Arab-American Soup

Edited by Caitlin Krieck

<--

في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتسوية العلاقة بين أمريكا وشعوب العالم العربي، من المثير للاهتمام رؤية كيف ستتطور العلاقة كذلك داخل أمريكا بين العرب الأمريكيين والأمريكيين في التيار الرئيس.

شعرْتُ أحياناً، كطفلة نشأت في الولايات المتحدة، بأن ثقافتي وتراثي العربيين لم يكونا ممثلين في البوتقة الأمريكية. كانت الثقافة الأمريكية في تسعينات القرن الماضي تميّز بين الناس بناءاً على العِرْق والثقافة، وكانت المجموعات موزعة بين الأبيض والأسود والإسباني فقط.

وقد شجّع على هذا التمييز وعمِل على تطويره إعلام التسلية، الذي فشل بشكل عام وما زال في تصوير الحياة اليومية واهتمامات المجموعات الثقافية الأخرى في المجتمع الأمريكي. وقد انعكس هذا بدوره على المجتمع نفسه، الذي أصبح يدرك هذه الشرائح من المجتمع فقط، بحيث أصبح الجميع خارجها يمثلون أقلية مبهمة على الأطراف.

كانت واحدة من ذكرياتي الأكثر وضوحاً عندما كنت طفلة صغيرة في أوهايو، عدم قدرتي على الاختيار بين لعبة سوداء أو بيضاء، لأنني كنت أشعر أن أياً منهما لا تمثلني. تركتني تلك التجربة، ضمن تجارب أخرى، مرتبكة أسعى بيأس للحصول على أي مؤثر على أن الناس الذين لا ينخرطون ضمن أي من هذه الشرائح المتطرفة هم جزء من الثقافة الأمريكية.

بدأت فيما بعد أرى أمريكيين من أصول آسيوية في خليط الهويات التي يمثلها الإعلام. إلا أن العرب والمسلمين، رغم تواجدهم بشكل متساوٍ، بقوا غير مرئيين في إعلام التيار الرئيس الأمريكي، وبالتالي في المجتمع.

يستخدم مجاز “بوتقة الانصهار” في أمريكا أحياناً لتفسير كيف تذوب الثقافات المهاجرة المتنوعة في أمريكا معاً لتشكّل نكهة ثقافية فريدة بشكل كامل. جزء أساسي من هذا المجاز التوقع بأن القادمين الجدد سوف يتم استيعابهم في التيار الرئيس للمجتمع.

يُتوقع نتيجة لذلك أن يتشارك الأطفال الأمريكيون من كافة الخلفيات في تجربة شائعة نسبياً، مثل حضور الحفل الراقص بعد التخرج من المدرسة الثانوية، وحضور صفوف البالية وقضاء ليلة في منزل صديقة. إلا أن العديد من العرب، وخاصة المسلمين منهم، وأسرتي واحدة منهم، يشعرون أن ثقافتنا غير متناسقة مع بعض هذه النشاطات، ولذا لا يمكننا المشاركة في هذه التجارب الأمريكية الجوهرية.

وقد سهّل ذلك من جعلنا نوصم بأننا غرباء، والنظر إلينا كمجموعة، على أننا مختلفين، بدلاً من إدراك الإنسانية فينا والرغبات التي يشترك فيها المجتمع ممن يسعون لتحقيق الحلم الأمريكي. ولد الكثير من العرب الأمريكيين في الولايات المتحدة وأقاموا هناك طوال حياتهم، وتعتبر رغباتهم الأساسية هي نفس رغبات الأمريكيين. يأتي المهاجرون العرب إلى أمريكا على أمل تحقيق حياة أفضل لهم ولعائلاتهم، تماماً كما يفعل جميع المهاجرين.

يريدون أن يحصلوا على فرص عمل تدر عليهم الدخل، وأن يعيشوا بسلام مع أسرهم.

هل يعتبر الاستيعاب الشامل مطلوباً لبناء مجتمع أمريكي قوي؟ هل يضمن الاستيعاب أمن الوطن؟ الجواب برأيي هو كلا.

واقع الأمر أن الثقافة الأمريكية طالما كانت حساءً ثقافياً وليس بوتقة انصهار واستيعاب. لقد تحركت ثقافة البيض البروتستنت التقليدية التي هيمنت على المجتمع الأمريكي لسنوات عديدة، تحركت قدماً، وأصبح المجتمع ككل أكثر قبولاً للفروقات الثقافية. يقف الناس من مختلف الخلفيات اليوم ويعلنون عن فخرهم بتراثهم الفردي.

والواقع أن الثقافة الأمريكية في التيار الرئيس حاولت اشتمال مجالات من ثقافات أخرى. فعلى سبيل المثال يتمتع برنامج الأطفال ثنائي اللغة “دورا المستكشفة”، الذي يعلّم الأطفال اللغة الأسبانية بأسلوب تفاعلي، بالشعبية لدى الأطفال من كافة الخلفيات. وتعتبر المطابخ الإيطالية والصينية، جزءاً عادياً من الطعام الأمريكي. وتحتفل أفلام مثل “حفل زواجي اليوناني الكبير السمين” بالتراث، بينما يطرح البرنامج التلفزيوني “OC” فكرة Chrismukkah، وهي خليط من عيد الميلاد المسيحي وعيد هانوكا اليهودي.

ويمكن لذلك أن يحدث أيضاً في الثقافات العربية والإسلامية. قد تصبح اللغة العربية في يوم من الأيام لغة ثانية شعبية تدرَّس في المدارس الأمريكية، ليس بسبب السياسة وإنما لأنها جميلة ومعبّرة. يمكن وقتها للإعلام والبرامج التلفزيونية أن تحتفل بالأسرة العربية الأمريكية وتدعم فرديتها وشخصيتها وتتقبلها كجزء من الخليط الأمريكي الثقافي بدلاً من تجنبها على أنها “أخرى”.

قد يتعلم الأمريكيون كيف يقدّرون الموسيقيين مثل Outlandish، وهي فرقة موسيقية متعددة الأديان والأعراق، تركز أغانيها على الدين والحياة، وNative Deen، وهي فرقة من المسلمين الأمريكيين من أصول إفريقية، يغنون عن المصاعب التي يواجهها المسلمون في أمريكا.

سوف تكون هناك دائما توابل من ثقافات مختلفة في الحساء الأمريكي متعدد الثقافات، وهذا كله جزء من النكهة الأمريكية.

About this publication