لن تكفي حماسة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لحمل الحكومة الاسرائيلية على توفير ظروف السلام مع الفلسطينيين وإقامة دولتهم المستقلة القابلة للحياة على الاراضي المحتلة في 1967. كما لن يكفي بيان من اللجنة الرباعية، حتى لو كان صادراً عن اجتماع على مستوى وزاري وفي حضور بان، لحمل بنيامين نتانياهو على التراجع عن خططه الاستيطانية في الاراضي المحتلة، بما ينسف حتى فرصة مفاوضات غير مباشرة مع السلطة الفلسطينية، كما ترغب الولايات المتحدة.
ربما يكون الانتقال المفاجئ للأمين العام للمنظمة الدولية الى المنطقة، غداة بيان اللجنة الرباعية، من باب إظهار الاهتمام وحسن النيات ازاء العزم على دعم اقامة الدولة الفلسطينية، وضرب الحديد الحامي في ظل الموافقة العربية على المفاوضات غير المباشرة والرغبة الاميركية الملحة بالبدء بها. وربما ايضاً من باب تشجيع العرب الذين يعقدون قمتهم بعد اسبوع، على الاستمرار في تأييد هذه المفاوضات ودعمها.
لكن المشكلة، مرة أخرى، ليست لدى الجانب العربي، والفلسطيني. انها تكمن في قدرة اللجنة الرباعية، بما هي انعكاس لسياسات الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدوة والاتحاد الاوروبي، على ضمان الحصول من اسرائيل على توفير متطلبات هذه المفاوضات، خصوصاً ان هذه اللجنة حرمت نفسها من أي وسائل ضغط جدية على اسرائيل، بما فيها العودة الى مجلس الأمن.
ليس سراً ان ادارة الرئيس باراك اوباما ترغب في تسجيل نقطة لمصلحة دعوتها الى المفاوضات غير المباشرة، بعد الصفعات الاسرائيلية المتكررة لموفديها الى المنطقة، عبر التمسك بسياسة ضرب أسس قيام الدولة الفلسطينية، ومنها الاستيطان.
وهنا تعمل الادارة الاميركية على خطين:
الأول هو الإكثار من رسائل التطمين الى العرب والفلسطينيين من أجل ابقائهم في اطار دعوتها الى المفاوضات غير المباشرة. وهذا ما جرى التعبير عنه في تصريحات علنية والبيان الأخير للرباعية وزيارة بان. وفي هذا المعنى يمكن اعتبار ان التحرك الاخير، والمعبّر عنه برفض الاجراءات الآحادية أي الخطط الاسرائيلية الجديدة للاستيطان، يتوجه اساساً الى العرب.
الخط الآخر هو ايجاد صيغة تسوية مع حكومة نتانياهو، لتجاوز أزمة الاستيطان، خصوصاً عشية انتقال رئيس الحكومة الاسرائيلية الى الولايات المتحدة. فعلى رغم كل الضجيج في واشنطن وتل أبيب عن حدة الخلاف، حسمت الادارة أمرها لجهة تفادي أي مواجهة مع اللوبي اليهودي، في ظل استحقاقات أميركية داخلية مهمة. وبات من مصلحتها لفلفة الاختلاف مع الحكومة الاسرائيلية، على أساس ان تراجع هذه الحكومة الخطط الاستيطانية، على نحو يبرر للادارة الاميركية القول انها حصلت على تنازلات منها. أما مضمون هذه المراجعة، أو كما قيل استجابة الشروط الاميركية، فهو الاستيطان من دون الضجيج الذي صاحب اعلان الخطة الاخيرة في القدس المحتلة خلال زيارة نائب الرئيس جو بايدن.
وفي هذا المعنى، يمكن الاعتقاد بأن الجولة الجديدة المقررة للموفد الرئاسي جورج ميتشل تهدف الى الاعداد لزيارة نتانياهو الى الولايات المتحدة اكثر من كونها تهدف الى الحصول من اسرائيل على تنازلات توفر ظروف استعادة المفاوضات. أي انها تهدف الى توفير المظاهر لمصالحة ادارة اوباما مع حكومة نتانياهو، وليس الضغط على اسرائيل لتوفير شروط الرباعية لاستعادة المفاوضات والقبول بأهدافها.
هكذا يتحول الضغط مرة أخرى الى العرب لقبول نتائج المصالحة الاميركية – الاسرائيلية ومتطلباتها، بدل ان يتصاعد الضغط الدولي، ومنه الأميركي، على اسرائيل لتوفير متطلبات السلام.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.