Obama’s Intentions

<--

الرفيق أوباما‮!‬

الرئيس الأمريكي متهم الآن من قبل بعض الأمريكيين بأنه شيوعي أو علي الأقل اشتراكي،‮ ‬يريد أن‮ ‬يفرض نظما اشتراكية علي الولايات المتحدة قلب ورأس النظام الرأسمالي في العالم كله‮!‬ هذا ما حدث خلال المظاهرة التي نظمتها جماعات متطرفة‮ ‬ينتمي أعضاؤها الي الحزب الجمهوري وإذا كان بعض القادة الجمهوريين قد تحفظوا او اعترضوا علي هذه المظاهرة،‮ ‬فإن هناك قادة جمهوريين آخرين وافقوا عليها ورحبوا بها‮.‬

وربما‮ ‬يكون السبب الأول لتوجيه هذا الاتهام للرفيق أوباما هو اصراره علي مشروع التأمين الصحي الجديد،‮ ‬الذي تراه جماعات مصالح خاصة عديدة‮ ‬يهدد مصالحها‮. ‬ولكن ثمة أسباباً‮ ‬أخري وراء توجيه هذا الاتهام للرئيس الامريكي،‮ ‬وأهم هذه الاسباب هو اصرار اوباما علي اصلاح وتنظيم عمل سوق المال في الولايات المتحدة وضبط صرف المكافآت لقادة الجهاز المصرفي والمؤسسة المالية‮.‬

فالرئيس الأمريكي‮ ‬يعتقد،‮ ‬وهو علي حق أن الفوضي التي كانت تعمل فيها سوق المال الأمريكية،‮ ‬وافتقاد أية رقابة عليها هي التي منحت هذه السوق فرصة ان‮ ‬يرتكب من الاخطاء والخطايا الكثيرة،‮ ‬وهي اخطاء وخطايا قادت الاقتصاد الامريكي كله الي أسوأ أزمة اقتصادية وعالمية منذ ازمة الثلاثينيات من القرن الماضي،‮ ‬ومازال الاقتصاد الامريكي‮ ‬يعاني من آثار هذه الازمة رغم مرور عام علي اندلاعها علي نطاق واسع بسقوط وانهيار وافلاس واحد من أضخم واكبر البنوك الامريكية العالمية‮.. ‬فمازال الاقتصاد الامريكي‮ ‬يعاني من الركود،‮ ‬ومازال الأمريكيون‮ ‬يعانون من البطالة وشح الدخول‮.‬

ولذلك‮.. ‬يعتقد الرئيس الامريكي أنه لكي‮ ‬يتفادي الاقتصاد الامريكي أزمة مماثلة فانه‮ ‬يتعين عليه وضع حد لهذه الفوضي في سوق المال الامريكية وضبط عملها والرقابة الفعالة عليها وعلي انشطته‮.‬

وبالطبع لا‮ ‬يأتي هذا علي هوي من‮ ‬يعملون في هذه السوق واقطابها ولا‮ ‬يرضي بذلك قادة الجهاز المصرفي،‮ ‬بل علي العكس‮ ‬يرونه تدخلا حكوميا بغيضا في عمل سوق المال الامريكية الشهيرة‮ ‬وول ستريت،‮ ‬وتعطيلا متعمدا لآليات السوق،‮ ‬وبالتالي تراجعا عن جوهر النظام الرأسمالي‮.. ‬ولذلك‮ ‬يعارضون خطط أوباما لضبط هذه السوق وفرض رقابة عليها وعلي انشطتها واعمالها‮.. ‬وكانت مظاهرة الجماعات المتطرفة للجمهوريين تعبيرا عن هذه المعارضة‮.‬

لكن أوباما واجه ذلك بموقف صلد‮.. ‬لم‮ ‬يتراجع أمام الهجوم ولم‮ ‬يؤثر السلامة،‮ ‬أو خاف من الهجوم الذي‮ ‬يتعرض له،‮ ‬انما قابل هذا الهجوم بهجوم مضاد ضد الذين‮ ‬يريدون الابقاء علي فوضي سوق المال التي صنعت الازمة الاقتصادية الامريكية والتي صارت عالمية،‮ ‬وأكد في ذكري مرور عام علي انهيار واحد من اشهر البنوك الامريكية انه‮ ‬يصر علي اصلاح قوانين سوق المال وزيادة الدور الحكومي في الاشراف علي المؤسسات المالية لمنع تكرار التجاوزات البالغة والاخطاء الضخمة التي أدت إلي هذه الأزمة‮.‬

بل ان الرئيس الامريكي أكد اصراره علي ان‮ ‬يمد ما‮ ‬يقوم به من اصلاح لسوق المال الامريكية الي العالم كله‮. ‬وقال بوضوح إن الولايات المتحدة التي تعمل علي اصلاح انظمة وقوانين سوق المال لديها ستعمل في الوقت ذاته علي حمل باقي العالم علي القيام بالأمر نفسه‮.. ‬وهذا ما سيطرحه الرئيس الأمريكي علي قادة مجموعة العشرين في قمتهم القادمة‮.‬

وهكذا‮ ‬يستجيب الرئيس الامريكي لما طالبت به الصين بالحاح منذ وقت مبكر ولم‮ ‬يكن اوباما متحمسا له بالقدر الكافي من قبل‮.. ‬واذا حدث ذلك سوف نتعامل مع أسواق مال عالمية تعمل بنظم وقوانين جديدة تحظي باشراف حكومي من خارجها‮.‬

فهل نستوعب نحن ايضا جوهر ما‮ ‬ينادي به أوباما‮.. ‬السوق لا تتمتع بالكمال‮.. ‬وآلياتها لا تكفي وحدها لتصحيح ما‮ ‬يحدث من خلل‮.. ‬وقليل من الاشراف والتدخل الحكومي لا‮ ‬يفسد السوق،‮ ‬إنما‮ ‬يصلحها‮.‬

About this publication