U.S. Falls into Blackwater’s Trap

<--

القضــاء الامريكـي يسقـط فـي فخ بـلاك ووتــر

الخميس, 21 يناير 2010 08:20

المحامي حسن شعبان

بادئ ذي بدء أود أن أسجل للقضاء الأمريكي التزامه بالمعايير الدولية والإنسانية (الاستقلالية والحيادية والقانونية والنزاهة) حيث يشهد التاريخ له حرصه على أن تكون محاكمته تتصف بالقانونية والعدالة ولا يعير أي أهتمام لأية مواقف خارجية حكومية أو غيرها ويقضي قضاته بما تُملي عليه ضمائرهم لهذه الأسباب تمكن القضاء الأمريكي في أن يكون محل أحترام وتقدير الرأي العام المحلي والعالمي .

القضاء في كل مكان في الولايات المتحدة وفي بلدان أخرى يخضع للقانون النافذ ويحكم بموجب نصوص قانونية حيث لا أجتهاد في موضع النص ولا عقوبة إلا بنص أيضاً من هنا قد يكون النص القانوني أحياناً لا يتفق مع منطق البعض ولا حتى مع العدالة بهذا ينبغي أن يحترم الرأي العام ويلاحظ بأنتباه لهذه القواعد القانونية الآمرة التي تخضع لسلطة القانون وأن لا سلطة فوق سلطته . وحتى لا نخرج عن صلب الموضوع الذي نحن بصدده وهي قضية الشركة الأمنية الأمريكية (بلاك ووتر) التي عملت في العراق تحت المظلة الأمريكية ولا أدري إن كانت مستمرة فيه أم توقفت بسبب تناقض المعلومة الصحفية والتصريحات الرسمية ولكنها بكل تأكيد كانت هذه الشركة تعمل في العراق تحت حماية الجيش الأمريكي المطلقة وأستثناها من ولاية القضاء العراقي وتحت أي ظرف كان وأعتقد أن القضاء العراقي مع الأسف الشديد ظل ملتزماً مطواعاً لهذا القرار وكذلك الأجهزة الأمنية الأخرى .

في تلك الحقبة وقعت حادثة ساحة النسور التي ذهب ضحيتها سبعة عشر مدنياً بدون ذنب أقترفوه سوى أنهم كانوا متواجدين مصادفة في هذا المكان والزمان لهذا لم تتمكن السلطات العراقية القضائية والأمنية أن تحرك ساكناً إزاء هؤلاء القتلة الذين قتلوا ضحاياهم بدم بارد وقامت القوات الأمريكية بحمايتهم وفقاً لسلطة الأحتلال التي تتمتع بها ومن أجل ذر الرماد في العيون أو لوقف الاحتجاجات العراقية العارمة قامت بتحريك الدعوى ضدهم لدى القضاء الامريكي .

تتلخص هذه القضية في أن هؤلاء المرتزقة والمعروف عنهم على النطاق العالمي أنهم يمارسون عملهم ونشاطهم خارج المألوف القانوني وحتى خارج المفهوم البشري ولا يخضعون لضوابط أدبية كانوا في ذلك الوقت يمرون في ساحة النسور وادعوا أنهم قد تعرضوا لإطلاق نار وعلى فرض صحة هذا الأدعاء (رغم أن أكثر من وسيلة أثبات معتبرة وقانونية لم تقر بهذا الأدعاء) فأن رد الفعل لم يكن بالمستوى المطلوب والمتعارف عليه عسكرياً حيث أفرطوا في أستخدام السلاح المتطور وأستخدموه عن قصد وسبق اصرار ضد المدنيين الأبرياء من نساء وأطفال ورجال وهم أمام بصرهم والأجهزة الكاشفة التي يضعونها على عيونهم وهم يتلقون صيحات النجدة من الضحايا فلا يمكن أن يقبل أي إنسان بهذا التصرف الإجرامي القذر فما بالك قاضٍ يتحلى بكل الإمكانات والنظرة الثاقبة لأحداث من هذا النوع لأنها قضية لا تخرج من أطار التعمد والثأر والعنصرية شاهدتها كل الفضائيات بل ونقلتها بصورة وخبر إلى الرأي العام لهذا نقول أن القاضي الأمريكي قد وقع فعلاً في فخ بلاك ووتر لما لها من إمكانيات معروفة على النطاق العالمي ومختصون في الجرائم والاغتيالات والتزييف وتغيير الوقائع ولأن القضاء يبتعد عن مسرح الجريمة آلاف الكيلو مترات ولأن الوقائع والشهود هم من الشركة الأمنية ذاتها ولأن وزارة الخارجية الأمريكية هي التي حركت الدعوى وهي ملزمة بالدفاع حقاً أو باطلاً عن بلاك ووتر أتى قرار المحكمة لا يتفق مع الوقائع .

هذه الوقائع أسهمت وسهّلت الأمور أمام القاضي المختص رغم أنني وبصراحة لا أعفيه من مسؤولية أصدار قرار البراءة بهذا الشكل لأن يتخذ هذا القرار غير العادل وغير القانوني أيضاً . قرار فيه من الإساءة ما يكفي للقضاء الأمريكي وبغض النظر عما أثارته أجهزة الإعلام من لغط حول حصول الضحايا على تعويضات ذلك لأن في كل جريمة فيها حقوق خاصة مدنية وحق عام ولابد أن تكون هناك إدانة واضحة . في هذا الصدد لابد أن أُشير إلى الخطأ الفادح الذي قامت به حكومة السيد اياد علاوي حينما أقدمت على سحب طلبها بالإنضمام إلى اتفاقية روما الناشئة للمحكمة الجنائية الدولية، إذ لو أستمرت الحكومة العراقية في انتماءها هذا لكان بإمكان الحكومة العراقية والضحايا أن يلتجؤوا إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لمقاضاة هؤلاء القتلة ولعجزت القوات والحكومة الأمريكية عن حماياتهم وقد يكون واحداً من هذه الأسباب التي دفعت الحكومة العراقية إلى الأنسحاب من هذه المعاهدة؛ وبهذه المناسبة نناشد الحكومة العراقية الحالية إلى الإسراع في الأنضمام مجدداً لحماية العراق والعراقيين من أي اعتداء أو تدخلات اقليمية أو دولية ومن أية جهة كانت وذلك لوجود القوات الأمريكية وهذه الشركات على أرض عراقية .

تبقى قضية بلاك ووتر وضحايا ساحة النسور نقطة سوداء في جبين القضاء الأمريكي لأنه لم يقم بواجباته كما ينبغي واقعاً فعلاً في فخ وآلاعيب هذه الشركة التي تحمل سجلاً أسوداً لأعمالها في أي بلد حلت فيه . وزارة الخارجية الامريكية والحكومة العراقية وعبر محامين أمريكيين مطالبين بالتحرك الفوري لاستئناف هذا القرار المجحف بحق ضحايا ساحة النسور، إذ لابد من ادانة ومعاقبة منتهكي حقوق الإنسان ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية ذلك لأن القضاء الوطني يبقى عاجزاً عن التدخل في هذه القضية طالما انها خارج ولايته إستناداً لقرارات سلطة الأحتلال وقبول الجهات الرسمية به. المنسق العام لمنظمة حقوق الانسان والديمقراطية في العراق

About this publication