بعد مرور أكثر من ستة شهور على تسلم الرئيس الاميركي باراك اوباما رئاسة الولايات المتحدة دون ان تخرج ادارته بسياسة خارجية واضحة حول تسوية الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي عدا عن ضغطها على اسرائيل لوقف التوسع الاستيطاني وتهرب حكومة بنيامين نتانياهو من هذا الضغط بكل اساليب المراوغة والضغوط المضادة-فإن الاتحاد الاوروبي ما يزال صامتاً وما تزال سياساته الخارجية ازاء الشرق الاوسط عائمة او غائمة ولم تصدر عن مختلف العواصم الاوروبية اشارات او تفصيلات لتوضيح حقيقة مواقفها ازاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية والممارسات الاسرائيلية الجائرة ضد الفلسطينيين.
في هذا السياق جاء الاعلان البريطاني الذي نفته مصادر اسرائيلية لاحقاً بحق اعتزام لندن الغاء اربعة تصاريح لتصدير الاسلحة البريطانية الى اسرائيل. ورغم ان هذا الاجراء البريطاني ان صح انه اتخذ يتعلق بانعكاسات الحرب الاسرائيلية على غزة وما استخدمته القوات الاسرائيلية خلال تلك الحرب من الاسلحة الفتاكة فانه يعد من ردود الفعل الاوروبية الجزئية على السلوكيات الاسرائيلية وان كان لا يرقى الى مستوى موقف عام او شامل تجاه النزاع الفلسطيني-الاسرائيلي وتعقيداته وقضاياه العالقة.
وليس خافياً على احد ان الدور الاوروبي تجاه السلام في المنطقة ظل يدور في فلك الدور الاميركي وكان ذلك واضحاً للعيان في عهد الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الذي انحازت ادارته بالكامل للسياسات الاسرائيلية وقدمت لحكومة ارئيل شارون في حينه ضمانات حول الاستيطان ولم تتحرك تلك الادارة الا متأخرة لاحياء مفاوضات السلام وكان تحركها بطيئاً وسلبياً ومع ذلك كله فإن اوروبا لم تأخذ زمام المبادرة وانما فضلت مساندة الدور الاميركي مالياً وبعيداً عن الحراك السياسي الفعال مما اتاح الفرصة لاسرائيل لتوسيع المستوطنات وتكثيف النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية عامة وفي مدينة القدس على وجه الخصوص.
ومع ان وسائل الاعلام والمصادر الدبلوماسية الاوروبية تتحدث دائماً عن نشاط سياسي تقوم به العواصم الاوروبية على صعيد ابداء مواقفها المتحفظة من الاستيطان والحواجز العسكرية والعوائق الاسرائيلية التي تحد من تنقل الفلسطينيين في الضفة وحول جهود لانعاش الاقتصاد الفلسطيني الا ان هذا النشاط يظل خجولاً ولا يتناسب مطلقاً مع حجم الاستيطان وقوة الاجراءات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين مما يدعو الى التساؤل حول السبب في تردد الاوروبيين في اتخاذ مواقف اقوى واكثر فعالية وتأثيراً واجراءات مستقلة عن الدور الاميركي وجريئة في تعاملها مع الاحتلال ورفضها للاستيطان في كل ارجاء الضفة الغربية بما فيها القدس.
الجميع يدركون ان الدور الاوروبي مكمل للدور الاميركي لكن المطلوب هو توضيح معالم الدور الاوروبي وشموله الجوانب السياسية بالاضافة الى الابعاد المالية والاقتصادية فهناك ثقل سياسي اوروبي يجب استثماره لدعم عملية السلام العادل وانهاء الاحتلال والاستيطان وتحقيق التطلعات الوطنية الفلسطينية العادلة.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.