Bankruptcy of Nations Following The Bankruptcy of Banks?

<--

بعد افلاس البنوك الاميركية وشركات الوساطة العملاقة من امثال ليمان بروذرز ، دخلت الازمة المالية العالمية مرحلة افلاس الدول كاليونان ، وربما تلحقها البرتغال واسبانيا. واكثر ما يهدد النظام المالي العالمي اليوم هو انهيار الصناديق السيادية بعد تفاقم عجز المديونية واعلان بعض الحكومات المأزومة فشلها في سداد ديونها. لم تنته الازمة المالية العالمية ولعلها انتقلت الى كونها ازمة اقتصادية مزمنة تربك نظام السوق العالمي برمته وترغم الحكومات على اتباع سياسات حمائية تتناقض وفلسفة الانفتاح الاقتصادي والتجارة الحرة.

الخطر يكمن في التعامل مع التداعيات الاجتماعية ، فالبطالة في ازدياد وهناك حمى اسعار وتخبط في اسواق الاسهم والسلع والعملات والسندات ، والحكومات حائرة بين ضبط الانفاق الحكومي من جهة وتحفيز السوق من خلال ضخ السيولة واطلاق مشاريع كبرى تبقي جذوة النمو حية وتقود الاقتصاد الى النمو والتعافي. وهي امام تحديات من نوع لجم التضخم وتشجيع البنوك على استئناف الاقراض والمحافظة على الاستقرار الاجتماعي والسياسي في آن.

الخبراء ايضا محتارون. فالبعض يتحدث عن نمو بطيء واخرون يحذرون من انهيار آخر وقلة يتوقعون خروجا سريعا من الازمة بحلول صيف هذا العام. والحقيقة ان لا احد يعرف. وفي مؤتمر دافوس الاخير تباينت وجهات النظر ، ولم تحسم النتيجة لصالح طرف ما.

التحدي الأكبر حاليا امام الحكومات هي البطالة ، فالملايين فقدوا وظائفهم وبحسب تقرير للنيويورك تايمز فان صفوف العاطلين عن العمل لن تنكمش في ضوء التعافي الحذر الذي نشهده. وعندما تقرر ولاية اميركية اجبار مواطنيها على دفع قيمة مكالمة الطوارئ (بحدود 300 دولار سنويا) فان ذلك يؤشر على انهيار منظومة دولة الرفاه والخدمات ليس فقط في اميركا بل في انحاء اخرى من العالم. ومؤخرا اعلن هنا في الاردن ان المواطنين سيضطرون لدفع قيمة وحدة الدم بواقع 15 دينارا مما يفتح الباب على مصراعيه بخصوص الابعاد الانسانية والاخلاقية والاجتماعية لقرار مثل هذا.

وعندما يعلن نائب رئيس الوزراء د. رجائي المعشر عن ان المديونية العامة ستوازي الناتج الاجمالي المحلي الاجمالي في غضون سنوات قليلة ، اذا لم تتخذ اجراءات اقتصادية صعبة ، فانه ليس من المبكر ابدا دق اجراس الخطر ودعوة الحكومة للانفتاح على المواطنين واشراكهم في صنع القرار الذي سيتحمل نتائجه السواد الاعظم منهم.

عنوان المرحلة القادمة سيكون المزيد من الضرائب والكلف المفروضة مقابل خدمات كانت الدولة توفرها مجانا ، او بكلف زهيدة ، لمواطنيها. والهدف الآن هو انقاذ الحكومات من الافلاس وانتشال نظام مالي متعثر من الهاوية. المواطن هو الملاذ الاخير لهذه الحكومات وجيبه المتعب ووظيفته ومسكنه وتعليم اولاده وتوفير عناية صحية لهم معرضين لمزيد من الانتهاك في الاشهر وربما السنوات القادمة.

النظام الرأسمالي العالمي ليس بخير والتحديات القادمة تنذر بهزات اجتماعية وسياسية خطيرة. وستكون المديونية “السيادية” حاضرة في كل المؤتمرات والاجتماعات الاقليمية والدولية القادمة. والمشكلة الكبرى ان الحلول الاقتصادية الكلاسيكية ، النابعة من صميم الفكر الرأسمالي ، ستلحق الاذى بعامة الناس وبدافعي الضرائب ومقترضي البنوك من الموظفين ، والاهم انها ستنهي ما تبقى من الطبقة الوسطى ناهيك عن الطبقات الدنيا ، ولكل ما سبق تداعيات اجتماعية وسياسية لن تستطيع كل الدول تحملها.

في العالم العربي من الضروري ان تتصدى الدول الغنية لمسؤولياتها تجاه غيرها. فالامن القومي العربي لا يقوم بسعر صرف الدولار وتقلبات البورصة ، وانهيار اقتصاد دولة ما سيؤثر حتما على مصالح الدول المجاورة. وبدل ان ترتهن الدو ل ذات الضائقة الاقتصادية لشروط البنك الدولي وغيره ، بما يعني ذلك من رضوخ لاجندات سياسية معينة ، فان دول الجوار الغنية مطالبة بالتدخل. وكما رأينا فقد سارعت دول اتحاد اليورو لنجدة اليونان. ونأمل ان تنتبه الدول العربية الميسورة لعواقب حدوث انهيار اقتصادي في دول الجوار وتتدخل لحماية مصالحها القومية قبل كل شيء. ان تجاهل تداعيات الازمة الحالية سيعصف بالمنطقة وقد يفضي الى كارثة اقليمية لن تستثني احدا.

About this publication