The Weakening of Obama

<--

في استنزاف أوباما

مروان قبلان

23-11-2009

بعد عام على انتخابه، يبدو أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قد استنفد تقريباً كل الزخم الذي رافق وصوله إلى السلطة كأول سيد للبيت الأبيض من جذور افريقية يسعى نحو تغيير حقيقي في سياسات أميركا الداخلية والخارجية.

فشل أوباما في تحقيق إنجاز مهم على أي صعيد أخذ يثير شكوكاً عميقة حول قدرته على تنفيذ وعوده الانتخابية كما بدأ يدفع جزءاً مهماً من قاعدته الانتخابية إلى الانفضاض من حوله. وجاء أول مؤشر حقيقي على المزاج الشعبي العام من ولاية نيوجيرسي (ديمقراطية الهوى) حيث فاز الجمهوريون بمنصب الحاكم ونائبه في الانتخابات الجزئية التي جرت مطلع هذا الشهر، رغم الدعم القوي الذي منحه أوباما للمرشح الديمقراطي.

في الولايات المتحدة يعتبر العام الأول من ولاية الرئيس غاية في الأهمية، وغالبا ما يستخدم مؤشراً للدلالة على قدرته في تحقيق إنجازات فعلية، ففي سنته الأولى يستند الرئيس إلى دعم شعبي كبير لتنفيذ سياساته كما يتمتع غالباً بمساندة الأغلبية من حزبه في الكونغرس بفعل نتائج الانتخابات. وعندما يدخل الرئيس السنة الثانية من حكمه فهذا يعني عملياً بدء موسم الحملات الانتخابية النصفية، حيث يجري التنافس على جميع مقاعد مجلس النواب الـ535 وثلث مقاعد مجلس الشيوخ الـ100. وغالبا ما يفقد الرئيس خلال هذه الانتخابات الأغلبية التي يتمتع بها في أوساط السلطة التشريعية، كما حصل مع كلينتون في انتخابات عام 1994 وبوش الابن في انتخابات عام 2006.

تردد أوباما وحذره في وقت كان يحتاج فيه إلى الإقدام والمخاطرة، انعكس سلباً على أدائه أيضاً، فاستضعفه الحلفاء قبل الخصوم، وما تجرؤ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على تحديه عندما رفض نداءاته المتكررة لتجميد الاستيطان، إلا مثال واضح على ذلك.

الهجمة الشرسة التي نظمها اليمين الأميركي على أوباما عبر وسائل الإعلام خلال الصيف الماضي، ومازالت مستمرة، لعبت دوراً مهما أيضاً في تعزيز صورة الرئيس كرجل ضعيف ومتردد في مسائل الأمن القومي والسياسة الخارجية، وتنامى هذا الشعور عندما بدأت المؤسسة العسكرية تتحدى الرئيس في تقرير بعض السياسات والإستراتيجيات المرتبطة بالحرب في العراق وأفغانستان.

يعتبر إفشال إدارة أوباما الهم الرئيس لليمينين الأميركي والإسرائيلي. هذا التحالف الذي تكرس في عهد الإدارة السابقة، يسعى بما أوتي من قوة لاستنزاف أوباما وحرمانه من أي انجاز يمكن أن ينقذ رئاسته أو يعطيه فرصة التجديد بعد ثلاث سنوات. والخطوة الأولى لتحقيق ذلك ستكون محاولة حرمانه من الأغلبية في الكونغرس العام القادم. هذا يفسر حجم التوتر الذي اعترى إسرائيل وحلفاءها في الولايات المتحدة عندما بدا لوهلة إمكانية تحقيق اختراق دبلوماسي بين واشنطن وطهران بشأن الملف النووي، كما يفسر أيضاً تعنت حكومة نتنياهو بدعم وتحريض من اليمين الأميركي في رفض إعطاء أوباما أي شيء يسمح له بتحقيق تقدم في ملف الصراع العربي الإسرائيلي.

إذا استمر الوضع على هذه الحال خلال الأشهر الستة القادمة وإخفاق أوباما في تحقيق أي انجاز سواء على الصعيد الداخلي أم الخارجي، فالأرجح أن تدخل إدارته في حال العرج السياسي المبكر وتنتهي بالتالي الظاهرة التي توقع الكثيرون أن يكون لها تأثير بعيد المدى على مستقبل أميركا والعالم.

About this publication