني تلك الادارة السابقة لقضية نشر الديمقراطية لم تؤد من وجهة نظر كثير من المحللين السياسيين الأمريكيين إلا إلي تمكين قوة سياسية وحيدة تقريبا وهي قوي الإسلام السياسي والتي كان فوز حماس في فلسطين في انتخابات‏2005‏ نقطة فارقة في هذا المسار‏.‏

لكن المفارقة التي شهدتها المنطقة مؤخرا أي في بداية عهد أوباما سارت في عكس تلك التوقعات والمخاوف الأمريكية الكامنة في خطابه‏,‏ حيث لم تؤد الانتخابات في لبنان علي سبيل المثال إلي الفوز الآلي لقوي المعارضة الإسلامية وعلي رأسها حزب الله وإنما كانت للقوي الأكثر اعتدالا وكذلك الحال في إيران حيث ظهرت مقاومة صلبة وشعبية ضد التيار المتشدد الذي يمثله الرئيس الحالي أحمدي نجاد‏..‏ وهكذا‏..‏

وأخيرا تأتي القضية المحورية الثالثة والمتعلقة بالصراع العربي ـ الاسرائيلي والفلسطيني ـ الإسرائيلي تحديدا ولاشك أن لغة الخطاب السياسي التي استخدمها أوباما تجاه الفلسطينيين ووصف معاناتهم وحقهم في تأسيس دولة مستقلة تعد غير مسبوقة بمعايير كثيرة‏,‏ وكذلك موقفه الواضح الرافض لاستمرار سياسة الاستيطان الإسرائيلية إلا أنه عاد وأدان ماسماه بالعنف الفلسطيني ـ الإسرائيلي المتبادل‏..‏ وبالتالي كانت العودة السريعة لاستئناف المفاوضات بين الجانبين هو الحل الذي يحتل أولوية ملحوظة‏.‏ ولكن هذه العودة تظل مرهونة من وجهة نظره بالدور المساعد الذي يجب أن تلعبه الدول العربية من خلال المبادرة العربية التي انطلقت في بيروت‏2002‏ والتي اعتبرها بداية وليست نهاية يجب علي الدول العربية أن تعترف أن مبادرة السلام العربية كانت بداية مهمة وأن مسئوليتها لا تنتهي بهذه المبادرة‏.‏

ويفهم من ذلك أن إدارة أوباما تنتظر خطوات متبادلة من جانب كل من الفلسطينيين والعرب وإسرائيل أي أنها حزمة متكاملة بمعني أنه قد لا ينتظر أن تضغط أمريكا فقط علي إسرائيل كي تحرك عملية السلام مثلما قد يؤخذ من الوهلة الأولي بسبب الحديث عن تجميد المستوطنات الاسرائيلية‏,‏ فعلي الجانب الفلسطيني يبقي الوصول الي اتفاق بين فتح وحماس حتي يكون هناك شريك فلسطيني قادر علي إدارة المفاوضات ومسئول عما يتم الاتفاق عليه إذ إن أي فصيل منهما لايملك الحل بمفرده‏.‏

والتحدي الآخر في هذا السياق يتعلق بطبيعة الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية بقيادة بنيامين نيتانياهو الذي يعتبر أن الاستجابة للضغوط الأمريكية قد تؤدي إلي انهيار ائتلافه الحكومي الداعم لسياسة التوسع الاستيطاني‏,‏ وبالتالي فربما احتاج إلي إدخال عناصر من أحزاب أخري للإيفاء بهذا المطلب أو علي الأقل تجميد تلك السياسة في ظل حكومته الحالية‏.‏ ولا يمكن تجاهل هنا أيضا موقف الكونجرس الأمريكي واللوبي الإسرائيلي المتغلغل فيه والذي ربما شكل عقبة أخري أمام إدارة أوباما تحد من قدرته علي الضغط علي إسرائيل خاصة أن أجندة الإدارة الحالية مثقلة بكثير من المشاكل الداخلية والخارجية وهي في حاجة لدعم الكونجرس لسياستها علي الصعيدين‏.‏

إذن هناك جديد تحمله الادارة الأمريكية الحالية لأوباما‏,‏ ولكنه ليس جديدا تماما فالكثير من مفردات الحل سبق طرحها وهي مطروحة فعليا بمافيها حل الدولتين الذي تبنته إدارة بوش السابقة‏.‏ ولكن من أين يمكن أن نبدأ؟ وكيف يمكن تحويل تلك الرؤي الي خطوات عملية ملموسة؟ تلك هي المهمة الصعبة لأوباما إن عليه ـ وقد سعي إلي إرضاء جميع الأطراف في خطابه الشهير من القاهرة سواء علي صعيد قضية السلام أو الديمقراطية أو العلاقة بين الإسلام والغرب ـ أن يتبع سياسة توازن دقيقة تبقي علي تلك الخيوط جميعها دون أن ينقطع واحد منها فهل يستطيع استكمال تلك المهمة الصعبة؟

About this publication