Polls Won’t Profit Afghans or Americans

<--

الانتخابات لن تنفع الأفغان ولا الأميركان

بوسع واشنطن الاحتفال بما تقول إنها إنجازات ديمقراطية في أفغانستان والعراق، ولكن عليها ألا تنسى أن الثمن كان باهظاً إلى حد كبير، ليس فقط من الدم والمال الأميركي الذي نزف بلا حساب في المعركتين ولازال ينزف، ولكن أيضا من دم مواطني البلدين ومعاناتهم، حيث قتل وجرح وهجّر الملايين منهم، مع غياب أي تحسن في الخدمات الضرورية لحياة من بقي منهم.

والحق أن المواطنين الأفغان لا يعانون بشكل رئيسي من مرض نقص الديمقراطية، بقدر ما يعانون من أمراض فقر الدم وغياب الخدمات الأساسية التي تصلح لحياة البشر، وهي أمراض لم تعالجها ولن تعالجها صناديق الاقتراع، فكيف إذا عبثت بها الأيدي دون رقيب أو حسيب؟!

جاءت أميركا إلى أفغانستان غازية منذ سبع سنوات، ومعها حشد من الوعود البراقة، لكن شيئا لم يتغير على الأرض، بل ازداد الوضع سوءا في واقع الحال، فالمخدرات ازدهرت، بينما تعزز نفوذ تجارها، ومعهم أمراء الحرب الملطخة أيديهم بدماء الأفغان، أما المرأة التي جاؤوا لتحريرها من البرقع فلا زالت تلبسه باستثناء نخب محدودة في كابول، ولم تزدهر المدارس ولا المستشفيات، أما الأهم فهو أن الأمن الذي وفرته حركة طالبان للناس لم يعد موجودا في ظل حكومة تحالف الشمال وأمراء الحرب.

في العرس الديمقراطي الأفغاني كانت النزاهة في أعلى مستوياتها!! إذ يحصل المرء على عدة بطاقات للانتخاب، ووصل عدد الناخبين في بعض الولايات إلى الضعف. أما الأهم الذي تغاضت عنه واشنطن التي تحارب ”الإرهاب”، فيتمثل في استعانة كرزاي بأمراء الحرب من أجل الفوز على منافسه الطاجيكي عبدالله عبدالله، وشاهد الأفغان عودة مظفرة لعبدالرشيد دوستم الذي يعد واحدا من أسوأ المجرمين في تاريخ أفغانستان.

كل ذلك لم يثر أدنى اعتراض لدى حراس معبد الحرية والديمقراطية في واشنطن، المهم أن يفوز فتاهم الأنيق والمدلل، وبالطبع لأن العرقية التي ينتمي إليها وهي البشتون التي تشكل حوالي نصف الشعب الأفغاني لم تكن معنية بالانتخابات، وهي أقرب إلى مبايعة زعيم طالبان، الملا محمد عمر، ولذلك لم يكن ليسمح للآخر أن يفوز لما لذلك من تبعات على تصاعد المقاومة الأفغانية.

هي مهزلة من دون شك، إذ تبيع واشنطن الديمقراطية، حيث تقل الحاجة إليها، بينما تحرم منها من يحتاجونها حين تقف سندا للدكتاتوريات المعروفة، وها هو أوباما الديمقراطي يتخلى عن شعار الدمقرطة والإصلاح في العالم العربي، وينحاز لصف الحكام، لا لشيء إلا لأنهم يدفعون من جيب شعوبهم وأمتهم من أجل مصالح بلاده.

في هذه الأجواء، لن يكون هناك تغير في نظرة الشعوب الإسلامية لأميركا أوباما، لا في أفغانستان ولا في باكستان، ولا حتى في العراق الذي يعيش أجواء دموية ذات صلة بالتناقضات التي فجرها الاحتلال، ولا تسأل بعد ذلك عن فلسطين وحل الدولتين الذي يشكل عنوانا لتصفية قضيتها.

بقي القول إن فوز كرزاي لن يحل المعضلة. وكما هزمت بريطانيا ومن بعدها الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، ستهزم أميركا أيضا، وهي ستكون بالفعل فيتنام أوباما، بل فيتنام أميركا برمتها.

About this publication