Obama: More Arab than Some Arabs

<--

الصفحة الرئيسية ›

أوباما… عربي أكثر من بعض العرب

الأربعاء مارس 31 2010 – محمد شاكر عبد الله

قالوا الكثير عن الرئيس الأميركي باراك أوباما. قالوا قبل فوزه بالرئاسة واستمروا في القول بعد أن تولى الرئاسة. أولا ركزوا على والده الكيني المسلم وبالتالي كان اسمه الثاني حسين هو محور الانتقادات العرقية الموجهة اليه. ثم توسعوا فاتهموه بأنه مسلم في الباطن وبالتالي لن يكون محايدا في سياساته الشرق أوسطية وسيكون مناوئا لاسرائيل.وكان خطابه بعد توليه الرئاسة بشهور قليلة في جامعة القاهرة ومد يده بالتعاون للعالم الاسلامي مثارا لتعليقات غير ودية من جانب معسكر المحافظين الأميركي، الذي فضل خلال السنوات الثماني التي سبقت عهد أوباما أن يشهر السلاح في وجه ما سماه بالاسلام المتطرف تحت شعار “محاربة الإرهاب” في مواطنه قبل أن يصل الأراضي الأميركية.

وليس من شأننا أن ندافع عن أوباما، فالرجل أميركي وتقييم مواقفه وطبيعته الشخصية وسياساته الداخلية، وربما الخارجية التي تمتد على مساحة الكرة الأرضية، هو من شأن الأميركيين أنفسهم. وهويضع سياساته في المنطقة العربية في إطار رؤيته الاستراتيجية العالمية الشاملة.

ومن هنا فإن ما يبدو للعرب نوعا من التعاطف معهم ربما هو في حقيقة الأمر مصلحة أميركية كما يرتئيها هو. ففي عهد جورج بوش الابن كانت الرؤية الاستراتيجية للحزب الجمهوري الحاكم هي الهجوم المباشر بالجيوش والطائرات والصواريخ البالستية لحماية ما يتصورون أنه مصالح الولايات المتحدة وأمنها الداخلي والخارجي. أمارؤية الديموقراطيين لكيفية خدمة المصالح الأميركية ذاتها فهي عبر التقارب وحصر النقاط الساخنة في مناطق محدودة يتم التعامل معها عسكريا، وهي حاليا تتركز في افغانستان وباكستان.

أوباما يتعاطى مع النزاع العربي الاسرائيلي،علما بأن والادارة الأميركية تعتبر الصراع عربيا اسرائيليا وتفضل التعامل معه على هذا الأساس وليس على أنه فلسطيني اسرائيلي فقط- يتم من منطلق انعكاسات هذا الصراع على الوضع الاقليمي والدولي عامة وتداعياته في مختلف أرجاء العالم. ومن المؤكد أن النزعة الانسانية الممتزجة بقوة بالمصالح الواقعية للولايات المتحدة لها فاعليتها في صياغة سياسة الإدارة الأميركية.

فليس معقولا أن تتفرج القوة العظمى الوحيدة على مأساة حصار غزة وعلى استفحال الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، وعلى تشريد العائلات الفلسطينية في الشيخ جراح وغيرها من أحياء القدس العربية. وليس معقولا كذلك أن يستمر الاحتلال ثلاثة وأربعين عاما دون أن تبذل الولايات المتحدة جهدا كافيا لانهائه.

العرب سكتوا على الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية مع أنهم مسؤولون قبل غيرهم عن إنهائه. فلم يكن للفلسطينيين جيش محارب عام 1948 بل كل الجيوش العربية آنذاك انسحبت تاركة في فلسطين ليس دولة عربية مستقلة، بل اسرائيل قوية منتصرة. وفي العام 1967 لم يكن للفلسطينيين جيش محارب وانسحبت الجيوش العربية من أشلاء ما تبقى من فلسطين تاركة احتلالا اسرائيليا لكل فلسطين التاريخية فضلا عن سيناء والجولان.

ومنذ حرب 1973 غسل العرب أياديهم من القضية الفلسطينية، واستكانوا للأمر الواقع بل انهم تراجعوا حتى عن ترديد عبارات الشجب والاستنكار التي كانوا يُنتقدون عليها.

وما الذي يحدث الآن؟ القدس يكاد ينتهي تهويدها، والمسجد الأقصى مهدد بالهدم والانهيار والمتطرفون اليهود ينادون علنا وعلى جوانب حافلات تجوب الأحياء العربية من المدينة المقدسة بإقامة الهيكل في موضع الحرم القدسي الشريف. وهناك نصف مليون مستوطن في الضفة الغربية وهذا العدد مرشح ليصبح مليونا خلال عقد من الزمن على الأكثر.

ومليون ونصف المليون من الغزيين تحت الحصار منذ أربعة أعوام. وهو حصار اسرائيلي- عربي- اسلامي غابت من خلاله معاني الأخوة والتضامن والنخوة، وكل ما علمونا اياه من صفات العرب والمسلمين.

وحين يضع أوباما ضمن مطالبه المقدمة لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وقف الاستيطان في القدس، وبحث قضية الاستيطان، وانهاء حصار غزة فهو متقدم دون شك على القيادات العربية المتخاذلة. وهنا نذكر استنكار أمير قطر لمهزلة استمرار حصار غزة وتساؤله مستغربا :هل نحن العرب عاجزون حقا عن إنهاء حصار غزة؟

أن يتأثر أوباما والأحرار من الأوروبيين بمأساة الشعب الفلسطيني ويعملوا ما يستطيعون لمواجهة الجدار الفاصل في نعلين وبلعين، وإرسال القوافل والسفن الى غزة المحاصرة، وتنظيم المظاهرات والاحتجاجات في كل العواصم التي يمكنهم الوصول اليها- بينما العرب، بعض العرب، في واد آخر، في كوكب بعيد آخر لا يرون، لا يسمعون، لا يتكلمون بل ربما يتواطأون ويشاركون- فهذه هي المأساة والطامة الكبرى.

أود هنا وقبل إنهاء هذ المقال أن أعدّل بعض الشيء في عنوانه :فإذا كان أوباما عربيا في بعض سياساته التي تخدم المصالح الأميركية أساسا، فلماذا نصف بعض “العرب” بهذه الصفة؟ وهل هم “عرب” بالمعنى الحقيقي المتوارث للعروبة؟

فليكن العنوان إذن في نهاية المقال، وليس في أوله :أوباما يتصرف كعربي أكثر ممن يوصفون لفظيا فقط بأنهم “عرب”.

وكان الله في عوننا نحن الفلسطينيين وتكفينا الخمسمائة مليون دولار التي تعهدوا بارسالها لا ندري لمن- هذا اذا ارسلوها ووصلت بالفعل الى المقدسيين المهددين بالتهجير من مدينتهم أمام أسماع العرب وأبصارهم.

وخلينا عايشين على الأمل!

About this publication