نجاح المفاوضات في استئنافها فقط
رأي القدس
وصف السناتور جورج ميتشل مبعوث السلام الامريكي لقاءه الذي عقده يوم امس مع بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي بانه مثمر وجيد. بينما قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس انه سيجتمع مع القيادة الفلسطينية يوم السبت للحصول على الضوء الأخضر لاستئناف المفاوضات غير المباشرة.
من الصعب علينا تفهم سر تفاؤل السناتور ميتشل، فربما سمع من نتنياهو كلاماً جديداً بشأن الاستيطان يشجعه على اقناع الطرف الفلسطيني، المقتنع اساساً، بالعودة الى هذه المفاوضات بسرعة.
لجنة متابعة مبادرة السلام العربية التي اجتمعت في القاهرة على مستوى وزراء الخارجية قبل أربعة أيام، حددت سقفاً زمنياً مدته أربعة أشهر لإنهاء جولات المفاوضات غير المباشرة هذه، ولكن لا نعتقد انها سترفض طلباً امريكياً بتمديدها أربعة أشهر أخرى أو أكثر، فهذه اللجنة تتلقى تعليماتها من السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية وليس من قيادتها العربية.
نطرح مسألة التمديد هذه بشكل مبكر لمعرفتنا بآلية صنع القرار العربي، والاملاءات الامريكية، فيما يتعلق بعملية السلام. فالحكومات العربية تطلق التصريحات القوية، فيما يتعلق بمواقفها هذه تجاه التعنت الاسرائيلي الاستيطاني على سبيل المثال، وتتشدد في دعمها للموقف الفلسطيني الرافض لاستئناف المفاوضات دون تعهد صريح بتجميد الاستيطان، ولكن بعد مضي بعض الوقت يتلاشى هذا التشدد، ويتحول الى اذعان كامل للمطالب والشروط الامريكية والاسرائيلية.
القضايا المطروحة على مائدة البحث في المفاوضات غير المباشرة هي نفسها التي تم طرحها اثناء المفاوضات الماراثونية المباشرة التي انطلقت منذ توقيع اتفاقات اوسلو قبل 17 عاما، اي المستوطنات والحدود النهائية للدولة الفلسطينية المنتظرة وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، ومن المستبعد كليا ان يتم التوصل الى اتفاقات حول هذه القضايا المعقدة في اربعة اشهر فقط.
نتنياهو يذهب الى المفاوضات غير المباشرة لتجنب الصدام مع الادارة الامريكية الحالية، ولكسب المزيد من الوقت للاعداد، بشكل جيد، وبعيدا عن الضغوط الامريكية، للحرب المقبلة ضد سورية وايران وحزب الله وحماس.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتراجع عن كل مواقفه السابقة المتشددة ويعود الى مائدة المفاوضات، لانه يدرك جيدا ان رفضه لهذه العودة الى المفاوضات يعني نهايته وسلطته، ولذلك يريد كسب الوقت ليس للاعداد لحرب او اشعال فتيل انتفاضة، وانما للبقاء على رأس السلطة لأطول فترة ممكنة، والاستمرار في دفع رواتب موظفيها الذين يزيد عددهم عن مئة الف موظف.
ادارة الرئيس اوباما تريد رعاية هذه المفاوضات غير المباشرة لانها لا تريد استمرار الوضع الحالي، اي جمود كامل على صعيد العملية السلمية، في الوقت الذي تصعد تهديداتها ضد سورية وايران وحزب الله وحماس، لان هذا الجمود يحرج حلفاءها المعتدلين العرب، ويخلق حالة من الفراغ، يمكن ان تسارع تنظيمات اسلامية متشددة لملئها، وحماس على وجه التحديد.
ما نريد استنتاجه من تحليل مواقف الاطراف الثلاثة المشاركة في العملية التفاوضية غير المباشرة، هو ان كل طرف له اهداف، ليس من بينها، او على رأسها، هدف نجاح هذه المفاوضات، وتحقيق تقدم فيها على صعيد القضايا الجوهرية. فما يمكن ان يتمخض عنها مجرد ‘اتفاقات’ تخدير سطحية هامشية، مثل ازالة بعض الحواجز واعادة سيطرة ‘وهمية’ على بعض المدن الفلسطينية باعادتها الى قوات امن السلطة التي تنسق بالكامل مع نظيرتها الاسرائيلية.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.