An American-Iranian Confrontation in Iraq

<--

مواجهة امريكية ايرانية في العراق

رأي القدس

يعيش ‘العراق الجديد’ وضعا فريدا من نوعه بعد ست سنوات على احتلاله من قبل القوات الامريكية، فالعراقيون لا يعرفون متى سيعود الامن الى بلادهم، وتتوقف اعمال العنف التي تحصد ارواح العشرات وفي بعض الاحيان المئات شهريا. وجاءت سلسلة التفجيرات الاخيرة التي استهدفت بعض المصالح الحكومية في قلب العاصمة لتنشر حالة من الكآبة لما تؤشر عليه من احتمالات تصاعدها حتى يوم اجراء الانتخابات العامة في آذار (مارس) المقبل.

لا شك ان تزامن التصعيد الحالي في احداث العنف والارهاب مع الصراعات المتفاقمة بين الاحزاب، والكتل المشاركة في العملية السياسية والمتنافسة على مقاعد البرلمان الجديد، يوحي بان المعركة الانتخابية ربما لن تكون سلمية في ظل رغبة بعض الجهات في الاحتكام الى السلاح والسيارات المفخخة ضد خصومها.

وجاءت الانباء الاخيرة حول اقتحام قوات ايرانية للحدود العراقية، والاستيلاء على حقل نفطي متنازع عليه في جنوب العراق (حقل الفكة) لتضيف صداعا جديدا للحكومة العراقية التي تعاني من امراض عديدة بعضها قاتل مثل التفجيرات الدموية الاخيرة، وانهيار الخدمات العامة، وحدوث صراعات داخل الائتلاف الداعم لها.

هناك تفسيرات لمثل هذه الخطوة الايرانية المفاجئة في اهدافها وتوقيتها:

* الاول ان تكون الحكومة الايرانية تريد اضعاف حكومة المالكي لمصلحة تحالف المجلس الاعلى الاسلامي الاقرب اليها سياسيا وطائفيا، بفتح جبهة جديدة معها حول الحقول النفطية، والحدود.

الثاني: ان تكون الحكومة الايرانية قد بدأت تشعر بأن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الغربيين سيلجأون الى خيار الحصار الاقتصادي الخانق ضدها في مطلع العام الميلادي الجديد، كمقدمة لخيار عسكري موسع لاحقا، ولذلك قررت ‘استفزاز’ القيادة العسكرية الامريكية في العراق بالإقدام على هذه الخطوة على أمل ان تتدخل القوات الامريكية وتتصدى للقوات الايرانية التي استولت على الحقل ورفعت علم بلادها عليه.

من الصعب استبعاد أي من الاحتمالين المذكورين، وربما تأتي الخطوة الايرانية هذه لتحقيقهما معا، أي اضعاف حكومة المالكي لمصلحة خصومها في المجلس الاعلى الاسلامي، واستفزاز القوات الامريكية لجرها الى مواجهة عسكرية محدودة في توقيت لا تريده قيادتها.

الرئيس الايراني أحمدي نجاد يصدر اشارات قوية توحي بالثقة في مواجهة حال الارتباك الامريكي حول كيفية التعاطي مع الملف النووي الايراني، بعد فشل المحادثات السلمية في اقناع الايرانيين بالتوقف عن عمليات تخصيب اليورانيوم، وتسليم ما في حوزتهم من يورانيوم منخفض التخصيب الى روسيا ومن ثم الى فرنسا لتحويله الى يورانيوم عالي التخصيب لاستخدامه كوقود في الاغراض السلمية فقط.

فاطلاق ايران صاروخ ‘سجيل’ الذي يزيد مداه عن الفي كيلومتر قبل يومين، وهو الصاروخ الذي يصعب تدميره بالصواريخ المضادة للصواريخ، هو رسالة الى امريكا ورئيسها باراك اوباما، مثلما هو رسالة ايضا الى اسرائيل، تقول بأن ايران لن تقف مكتوفة الأيدي في حال تعرضها الى هجوم عسكري، فهي تملك القدرة على الوصول الى اهداف اسرائيلية، قد يكون من بينها المفاعل النووي في ديمونا في قلب صحراء النقب.

وفي الإطار نفسه يمكن النظر الى اعلان ايران عن امتلاكها ستة آلاف وحدة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم، وفي طريقها لمضاعفة هذا العدد في المستقبل القريب للبدء في عمليات تخصيب أعلى لليورانيوم في غضون عامين.

العراق مرشح لكي يكون ساحة مواجهة، او حرب استنزاف بين ايران والولايات المتحدة، مثلما هو ساحة مواجهات بين جهات عديدة والحكومة العراقية، من بينها تنظيم ‘القاعدة’ والمقاومة البعثية، والصراع الداخلي بين ميليشيات الائتلاف الحاكم.

About this publication