America is Third World… Just Like Us!

<--

لسنوات طويلة وتحت ضغوط الحلم الأمريكى الذى يتم تصديره للعالم أجمع باعتباره النموذج الأمثل للحياة فى كل شئ، صدق معظمنا الحلم وتمنينا بعض ما يعيشه الأمريكيون، لكن فى كل يوم تأتى إشارات تؤكد لنا أن الحلم الأمريكى صناعة إعلامية متقنة، بعيدة كل البعد عن الحقيقة أو مجرد إعلانات لكنه يجرى تسويقها باعتبارها الحقيقة عبر السينما والصحافة والفضائيات.

فى سبتمبر 2001 حين هاجمت القاعدة الولايات المتحدة فى عقر دارها، شاهدنا ارتباك الإدارة الأمريكية وكافة المؤسسات الحاكمة هناك، مثلما نرتبك نحن حين نتعرض لهجوم إرهابى، وقال لنا البعض إن الحدث كان كبيرا ومفاجئا وضخما وغير معتاد لهذا ارتبكت أمريكا الرسمية والشعبية.. وصدقنا.

لكن حين مات مايكل جاكسون إكتشفنا أيضا أن التعامل الإعلامى والرسمى مع وفاته يضاهى تماما طريقة تعاملنا مع مقتل ابنة المطربة ليلى غفران أو المطربة اللبنانية سوزان تميم، فى القضيتين طاردتنا الشائعات والأقوال المرسلة، إلى درجة أنها فى أحيان كثيرة طغت على الحقائق، ولم نعد نعرف علم اليقين ماذا حدث؟.. وطالت الشكوك الطب الشرعى وأجهزة التحقيق، ولم يسلم القضاة الذين تصدوا لتلك القضايا من سهام النقد والتشكيك.

وفى أمريكا حتى الآن لا يعرف الناس أين دفن مايكل جاكسون؟.. وماذا صدر فى تقرير تشريحه؟.. وكل يوم تصدر الصحف والمواقع الإلكترونية بأخبار جديدة، واتهامات طالت طبيبه وكثيرين غيره، والبعض قال إنه انتحر والبعض قال إنه قتل.. وحتى الآن لا تزال الصحافة الأمريكية تتعاطى مع قضية مايكل جاكسون رغم أنه مات وشبع موت!

وقبل سنوت أيضا قرأت كتاب “بوش فى الحرب” للصحفى الأمريكى البارز بوب ودورد، ورصد فيه ما دار داخل الإدارة الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر وطريقة اتخاذ قرار الحرب على أفغانستان، وحين تقرأ على محاضر اجتماعات مجلس الأمن القومى الأمريكى التى نقلها بوب ودورد فى كتابه وخلاله اتخذ قرار الحرب تكاد تكتشف أنك أمام مجموعة من الهواة وفى أحيان كثيرة تكاد معلومات الصحفيين عن أفغانستان تفوق معلوماتهم.

الفارق الوحيد بيننا وبين أمريكا فى هذا الصدد أنهم لا يزالون يؤمنون بصناعة فكرة جديدة ثم يحاولون تطبيقها على أرض الواقع، وهذا ما تبيعه مراكز الأبحاث الأمريكية لمختلف الإدارات الحاكمة سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية، ومن هناك تنطلق المصطلحات التى يسير عليها العالم مثل الحرب على الإرهاب وحرب الأفكار والدبلوماسية الناعمة، وصراع الحضارات، ونهاية العالم وغيرها .. ثم نتلقفها نحن بعد ذلك ونرددها مثل البغبغانات.

أمريكا ليست أكثر من عالم ثالث، لكنه متحضر بعض الشئ، يسيطر عليها الإعلام الذى يحرك الأمريكيين كيفما يشاء، وقد انتقلت إلينا هذه العدوى مؤخرا فأصبح الإعلام هو الذى يشكل الرأى العام، لكننا لا نزال بعيدين جدا عن صناعة الأفكار واختراع المصطلحات الرنانة، كما يفعل الأمريكيون، وفى أفضل الأحوال نفضل النقل بتصرف.. أى ما بعد التقليد الأعمى بمسافة قصيرة جدا!

About this publication