من يحاسب أمريكا على جرائمها؟ …. سمير عواد
2010-04-12 10:37:29 AM
يمكن الاطلاع على معلومات خطيرة كثيرة يحرص البعض على إخفائها وذلك على الموقع الإلكتروني Wikileaks.org، منها وثائق استخباراتية أو دراسات تمت بتكليف من حكومات وأسفرت عن نتائج لم ترتح لها الحكومات التي طلبت إخفاءها لأنها سوف تثير غضب الرأي العام.
وقد أسس الموقع المذكور عددا من دعاة حقوق الإنسان والصحفيين والخبراء في شبكة المعلومات، لهدف كشف المستور وفضح الاستخبارات والحكومات التي تخالف القوانين الدولية.
منذ مطلع الأسبوع المنصرم يوجد على الموقع www.collateralmurder.comشريط فيديو عرضت صوره محطات التلفزة في مختلف أنحاء العالم، يفضح عسكريين أمريكيين وهم ينفذون عملية قتل باردة بواسطة طائرة هليكوبتر ضد اثني عشر مدنيا عراقيا ويشير الموقع إلى أن الجريمة البشعة حصلت خلال عام 2007.
استنادا إلى القائمين على الموقع الإلكتروني الذي فضح واحدة من جرائم الجيش الأمريكي في العراق، تم التقاط صور الجريمة من طاقم طائرة(أباتشي) العسكرية الأمريكية التي نفذت الجريمة. من الطبيعي أن لا يكشف القائمون على موقع Wikileaks.org عن المصدر الذي قدم لهم الفيديو الذي حصل عليه الموقع بالصوت والصورة بحيث لا مجال لوزارة الدفاع الأمريكية أن تنفي وقوع الجريمة أو التشكيك بأن الفيديو ملفق.
بطبيعة الحال لم يعد بوسع الأمريكيين التشكيك بصحة شريط الجريمة لأن القائمين على الموقع من دعاة حقوق الإنسان وصحفيين وثقوا أقوال الشهود، ثم إن اثنان من الضحايا البالغ عددهم اثني عشر شخصا، صحافي وسائقه يعملان لوكالة الأنباء البريطانية (رويترز).
يظهر في الشريط كيف أن طاقم طائرة(أباتشي) التابعة للجيش الأمريكي لهوا بلعبة قتل الأبرياء عندما وجدوا مجموعة من ثمانية مدنيين لا يثيرون أية شبهة لكن أحد الطيارين أبلغ القيادة أنه وجد مجموعة من المقاتلين وطلب الإذن لإطلاق النار وعلى وجه السرعة كي لا تضيع هذه الفرصة وفعلا نفذ جريمته.
بعد دقيقة واحدة اقتربت سيارة كبيرة لنقل المصابين فقامت الطائرة الأمريكية بضرب السيارة. تعرض طفلان إلى جروح بليغة والملفت للنظر قول سخيف جدا لأحد المحققين التابعين للجيش الأمريكي: أنهم(أي العراقيين) يتحملون المسئولية عندما يصحبون أولادهم معهم إلى القتال!
الصحافي القتيل نمير نور الدين وسائقه سعيد شماغ أصبحا على قائمة الصحفيين الذين قتلوا منذ بداية الحرب في مارس 2003 ووصل عددهم إلى 139 بينهم 120 من العراقيين. في تعليق لموقع Wikileaks أقر الموقع بناء على صور الفيديو أن الجيش الأمريكي في العراق قتل مدنيين بدم بارد وأنه بذلك خرق قوانينه ومبادئه.
بعد وقت قصير على الإفراج عن فيديو الجريمة شكا القائمون على الموقع تعرضهم إلى مضايقات من قبل الإدارة الأمريكية وأن أمريكا أصبحت ضمن قائمة الدول التي تضايقهم وتهددهم باستمرار ومنها روسيا والصين وكوريا الجنوبية وفيتنام وزمبابوي وطبعا إسرائيل.
يعتقد المراقبون أن هذه الجريمة التي تم الكشف عنها عن طريق الصدفة، هي واحدة من الجرائم في أفغانستان والعراق التي يخفيها الجليد والتي سوف تظهر إذا ذاب هذا الجليد.
يوم الخميس الماضي تحدثت صحيفة(يونجه فيلت) الألمانية عما أسمته(عملية قتل بتكليف من أوباما) ونقلت عن وسائل الإعلام الأمريكية اتهام إدارة أوباما الحائز على جائزة نوبل للسلام لعام 2010 بتكليف الاستخبارات الأمريكية بقتل مواطن أمريكي من أصل عربي، هو أنور العولقي، يبلغ 38 سنة من العمر من مواليد(نيو مكسيكو) وأصله من اليمن يعمل إماما واتهامه حسبما ذكرت صحيفة(نيويورك تايمز) نقلا عن موظف في الاستخبارات الأمريكية الدعوة إلى مهاجمة الولايات المتحدة وهدد بأن يشارك فيها.
كما يتهمه الأمريكان بالانتماء لتنظيم(القاعدة) وأن خطبه أثرت على طبيب النفس الأمريكي نضال مالك الذي قتل في 13 نوفمبر الماضي ثلاثة عشر جنديا في القاعدة العسكرية(فورت هود) كما أثر على عمر فاروق عبد المطلب وهو نيجيري يتهمه الأمريكان بمحاولة تفجير طائرة مدنية استقلها في أمستردام كانت متجهة إلى ديترويت بتاريخ 25 ديسمبر الماضي. ويعتقد الأمريكان أن الشيخ العولقي موجود حاليا في اليمن.
وهذه أول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، يجري فيها وضع اسم مواطن على قائمة الاغتيال بمباركة من الرئيس الأمريكي كما ذكرت صحيفة(يونجه فيلت) الألمانية. الجدير بالذكر أن دنيس بلير مدير الاستخبارات الأمريكية أبلغ لجنة تابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي في فبراير الماضي: نحن نتخذ إجراءات مباشرة ضد الإرهابيين. وحين نعتقد أنه من ضمن هذه الإجراءات قتل مواطن أمريكي، نطلب الحصول على إذن خاص(من الحكومة).
يستفاد من تعليقات صحيفة(نيويورك تايمز) أنها أظهرت تفهمها لهذه الخطوة وهي محاولة للتأثير على الرأي العام الأمريكي وبررتها بالقول أن القانون الدولي يسمح باستخدام القوة ضد أفراد وجماعات يصدر عنها مخاطر لأمن الولايات المتحدة، إضافة أن الأشخاص الذين توجد أسماؤهم على قائمة القتل هم أعداء للولايات المتحدة وبذلك لا ينطبق عليهم قرار حظر الاغتيالات السياسية الذي أصدره الرئيس الأسبق فورد.
تجدر الإشارة إلى أن الاغتيالات السياسية بتكليف من الحكومات كانت خلال العقد الماضي من خصائص إسرائيل في الشرق الأوسط وآخر ضحاياها السياسي الحماسي المبحوح الذي اغتاله الموساد بتكليف من رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في دبي.
كما عملت به دول في أمريكا اللاتينية ضد معارضيها في الداخل. وقد بدأت الولايات المتحدة تعمل بهذا الأسلوب بعد هجمات 11/9/2001 عقب إعلان جورج دبليو بوش ما يسمى الحرب على الإرهاب ومنح الضوء الأخضر للاستخبارات الأمريكية بأن تقتل وتخطف وتفعل ما تشاء وتشكلت وحدات لهذا الهدف من جنود الوحدات الخاصة وعملاء السي آي إيه وهكذا منحت الولايات المتحدة لنفسها رخصة القتل والخطف في كل العالم وبالتعاون مع أنظمة حليفة لها حول المعمورة.
وهكذا وضعت الولايات المتحدة التي زعمت أنها خاضت حربين في العراق وحربا في أفغانستان بحجة الدفاع عن “الحريات” وتحقيق”الديمقراطية”، نفسها في زاوية الدول التي تخرق القوانين الدولية وتقوم بهذه الجرائم وفي مقدمتها إسرائيل، خاصة وأنها عملت بهذه السياسة في عهد دبليو بوش عدة سنوات واليوم تواصل الولايات المتحدة العمل بها في عهد الرئيس أوباما بالذات الذي وعد في حملة انتخابات الرئاسة أن يغير الكثير في سياسات سلفه لكن من المؤسف أنه يواصل العمل بنفس النهج في مسائل عديدة. يبقى السؤال: من في العالم يملك الجرأة على محاسبة الولايات المتحدة على جرائمها؟.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.