Other Concessions!

<--

تنازلات أخري!

لم يكن مفاجئا أن تقابل أمريكا والدول الغربية بالشكوك الاتفاق الإيراني التركي البرازيلي حول إعادة تخصيب اليورانيوم في الخارج، رغم أنها ظلت تمارس علي مدي تسعة أشهر ضغوطا علي الإيرانيين للقبول بالعرض الذي سبق أن قدمته لهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإعادة تخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج.

فالاتفاق التركي البرازيلي يختلف في التفاصيل مع عرض الوكالة الدولية والذي تصر عليه كل من واشنطن ومعظم مجموعة الدول الخمسة زائد واحد.

عرض الوكالة يقضي أن تخرج إيران نحو 1200 كيلو جرام من اليورانيوم منخفض التخصيب كانت تساوي قبل تسعة أشهر نحو 70% مما تملكه إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب وأن يتم تسليم هذه الكمية إلي روسيا لإعادة تخصيبها ثم تقوم روسيا بتسليم اليورانيوم بعد إعادة تخصيبه لتصنع منه وقودا نوويا تتسلمه إيران في نهاية المطاف بعد نحو حوالي عام.. لكن الاتفاق الثلاثي يقضي بأن تحتفظ تركيا بهذه الكمية في أراضيها علي سبيل الأمانة حتي يتم تسليم إيران نحو 120 كيلو جرامًا من الوقود النووي في غضون عام.. أي أن مجموعة فينا ستكون ملزمة بأن تسلم لإيران الوقود النووي الذي تحتاجه قبل أن تحصل علي اليورانيوم الإيراني منخفض التخصيب الذي ستصنع منه هذا الوقود النووي.. أي أن إيران تريد الحصول علي الوقود النووي قبل دفع الثمن، لأن الثمن سيظل مرهونا لدي تركيا حتي يحصل الإيرانيون علي ما يريدون.

ولعل هذه هي المشكلة الرئيسية التي يتضمنها الاتفاق الثلاثي بين إيران وتركيا والبرازيل، والتي سوف تجعل من موافقة أمريكا والغرب أمرًا مشكوكًا فيه علي ذلك الاتفاق.

يضاف إلي ذلك أن الكمية التي ستسلمها إيران من اليورانيوم المنخفض التخصيب لم تعد الآن بعد مرور تسعة أشهر تمثل نسبة 70% مما تملكه من هذا اليورانيوم، بل إنها طبقًا للتقديرات الغربية والأمريكية باتت تمثل نسبة أقل تتراوح بين 58 و 60% فقط.. بينما كان الهدف من عرض الوكالة الدولية هو تهدئة المخاوف الأمريكية والغربية من البرنامج الإيراني النووي بإخراج نسبة كبيرة من اليورانيوم الإيراني إلي الخارج، وذلك لتعطيل إيران عن إنتاج القنبلة النووية.

بل إن هذه المخاوف الغربية قد ازدادت مؤخرًا بعد أن أعلنت طهران أنها سوف تستمر في تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%. وإذا تراكم لديها كميات من اليورانيوم المخصب بهذه النسبة فإنها تقترب ـ نظريا ـ من إنتاج القنبلة النووية طبقا للاتهامات الأمريكية والغربية.

وهكذا بينما رأي الإيرانيون انهم باتفاقهم مع تركيا والبرازيل قد ألقوا بالكرة في ملعب الدول الغربية فإن هذه الدول قد أعادت فورا الكرة إليهم مجددًا مؤكدة أن العمل من أجل فرض عقوبات جديدة علي إيران مازال مستمرا ولن يتوقف.

صحيح أن كلاً من تركيا والبرازيل ـ بعد هذا الاتفاق ـ سوف تقاوم فرض عقوبات جديدة علي إيران، والأغلب لن تؤيد لبنان ومعها الصين الآن هذه العقوبات، ولكن مازالت واشنطن تضمن تأييد روسيا التي سارعت بإعلان شكوكها في الاتفاق الإيراني التركي البرازيلي.

إذن.. الضغوط الأمريكية والغربية لن تتوقف علي إيران.. ومشكلة الملف النووي الإيراني مازالت مستمرة وكل ما حدث ان الإيرانيين قدموا قدرًا من التنازل تراه واشنطن لا يكفي.. بل إن ذلك قد يشجعها لمزيد من الضغوط لدفع إيران لتنازلات أخري.

About this publication