تعتقد دوائر رسمية عربية أنه لن يمر العام الحالي إلا وتكون الحرب قد اندلعت في المنطقة مجدداً، ولن يمر هذا الشهر إلا وتكون إيران قد تعرضت لمجموعة عقوبات جديدة، هذا الاعتقاد يستند إلي بعض الشواهد مثل التحركات للقوات والقطع البحرية الامريكية والتابعة للأطلنطي في منطقتنا والاعلان عن نشر صواريخ مضادة للصواريخ في أربع دول عربية خليجية، ثم التهديدات الإسرائيلية بالحرب التي طالت أولا لبنان ثم ثانيا سوريا.
وتري هذه الدوائر الرسمية أن تحرك هذه القوات مكلف ولا يمكن أن تتحمله الدولة صاحبة هذه القوات لفترات طويلة، ولذلك هو يأتي في إطار الاستعداد لشن الحرب، كما أن نشر الصواريخ المضادة للصواريخ هو استعداد مبكر لرد الفعل الايراني المتوقع اذا ما تعرضت منشآتها النووية لضربة عسكرية، أما التهديدات الاسرائيلية للبنان وسوريا فهي تستهدف اخافتهما من أن مساندتهما لإيران في الحرب القادمة سيكون لها ثمن كبير.
ولا تستبعد هذه الدوائر العربية أن تكون كل هذه التحركات والاعلانات والتهديدات تستهدف ممارسة ضغوط قوية علي إيران حتي تقبل بمشروع إعادة تخصيب اليورانيوم الذي تملكه في الخارج، وهو ما دفع الإيرانيين للإعلان علي لسان الرئيس أحمدي نجاد القبول بهذا المشروع مع حق إيران بتحديد كمية اليورانيوم الذي ستخرجه لاعادة التخصيب، لكن هذه الدوائر العربية لاتستبعد أن يكون ثمة استعداد أمريكي وغربي للحرب إذا ما لم تحقق الضغوط هدفها، وظلت ايران تراوغ في إخراج ما لديها من يورانيوم لاعادة تخصيبه في الخارج، مثلما فعلت علي مدار الشهور السابقة.
هذه الدوائر تعتقد أن الادارة الامريكية قد تضطر رغم تورط واشنطن في حرب أفغانستان إلي الدخول في حرب جديدة مع اقتراب انتخابات الكونجرس وليس هناك أفضل من الحرب ضد عدو خارجي لتحظي الادارة الديمقراطية بتأييد أكبر من الامريكيين يمكن أن يستثمره حزبها في هذه الانتخابات.
أما إذا أنصتت الادارة الامريكية لصوت العقل وأصوات المعارضين للحرب سواء داخل أمريكا أو داخل المنطقة من اندلاع حرب جديدة، فإنهم يستبعدون أن تحاكيها الحكومة الاسرائيلية التي قد تغامر بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الايرانية يكون من بين أهدافها توريط واشنطن في حرب جديدة بالمنطقة ستجعلها غير مكترثة أو مهتمة بتحرك جاد لاقامة الدولة الفلسطينية.. أي أن الحرب ـ كما تعتقد هذه الدوائر ـ قادمة سواء كانت برضاء وموافقة أمريكا أو بغير رضاها لأن الإسرائيليين يخشون البرنامج النووي الإيراني بدرجة كبيرة، فضلا عن أن الحرب ستحقق للإسرائيليين فوائد عديدة تتمثل في إلقاء أمريكا القضية الفلسطينية وراء ظهرها، كما أنهم يدركون أن أمريكا لن تترك أمن إسرائيل يتعرض لأي خطر، ولن تسكت علي تعرضها لضربات إيرانية أو لضربات تأتيها من لبنان ومن حماس ومن حتي سوريا.
ولذلك تري هذه الدوائر العربية الرسمية أن جهداً عربيا كبيراً يجب أن يبذل من أجل منع هذه الحرب التي يتم الاستعداد لها، لأنها إذا وقعت سوف يدفع ثمنها الأكبر العرب وليس الإيرانيين أو الاسرائيليين الذين ستنشب الحرب بينهما أو حتي الامريكيين الذين قد يتورطون فيها، فإذا نشبت هذه الحرب ستكون الاراضي العربية سواء في الخليج أو لبنان أو غزة مسرحا لها، كما أن المنطقة ستكون طاردة للاستثمار والسياحة مما سيهدد اقتصادياتها التي لم تتخلص بعد من آثار أزمة اقتصادية عالمية عاتية وكبيرة، وكل حرب شهدتها المنطقة من دفع فاتورتها هم العرب وحتي الآن لم يتم إعادة بناء لا جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لعاصمته بيروت، ولا غزة، ولا العراق، فضلا عن أن الحرب تصطحب معها دائما الارهاب الذي يجد في جوها مناخا ملائما لأن ينمو ويترعرع وينتشر في ربوع المنطقة التي تنشب فيها هذه الحرب.
وتري هذه الدوائر العربية الرسمية أن هذا الجهد العربي لمنع الحرب وحماية المنطقة منها يجب أن يتجه في وقت واحد تجاه أمريكا وإيران.. أمريكا لتمضي أكثر في سبيل الحوار والمفاوضات لحل مشكلة الملف النووي الايراني.. وإيران لكي تغير من أسلوبها في إدارة هذا الملف، ولتقبل بمشروع إعادة تخصيب اليورانيوم في الخارج لسد ذرائع الحرب لدي الغرب، ولكن السؤال: هل العرب قادرون علي القيام بهذا الجهد المطلوب لمنع الحرب؟.. أم إنهم غير قادرين وربما غير مقتنعين بأنها قادمة؟..
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.