Restoring U.S.–Palestine Relations

<--

أهمية ترميم العلاقة الفلسطينية ـ الأميركية

الخميس مايو 20 2010 – خيرالله خيرالله

في ضوء العودة الى المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين، يتوجب على الجانب الفلسطيني البحث في الأسباب التي ادت الى تدهور وضعه في السنوات الأخيرة والوسائل الكفيلة بتحسين هذا الوضع.

هل من سبيل آخر، في المرحلة الراهنة، غير العمل السياسي الذي جاء تتويجاً لنصف قرن من النضالات واجه الفلسطينيون خلالها المحتل الأسرائيلي بكل انواع الأسلحة والعمليات من داخل الأرض الفلسطينية وخارجها؟

من بين الأسباب التي ادت الى تدهور الوضع الفلسطيني عموماً، بما هدد القضية التي يقول عرب كثيرون انها لا تزال قضيتهم الأولى، على الرغم من عدم ايمانهم بذلك، الوضع الأقليمي.

هناك شرق اوسط جديد في مرحلة اعادة التكوين، خصوصاً منذ الأحتلال الأميركي للعراق الذي اخلّ بالتوازن في المنطقة لمصلحة ايران.

شئنا ام ابينا، كانت ايران الرابح الأول والوحيد من الحرب الأميركية على العراق.

لم يؤد الأحتلال الأميركي للعراق الى الإخلال بالتوازن الأقليمي فحسب، بل فجر ايضاً نزاعات كانت المنطقة العربية بعيدة عنها، وعلى رأس هذه النزاعات الحساسيات المذهبية البغيضة التي ساهمت، الى حد كبير، في ابتعاد الأهتمام عن القضية الفلسطينية.

ثمة عوامل اخرى لعبت دورها على صعيد اعادة خلط الأوراق في المنطقة، بما في ذلك الحرب في افغانستان، والحال الباكستانية المستعصية التي تسبب بها التطرف الديني والبرامج التعليمية التي في اساسه، والحرب على الأرهاب التي استغلها الأميركي لمباشرة الحملة العسكرية على العراق.

لكن ذلك لا يعني ان على الفلسطينيين السقوط في فخ اليأس، لا لشيء سوى لأن قضيتهم قضية شعب موجود على الخريطة السياسية للشرق الأوسط اولاً ولديه مشروعه الوطني الواضح الذي يحظى بدعم المجتمع الدولي ثانياً واخيراً.

من ينظر بتمعن الى ما تعرضت له القضية الفلسطينية في السنوات الأخيرة، يتوقف عند محطة مهمة، بل في غاية الأهمية.

انها النكسة التي تعرضت لها العلاقة بين السلطة الوطنية الفلسطينية والأدارة الأميركية.

سمحت تلك النكسة التي بدأت بفشل قمة كامب دايفيد صيف العام 2000 ثم بقرار عسكرة الأنتفاضة الذي سبقه غياب الأعلان الفلسطيني الصريح عن دعم الورقة- الأطار التي طرحها الرئيس كلينتون قبل اسابيع قليلة من مغادرته البيت الأبيض، في قطيعة بين واشنطن والسلطة الوطنية الفلسطينية.

تكرست القطيعة التي استغلها الجانب الأسرائيلي الى ابعد حدود، في كارثة تمثلت في وضع ياسر عرفات، رحمه الله، الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني، في الإقامة الجبرية في ما يسمى”المقاطعة”.

وقد تسبب ذلك بوفاته في ضوء ما تعرض له من ضغوط وممارسات غير انسانية لا يمكن ان توصف سوى بانها ارهاب دولة.

يرمم الفلسطينيون علاقتهم بالولايات المتحدة؛ يعرفون ان لا دولة فلسطينية من دون دعم اميركي ويعرفون ان لا شيء يرفع الحصار عن غزة سوى الضغط الأميركي الفعال.

وهذا ما تدركه قبل غيرها حركة مثل “حماس”.

ولذلك اعترفت اخيرا بتوجيه رسالتين الى الرئيس باراك اوباما من دون ان يمنعها ذلك من شتم المفاوض الفلسطيني الذي يتعاطى مع الاسرائيلي عبر المبعوث الرئاسي الأميركي جورج ميتشل! ويعرف الفلسطينيون خصوصاً ان ياسر عرفات كان اكثر من زار البيت الأبيض، من بين زعماء العالم، في العام 2000 وانه لم يعد هناك من يسأل عنه عندما صار اسير “المقاطعة” في رام الله بين العامين 2001 و2004 لمجرد ان الأميركيين قرروا مقاطعته.

من ثمار قبول الفلسطينيين بالمفاوضات غير المباشرة اتصال اوباما برئيس السلطة الوطنية محمود عبّاس قبل ايام وتأكيده له انه “يدعم بقوة قيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة تعيش بأمن وسلام مع اسرائيل”.

توقفت معظم وسائل الأعلام عند كلام اوباما عن “نيّته” تحميل الجانبين مسؤولية اي عرقلة للمفاوضات في حين انه كان مفترضا ان تتوقف عند التزام الرئيس الأميركي دعم قيام الدولة الفلسطينية “القابلة للحياة”.

كذلك، كان مهما في البيان الصادر عن البيت البيض اللهجة التي توجه بها الرئيس الأميركي الى رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، انها لهجة تنم عن تعاطف كبير مع قضية الشعب الفلسطيني بدليل ابداء الرغبة في استقبال “ابو مازن” في البيت الأبيض قريباً.

من الباكر الحديث عن “وعد اوباما” للشعب الفلسطيني مقارنة مع “وعد بلفور” لليهود في العام 1917.

لكن ما لا يمكن تجاهله في اي شكل ان الفلسطينيين يسيرون في الطريق الصحيح بدليل تركيز حكومة الدكتور سلام فيّاض على بناء مؤسسات الدولة وتجاهل كبار المسؤولين في منظمة التحرير والسلطة الوطنية و”فتح” المزايدات التي تطلقها “حماس” من غزة.

يعرف بعض الفلسطينيين الجديين ان “وعد اوباما” يمكن ان يتحول حقيقة في حال احسنوا التصرف وتفادوا الأنزلاق في متاهات لا طائل منها سوى تقييد القرار الفلسطيني المستقل.

في النهاية، هناك سؤال بديهي يفترض بالفلسطيني العادي طرحه على نفسه.

هل يريد دولة مستقلة ام لا؟ هل تسمح التوازنات الأقليمية بأكثر من ذلك؟ هل من امل في دولة من دون الرضا الأميركي، اياً تكن الملاحظات على سياسة الولايات المتحدة في المنطقة؟ الجواب بكل بساطة انه لا يمكن ان يكون هناك رهان فلسطيني سوى على المفاوضات وعلى المشاركة الأميركية الفعالة فيها بما يحد من الأندفاع الأسرائيلي نحو تكريس الأحتلال لجزء من الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية.

قد يكون الرهان على الأميركي في غير محله ولكن لا بديل من العمل على ترميم العلاقة الفلسطينية بواشنطن، اقله من اجل وضع حد لأرهاب الدولة الذي تمارسه اسرائيل- بيبي نتانياهو!

About this publication