The Smell of Defeat

<--

رائحة الهزيمة

من يتابع تصريحات القيادات العسكرية الغربية الأخيرة في أفغانستان والعراق سيلاحظ ارتباكا وتخبطا فيما يريدون تحقيقه‏,‏ وشكوكا في إمكانية حدوث تقدم في الحرب حتي لو تم إرسال آلاف أخري من القوات‏..‏ وهناك من يبدي رغبة في الفرار العاجل‏..‏ فمن اليوم الأول لتوليه منصبه‏,‏ أعلن السكرتير العام الجديد لحلف الأطلنطي صراحة تأييده لفكرة التفاوض مع طالبان في أفغانستان‏,‏ والتوصل لمصالحة‏..‏

وهو يؤيد بذلك نداءات أخري من أعضاء الناتو‏,‏ علي رأسهم وزير خارجية بريطانيا ميليباند الذي دعا أيضا لمحادثات مباشرة مع جماعات معتدلة من طالبان‏,‏ بعد أن تكبدت القوات البريطانية أخيرا أعلي خسائرها منذ بداية الحرب‏,‏ ومطالبة غالبية البريطانيين بسحب قواتهم من هناك‏.‏

ذلك في الوقت الذي تستعد فيه القيادات العسكرية الأمريكية لوضع ما أسمته إستراتيجية جديدة لإحداث تغييرات جذرية في الطريقة التي تعمل بها القوات هناك‏..‏ فما هي هذه التغييرات؟ هي ما وصفه القائد العام بتحول في ثقافة العمليات الخاصة وذلك من خلال زيادة حجم قوات الأمن الأفغانية‏,‏ وزيادة الجهود العسكرية للقضاء علي الفساد بين مسئولي الحكومة المحليين‏,‏ واستخدام وسائل غير تقليدية لمكافحة عناصر طالبان‏,‏ وتشجيع القادة علي الاتصال بالأفغان‏,‏ وهو ما يتطلب في نظره زيادة القوات الأمريكية‏..‏ ولكن من المتوقع ألا تلقي إستراتيجيته قبولا من الكونجرس المتشكك في المهمة أصلا‏,‏ علما بأن عدد القوات سيصل إلي‏68‏ ألفا الخريف المقبل‏.‏ ثم إن الشعب الأمريكي سئم من الحرب خاصة وأن يوليو الماضي كان الأكثر دموية لقواتهم وقوات الناتو‏..‏ ومما يزيد المشهد ارتباكا‏,‏ ما قيل عن أن الحكومة الأفغانية دفعت‏20‏ ألف جنيه إسترليني لإبرام إتفاق مؤقت مع طالبان لعقد هدنة‏,‏ ربما للتلاعب بنتائج الانتخابات الشهر الحالي‏.‏

في العراق‏,‏ تقدم مستشار عسكري أمريكي كبير بمذكرة غير عادية يقول فيها إن الوقت قد حان لكي تعلن الولايات المتحدة الانتصار وترحل فورا‏..‏ وكشف عن التوتر بين الضباط العراقيين والأمريكيين منذ انسحاب القوات الأمريكية من المدن في‏30‏ يونيو الماضي‏..‏ لقد أصبحنا ضيوفا‏..‏ والضيوف كالسمك رائحتهم تفوح بعد ثلاثة أيام‏,‏ كما قال‏..‏ ولم يعد هناك مبرر لوجودنا‏,‏ ولن نحسن أداء العراقيين‏.‏

ويبدو أن القائد الأمريكي خشي من تورط قواته مجددا في الاضطرابات الدموية اليومية بالعراق بناء علي الاتفاقية الأمنية بينهما‏..‏ وقد يكون من حقه‏,‏ ولو إنسانيا‏,‏ أن يطالب بالرحيل بعد ست سنوات من الحرب‏..‏ لكن أن يطالب دولته بإعلان الانتصار‏..‏ كيف وبأي حق؟‏!‏ ألا يفوح المشهد العسكري كله برائحة الهزيمة؟

About this publication