U.S. Currency and the World’s Problem

<--

الدولار يواصل انخفاضه عالميا، ومنذ شهر آذار (مارس) الماضي وحتى يومنا هذا فقد الدولار بالمعدل 15 في المائة من قيمته أمام العملات الرئيسية الأخرى بالمتوسط، وهذا يعني تلقائيا أن الدينار المربوط بالدولار فقد تلك القيمة، والحال كذلك لا غرابة أن تبدأ موجة جديدة من التضخم بالظهور في السوق المحلية رغم حالة التباطؤ في الأداء الاقتصادي.

والتساؤلات التي تشغل المراقبين: هل نعرف الى متى يستمر هبوط الدولار، ومتى سيتحرك البنك المركزي الاوروبي لتحريك أسعار الفائدة لتحقيق نوع من التوازن يساعد المصدرين في أوروبا التصدير الى الولايات المتحدة. كذلك تتوجه الأعين نحو الصين لرصد رد فعلها.

وهنا يمكن الحديث عن نوعين من ردود الفعل؛ في أوروبا فإن كبار الدول وعلى رأسها ألمانيا لا يضيرها حتى الآن التراجع الحاصل في قيمة الدولار، فصادراتها متواصلة، وهي لا تدفع باتجاه تخفيض في قيمة اليورو، ولكن الدول الصغيرة والمنضمة حديثا الى الاتحاد الأوروبي أعلنت في أكثر من مناسبة أن الوقت حان لتخفيض أسعار الفائدة على اليورو. ويرجح أن تأخذ العملية من 3-6 أشهر لإحداث التغيير المطلوب إن حصل.

أما الصين، فهي من جهة تحتفظ بأصولٍ قيمتها تتجاوز التريليون دولار مقومة بالدولار، وضعفه يعني خسارة صافية للصين، كذلك فإن تراجع العملة يفقد الصين مزايا نسبية في السوق الأميركية من ناحية القدرة على التصدير، ولكن ضعف الدولار يعني تحريك السوق الاميركية واستعادة الطلب لمستوياته السابقة أو بدء الخروج من دائرة الركود، ويرجح أن الصين أيضا لا ترغب بالدفع باتجاه رفع قيمة الدولار خلال المرحلة الحالية.

والخلاصة ما بين الصين واوروبا أن الدولار الضعيف خلال المرحلة الحالية يعني المساهمة بالخروج من الأزمة الاقتصادية، وهو وضع افضل من الوضع الذي يكون فيه الدولار قويا ولكن يرافقه حالة من الركود في سوق الولايات المتحدة، وهذا يعني أن علينا التعايش مع الدولار الهابط لفترة غير قصيرة.

استنادا لهذه القناعة ارتفع الطلب على الأصول المادية والأوراق المالية هربا من العملة التي لم يظهر المستوى الذي ستهوي اليه، لذلك نجد بوادر الانتعاش في الأسواق العالمية. وبدأت كذلك اسعار الأصول والمنازل بالارتفاع في السوق الأميركية وبعض اجزاء أوروبا، وهذا التحول طبيعي حيث إن تراجع العملة المصحوب بتدني أسعار الفائدة يفقدها جاذبية “الملاذ الآمن” الذي تحمله الورقة الخضراء.

محليا لم نكن بعيدين عن هذا التحول الذي سيبقى معنا للفترة المقبلة، لكنه لم يذهب باتجاه الاستثمار في الأصول بل في عملية التحول من الدولار الى الدينار في جانب الودائع، ولكن هذا لا يكفي للهروب من مخاسر العملة ولا يكفي لتحريك القطاعات الاقتصادية، وعلى العكس من تطورات السوق العالمية فإن سوق الأوراق المالية تعاني تراجعا وركودا من الصعب تبريره، فالأصل أن يتم التوجه لهذا النوع من الاستثمارات في ظل انحسار الفرص الاستثمارية المتاحة. من الواضح أن الكثير من المتغيرات المحلية يرتبط بسعر العملة التي تعتبر “مرساة” للقرارات الاقتصادية المتعلقة بتوزيع المحافظ الاستثمارية، كذلك نجد بقية الدول تتأثر بما يحصل للدولار وتستجيب لذلك، وكما قالها أحد الرؤساء الأميركيين قبل عقود: الدولارهوعملتنا ولكنه مشكلتكم، وكان يقصد الاوروبيين. المسألة باتت أكبر من ذلك، فالدولار بات مشكلة العالم وكذلك السياسات الاقتصادية التي دعمت موقف الدولار، ونحن محليا نتأثر مباشرة. وهذا يعيدنا الى خيار المفاضلة بين النمو والتضخم من جديد !

د. ابراهيم سيف

About this publication