Obama the Superman Disappeared and Obama the Hesitant Appeared!

Edited by Laura Berlinsky-Schine

<--

اختفى أوباما السوبرمان وبرز أوباما المتردد

الخميس, 17 ديسمبر 2009

عدنان كامل صلاح

يتأمل المراقب ما حدث بعد مرور سنة من عهد أوباما ويفاجأ بأن رئيس الولايات المتحدة الأميركية فقد ثقة معظم إن لم نقل كل المراقبين السياسيين داخل وخارج بلاده.

عندما اختار الأميركيون باراك أوباما رئيسا لهم تفاءل العالم.. سقطت مرحلة إدارة أميركية سعت إلى نشر الرعب في قلوب مواطنيها وأدخلت العالم في دوامة من الحرب غير الناجحة في أفغانستان والعراق، خلال ثماني سنوات عجاف.. رحل المتشددون عن البيت الأبيض ومامثلوه من عبء ثقيل على العالم أجمع، ودخل محلهم الليبراليون الديموقراطيون بأفكار جديدة وروح جديدة.

نعم، تفاءلنا جميعا.. وفي لقاء لي مع إحدى القنوات التلفزيونيه سألني المذيع خلال الأيام الأولى من عهد أوباما فيما إذا كان علينا أن نتفاءل حقاْ بحلول هذه الإدارة الجديده على رأس السياسة الخارجية الأميركيه، وقلت له نعم علينا أن نتفاءل لأنه من المنتظر أن تسعى إدارة أوباما إلى تحقيق إنجازات في مسيرات متعدده في مختلف أنحاء العالم.. وليتني لم أتسرع في قول ذلك.

اليوم يتأمل المراقب ما حدث بعد مرور سنة من عهد أوباما ويفاجاْ بأن رئيس الولايات المتحدة الأميركية فقد ثقة معظم إن لم نقل كل المراقبين السياسيين داخل وخارج بلاده، ماعدا أولئك الحالمين بإقامة لا الدولة (الفاضلة) بل العالم (الفاضل) الذي كان اليونانيون القدماء يحلمون بها.. فأوباما ورفاقه يسعون إلى إدارة سياستهم الخارجية بالحب والكلمات الناعمه والحوار المتواصل وكشف عوراتهم الحقيقيه وغير الحقيقي منها.

التعامل فيما بين الدول، كما هو التعامل بين الأفراد، يقوم على الثقة والإحترام المتبادل، ولا يمكن لك أن تعتمد على صداقة طرف آخر إذا شعرت بأنه غير مؤهل لمثل هذه الثقة أكان بسبب ضعفه أو عدم فهمه للمطلوب منه كصديق وحليف.. وإدارة باراك اوباما عاجزة عن كسب ثقة أحد حتى أن رئيس وزراء دولة صغيرة وهي سنغفوره، لي كوان يو، أنتقد السياسة الأميركية الحالية في آسيا بشدة وعنف خلال زيارته الأخيره لواشنطن وتساءل فيما إذا كانت أميركا تود أن تبقى قوه يحسب حسابها في العالم أم لا. وعندما ذهب الرئيس باراك أوباما لتلقي جائزة نوبل للسلام التي منحت له (جرى منحها خلال الأيام الأولى من توليه الرئاسة وبناءْ على خطبه لا أفعاله) ركز في خطابه على الدفاع عن سياسته الخارجيه، وقرأ على مستمعيه مقتطفات من خطاب الرئيس الأميركي الراحل جون كندي قال فيه أنه يسعى إلى: «سلام عملي أكثر، بالإمكان الوصول أليه، مبني لا على ثورة مفاجئه في الطبيعه الإنسانية ولكن على تطور تدريجي في المؤسسات البشرية».. وعبر أوباما عن أنه يدين في سياسته إلى مارتين لوثر كنج، الزعيم الأبرز لحركة تحرير السود، القائمة على عدم العنف كما أرساها القائد الهندي الشهير المهاتما غاندي.

وحين جاء لزيارة الشرق الأوسط أعتلى منبر جامعة القاهرة ليبشرنا بسياسة جديدة تجاه القضية الفلسطينية بل وطالب الإسرائيليين بوقف كامل للأستيطان في الأراضي المحتلة، وسارع إلى اختيار ممثل خاص له ليتولى متابعة هذه القضية مع الإسرائيليين والفلسطينيين.. ورفض نتنياهو الالتزام بوقف الاستيطان بل تمادى في البناء والتمويل للمستوطنين الإسرائيليين خاصة في القدس المحتلة، وجاء مندوب الرئيس الأميركي إلى المنطقة ثم عاد إلى واشنطن واختفى بعدها عن الأنظار، ولم تحرك إدارة أوباما ساكنا بل كان الأكثر إيلاما من ذلك أن تأتي وزيرة الخارجية الأميركية لتثني على قرار نتنياهو وقف جزئي ومشوه لبعض من الاستيطان، متجاهلة بذلك كل ما قال به رئيسها.

هل إدارة أوباما عاجزة عن القيام بأي أمر بشكل ناجح؟.. لقد استغرق اتخاذ هذه الإدارة لقرار إرسال قوات أميركية إضافية إلى أفغانستان حوالى ثلاثة شهور قضاها الرئيس أوباما في معاناة غريبه بين مستشاريه وآرائهم المتناقضة عاجزا عن اتخاذ القرار المناسب، من وجهة نظره على الأقل، قبل مرور التسعين يوما.. ولم يتمكن حتى اليوم من تحقيق أي من البرامج التي وعد بها في الداخل أو الخارج.. وهو يعيش هذه الأيام معاناة أخرى سببها له الإيرانيون المتشددون الرافضون لا التفاهم على برنامجهم النووي فحسب بل حتى تلقف يده التي مدها إليهم علنا منذ شهور عدة. وأكدت إدارة أوباما في أكثر من مناسبة أنها تعتبر الصين «شريكا إستراتيجيا» في مختلف الأمور الاقتصادية والعسكرية على مستوى العالم.. ومن الواضح أن الصينيين غير مهتمين بأن يكونوا شركاء لأميركا بل يسعون إلى وراثة قيادة العالم على مراحل تبدأ بآسيا وأفريقيا ثم تكمل مسيرتها إلى بقية أنحاء العالم.

فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية فإنه مالم يتغلب أوباما على ما يبدو أنه ضعف في سياسته أوربما شخصيته ويقدم، في أسرع وقت ممكن، مشروعا مفصلا لما يقترحه لقيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية، فإن المنطقة مرشحة للكثير من القلاقل والفوضى.. كما أن على الرئيس الأميركي أن يبين لأصدقاء بلاده في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وغيرها أنه يمكن له أن يسلك سياسة متوازنه فلا يعطي أعداءه أكثر مما يعطي أصدقاءه.. وهو ما تخشاه اليوم اليابان وكوريا الجنوبية وغيرها بعد أن عاشت تجربة السنة الأولى من عهد أوباما. خلال ثماني سنوات من الحرب في افغانستان خسر الأميركيون، حسب تقرير لوزارة الدفاع الأميركية، أقل من تسعمائة قتيل في أفغانستان وباكستان وأوزبكستان.. وبالرغم عن ذلك استغرق وصول أوباما إلى قرار بشأن إرسال ثلاثين ألف جندي إضافي إلى أرض المعركة ثلاثة شهور من الاجتماعات والنقاشات الداخلية لإدارته.. فكم سوف يستغرق من الزمن وصوله إلى قرار حول فلسطين إوغيرها من الأمور؟؟ عسى أن لا يتطلب الأمر ثلاث سنوات من الجدل والحوار فيما بين العاملين معه في البيت الأبيض.

About this publication