The Man of 2009

<--

‏ رجل 2009

مع نهاية السنة الأولي للرئيس أوباما في الحكم‏,‏ يشكو الكثيرون في الداخل والخارج من الاحباط وخيبة الأمل في أدائه مقارنة بالتوقعات العالية والآمال العريضة في التغيير‏,‏ وقد يكون لهم بعض الحق في ذلك نظرا للفجوة الواسعة بين خطابه البلاغي الواعد وقوة الواقع السياسي في الحكم.

‏ ولكن لماذا لا يفكر هؤلاء المحبطون في أن العكس قد يكون صحيحا أيضا‏,‏ وأن يكونوا هم قد احبطوه وعرقلوا جهوده من أجل التغيير؟ ألم يأت الرجل بقلب وعقل مفتوح؟ ألم يمد يده للأعداء والأصدقاء علي السواء؟ وفتح لهم باب التفاوض واستخدم كل ما لديه من وسائل الاقناع؟ فعل ذلك مع إيران وكوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا وبورما‏,‏ وأيضا روسيا والصين وغيرها‏,‏ وكانت ردود الفعل في كثير من الأحيان محبطة‏,‏ واصطدمت مساعيه بقوي جامدة رافضة أو غير متحمسة‏.‏

ولو أخذنا القضية الفلسطينية مثالا‏,‏ ألم تكن الحروب فيما بين أصحابها وصراعهم علي السلطة كفيلا باحباطه وتراجع حماسه المبكر؟ فربما تركوا لديه الانطباع بأنهم يفتقدون الجدية المطلوبة لحل قضيتهم المزمنة‏,‏ مع ذلك فهو مازال يدرس أفكارا جديدة يمكن الانطلاق منها‏,‏ وتحتاج إلي تعاونهم وإلا اضطر للتعامل مع إسرائيل وحدها‏,‏ ثم ماذا عن إيران؟ ألم يعطها فرصا طوال العام وقدم لها مختلف الحلول والاغراءات الممكنة في سبيل وقف برنامجها النووي والتوقف عن دعم المنظمات المتطرفة‏,‏ فازدادت تعنتا وغطرسة وسوء فهم لأسلوبه المهادن؟ فقد يضطر في النهاية لاتخاذ إجراء عقابي في إطار دولي‏.‏

ربما يبدو أوباما للبعض ضعيفا ساذجا غير قادر علي تسويق مبادراته‏,‏ ذلك لأنه يستخدم دبلوماسية مهذبة تصالحية وصبورة تتناقض تماما مع أسلوب بوش العدواني‏,‏ لكنه في نفس الوقت مقاتل عنيد لا يستسلم للفشل حتي ولو تأخرت خطواته بفعل الشد للوراء‏,‏ فهو يواصل معاركه إلي أن يحقق انجازا ولو جزئيا أو مؤقتا أو مجرد بداية‏,‏ وهذا جزء من شخصيته الواقعية العملية‏,‏ فعل ذلك في قمة كوبنهاجن للبيئة‏,‏ وفي معركته الداخلية حول الرعاية الصحية والأزمة المالية‏,‏ ولا ننسي أنه نجح في تخفيف حدة التوترات الدولية والمناخ العدائي لأمريكا‏,‏ ثم إنه مازال حديثا في الحكم وأمامه ثلاث سنوات علي الأقل من الجهد الجبار لتصحيح ما لم يتمكن من تصحيحه‏,‏ أهمه الخروج من أفغانستان فاعطوه فرصته الكاملة ولا تحبطوه أو يحبطكم‏,‏ وهو راض عن أدائه ومنح نفسه‏16‏ درجة من‏20‏ ومن حقه أيضا أن يكون رجل‏2009.‏

About this publication