What Does the U.S. Guarantee?

<--

أية ضمانات أمريكية؟

ذكرت بعض التقارير الصحافية العربية من نيويورك أن لجنة المتابعة الخاصة بمبادرة السلام العربية كلفت رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، بمطالبة وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، بضمانات خطية في ما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط قبل اتخاذ أية مبادرات إضافية تتعلق بالسلام.

يأتي هذا الطلب بعد اجتماع كلينتون بوزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي، وهو الاجتماع الذي طلبت فيه كلينتون منهم اتخاذ خطوات في اتجاه التطبيع مع إسرائيل، إلا أن المشاركين أبلغوها، وفق ذات المصادر، رفضهم تقديم هدايا مجانية إلى إسرائيل، مؤكدين أنهم يريدون رؤية تقدّم ملموس على المسار الفلسطيني والمسارين اللبناني والسوري قبل تنشيط المسار الرابع متعدد الأطراف بين الدول العربية وإسرائيل.

وأشارت ذات التقارير إلى أنه بعد المشاورات بين الوزراء، اتفق على «مبدأ أنه في مقابل الطلبات الأمريكية من الدول العربية، لا بد للعرب أن يطالبوا بضمانات خطية، يمكن أن تكون على غرار الرسالة التي وجهها الرئيس الأمريكي سابقاً بيل كلينتون إلى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عام 2000»، وذلك وفق ما نقلته «النهار» اللبنانية على لسان وزير عربي في نيويورك، لم تفصح عن هويته، مضيفا أن «المبادرة العربية تتضمن شرطاً مهماً في ما يتعلق بالتطبيع، وأنه يجب أن يتم مع وفاء الطرفين بالتزاماتهما.. لكن إسرائيل قررت عدم وقف بناء المستوطنات، وإخراج القدس من المعادلة.. (ولهذا) يجب ألا نتوقع أن يقدم العرب أي تنازلات حيال هذه المواقف الإسرائيلية السلبية. هذا لن يحصل».

هذه المعطيات، التي لم يجر تأكيدها رسميا ولم ترد علنا على لسان أي من المسؤولين العرب المعنيين، تثير، في الحقيقة، ملاحظتين متنافرتين: واحدة إيجابية والثانية سلبية. من ناحية، يعتبر هذا التأكيد العربي الجماعي لرفض أي تطبيع مع إسرائيل قبل التوصل إلى صفقة متكاملة تتضمن تسوية عادلة مع الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين نقطة جيدة لا بد من إبرازها والتأكيد على ضرورة احترامها، حتى لا تتسلل الضغوط الأمريكية إلى الدول العربية فرادى فيتم التوصل إلى صيغ ما لعودة علاقات من نوع أو آخر بين هذه الدولة العربية أو تلك وإسرائيل. ولكن، من ناحية أخرى، يعكس طلبُ ضمانات من واشنطن في هذه القضايا وغيرها ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي نوعا من السذاجة، إذ ما الذي يضمن أصلا احترام أي إدارة أمريكية لضمانات كهذه في وقت لم تحترم فيه ضمانات سابقة قدمت إلى الراحل ياسر عرفات وربما إلى غيره، سواء كانت مكتوبة أو شفاهية؟! وماذا إذا تعارضت هذه الضمانات المقترحة مع ضمانات سابقة قدمتها واشنطن إلى الإسرائيليين.. لأي منهما ستكون الغلبة في النهاية؟ قد لا نحتاج بالضرورة إلى جواب، ليس فقط لبداهته المفرطة بل أيضا لأن ضمانات الرئيس السابق جورج بوش لرئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون، والمتعلقة بالكتل الاستيطانية ويهودية الدولة وغيرها، نراها رأي العين على الأرض في حين لا شيء يضمن أن تكون ضمانات واشنطن المحتملة كذلك. لقد بلغت العبثية في التعامل الفلسطيني والعربي مع ملف التسوية ذروتها، ولا بد من وقفة صريحة وصادقة مع النفس لاختيار نهج جديد مختلف بالكامل، وإلا فإن القائمين على أمورنا لن يرموا بالتفريط فقط بل بما هو أقسى وأمر، وهو التضليل.

About this publication