Loss and Gain on the Seventh Anniversary of the War in Iraq

<--

في التاسع عشر من شهر آذار (مارس) من عام 2003م، أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية مع من تحالف معها، على شن حرب عدوانية دموية مدمرة غير مبررة وغير شرعية ولا قانونية على أرض الرافدين، انتهت باحتلال هذا البلد، وكانت النتيجة سقوط مئات الآلاف من الضحايا وتشريد ملايين العراقيين في داخل العراق وخارجه، حيث أصدر مجلس الأمن قراره رقم 1483 في 2003م، والذي يعتبر فيه العراق محتلا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

وبعد سبع سنوات من الاحتلال البغيض، هناك العديد من التساؤلات التي تبرز الى الواجهة، وهي كيف اضحت الاوضاع في العراق بعد هذا الاحتلال؟ وهل جاء المحتل الامريكي ومن معه بما هو افضل للعراق؟ وهل تحققت الشعارات الكاذبة التي تم رفعها قبل عملية الغزو فالاحتلال؟ وأين اصبح البلد بعد سبعة اعوام من الاحتلال البغيض والتي قتل خلالها من قتل وشرد من شرد وغادر البلاد من غادر؟ وهل حصل أهل العراق على ما وعدوا به من حرية وديمقراطية من قبل بوش؟ وهل ثمة من الايجابيات ما يمكن الحديث عنها بعد سنوات الاحتلال تلك؟

لقد بات جليا ان الصورة التي رسمتها الادارة الامريكية لعراق ما بعد الاحتلال لم تكن أبدا بهية ولا وردية ولا زاهية، كما دأبوا على الترويج خلال التحضير للحرب على العراق، حتى اللحظة، وبعد سنوات سبع من جريمة الحرب على العراق لا يمكن الحديث عن اي تقدم تم احرازه على أي صعيد من الاصعدة، حيث كل المؤشرات والوقائع تقول بأن البلد آخذ في التراجع في كل الميادين، وان الامور فيه تزداد سوءا يوما بعد يوم، وكل ما يجري من محاولات لتجميل الوجه القبيح للاحتلال، لم تعد مجدية في ظل غياب الامن، والاوضاع الاقتصادية الآخذة في التردي، مع ازدياد البطالة، وعدم توفير الحد الأدنى من الخدمات، وغياب القانون واستشراء الفساد، وانحطاط المستوى الصحي والتعليمي في بلد كان يفخر بأنه على رأس قائمة بلدان العالم الثالث من حيث التعليم والصحة.

عند الحديث عن الحرب على العراق، يصبح من غير الممكن عدم استذكار كل الكذب والخداع والتزوير الذي مورس من قبل الماكينة الدعائية الامريكية بشكل خاص والغربية بشكل عام وخاصة البريطانية، كما لا يمكن اغفال كل المبررات التي سيقت من اجل اخضاع هذا البلد واحتلاله، والتي ثبت لاحقا انها كانت مبررات كاذبة، مخادعة، استندت الى الفبركة والتزوير وقلب الحقائق بشكل غير مسبوق.

في الذكرى السابعة للاحتلال، اصبح من الواضح ان الكثير مما رغبته الولايات المتحدة الامريكية صار بعيد المنال، وهو لم يتحقق، الا ان هذا لا يمنعنا من الاشارة الى ان هناك من اهداف الغزو ما تم تحقيقه، حيث يمكن القول مثلا انه تم تدمير العراق بشكل ممنهج، وهذا كان احد أهداف الغزو الرئيسية للحرب على العراق، كما تم تقويض أسس الدولة العراقية التي كلفت ابناء العراق من المال والوقت والجهد الكثير، كما تمت اعادة العراق عشرات ان لم يكن مئات السنين الى الوراء، بالاضافة الى ذلك، فلقد تم اخراج هذا البلد من حسابات المواجهة مع الكيان الصهيوني، بكل ما يشكله العراق من ثقل اقتصادي وعسكري وبشري وعلى كل الاصعدة، بالاضافة الى ذلك، لا بد من التنبيه الى ان العراق وبعد سنوات سبع من الاحتلال تحول الى واحد من اكثر البلدان فسادا في العالم.

مما لا شك فيه ايضا ان الولايات المتحدة استطاعت ان تنجح في ان تبقي العراق ضمن منطقة السيطرة والنفوذ والتبعية لها، وذلك من خلال ربطه بالعديد من الاتفاقيات، وعلى الــــرغم من كل ما قامت به في العراق، فانها فشلت حتــــى اللحظة بتقســـيم العراق، هذا الهدف الذي كان ايضا احد الاهداف الرئيسية للغزو، كما فشلت في اشعال حرب اهلية في البلد على الرغــم من كل ما قامت به من اجل تأجيج مثل هذه الحرب، شاركتـــها في ذلك الجارة ايران التي تتشارك مع الولايات المتحدة وتتلاقى وإياها في الكثير من المصالح والتقاسم الوظيفي والسيطرة على العراق والمنطقة.

واستطاعت الولايات المتحدة الحصول على التأييد لحملتها لغزو العراق من 49 دولة، وقد عرف هذا الائتلاف بـ’ائتلاف الراغبين’، لكن هذا الائتلاف لم يكن قويا اذ كانت 98′ من القوات العسكرية المشاركة فيه هي قوات امريكية وبريطانية.

ويبلغ العدد الاجمالي لجنود ائتلاف الراغبين الى 300.884 موزعين كالتالي: الولايات المتحدة الامريكية 250.000 (83′)، بريطانيا 45.000 (15′)، كوريا الجنوبية 3.500 (1.1′)، أستراليا 2.000 (0.6′)، الدنمارك 200 (0.06′)، بولندا 184 (0.06′)، وأسهمت 10 دول أخرى بأعداد صغيرة من قوى ‘غير قتالية’.

وحسب التقارير الدولية، فقد تسببت هذه الحرب بأكبر خسائر بشرية بين المدنيين في تاريخ العراق وتاريخ الجيش الامريكي خلال عقود عدة. فمن الناحية العسكرية الامريكية، فان الخسائر المعلنة لقوات الاحتلال بلغت 4703 قتلى بينهم 4385 عسكريا أمريكيا، اضافة الى 31 ألفا و616 جنديا أمريكيا جرحوا خلال السنوات السبع، حسب الارقام التي تعلنها وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون)، لكن الكثير من المراقبين يشككون في هذه الارقام ويرون ان العدد اكبر من ذلك بكثير.

فقد كشف مركزان بحثيان عراقيان عن ارقام جديدة لخسائر القوات الامريكية بالعراق تختلف عن الارقام التي توردها وزارة الدفاع الامريكية، حيث أعلن قسم الدراسات في مركز الامة للدراسات والتطوير ان اعداد القتلى في صفوف الجيش الامريكي في العراق، منذ بداية الغزو عام 2003، وحتى أواخر 2009م، يقارب خمسين الف قتيل، كما ان اكثر من مليون وستمائة الف جندي أمريكي تعاقبوا على الخدمة في العراق طيلة السنوات السبع المنصرمة.

وحسب احصائية لمركز الاستقلال للدراسات والبحوث، فان عدد قتلى الجيش الامريكي حتى تموز (يوليو) عام 2009، بلغ 33 ألفا و615 قتيلا، في حين وصل عدد الجرحى 224 ألفا، واعتمد المركز للوصول الى تلك الارقام منهجية ومعايير موضوعية، تعتمد بالدرجة الاساس على التقارير والمصادر الامريكية الرصينة، ويورد مركز الاستقلال احصائية عن عدد الهجمات التي تعرضت لها القوات الامريكية، ويقول انها بلغت 164 الف هجوم مسجل لدى الجيش الامريكي ومصنفه على انها ‘عنيفة ومهمة’، ويستدل التقرير على عدم دقة بيانات وزارة الدفاع الامريكية من مصدر أمريكي، وهو تقرير بيكر هاملتون الذي بحث في اوضاع العراق عام 2006م، والصادر عام 2007م، فقد ذكر التقرير في حيثيات التوصية 77 أنه في احد ايام تموز (يوليو) 2006م، تم تسجيل 93 هجوما أو عملية عنف، بحسب المصادر الرسمية. ويضيف التقرير انه اضافة الى الخسائر المنظور، فان ثمة أخرى غير منظورة تتعلق بالمعنويات والتأثيرات النفسية.

العراقيون باتوا اكثر نضجا فيما يتعلق بالمشاركة السياسية رغم وجود ما يعكر صفو الحياة السياسية، خصوصا ما يتعلق بسياسة ‘اجتثاث البعث’ والتعصب الطائفي والعرقي. فتنافس المرشحين نوري المالكي، الذي يقود ائتلاف دولة القانون واياد علاوي يقود كتلة ‘العراقية’ يصب في خانة الابتعاد عن الانتخابات ذات البعد الطائفي.

ولكن التدخل الايراني سوف لن يسمح بذلك وسيعمل على تقويض العملية السياسية في العراق من جديد لخلق حكومة موالية له تخدم مصالحه في المنطقة، والمؤشر على ذلك ما نشرته صحيفة ‘جمهوري اسلامي ‘الايرانية في افتتاحيتها بتاريخ 13/3/2010م، بعنوان ‘شيعة العراق هم الغالبية’ بقلم الكاتب محمد صالح صدقيان، وجاء فيها ان الاحزاب الشيعية العراقية حصلت على اكثرية الاصوات البرلمانية الاخيرة وطالبهم الكاتب بتشكيل ائتلاف موسع تضم ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي والائتلاف الوطني بزعامة عمار الحكيم للحفاظ على المكاسب الانتخابية التي تحققت في هذه الانتخابات، والذي يؤهلها لاختيار رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وتشكيل الوزارة الجديدة والسيطرة على البرلمان.

اذن سيرجع العراق وعمليته السياسية الى ما قبل المربع الاول ويعاد صف المشهد السياسي من جديد وفق التكتل الطائفي والمذهبي من خلال تشكيل حكومة شيعية من قبل التحالف الجديد المزمع اعلانه بين المالكي والحكيم، والذي بشر به ودعا له الاعلام الايراني بعد اقل من اسبوع على انتهاء عملية الاقتراع وهي رسالة واضحة لمعرفة القرارات العراقية من أين تتخذ وكيف تصدر؟

‘ كاتب وباحث عراقي

About this publication