Abbas’ Delayed Pilgrimage to Washington

<--

عباس والحج المؤجل لواشنطن

رأي القدس

سيبدأ بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي زيارة رسمية الى واشنطن يوم الأول من حزيران (يونيو) المقبل تلبية لدعوة من الرئيس باراك اوباما، بينما ما زالت الاتصالات جارية لتحديد موعد لزيارة مماثلة للرئيس الفلسطيني محمود عباس.

المتحدث باسم البيت الابيض يقول ان زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي تتم تحت عنوان ‘تسريع’ عملية السلام، ولكن من الواضح ان هناك اسبابا اخرى، ربما تتعلق بالموقف المتوتر على الجبهة الاسرائيلية ـ اللبنانية، وتصاعد الحديث عن احتمال اقتراب الضربة الامريكية لايران.

عملية السلام في المنطقة ما زالت تتسم بالغموض، والرئيس محمود عباس قال ان اي تقدم فيها يتوقف على القيادة الاسرائيلية، الامر الذي فسره الكثيرون على انه مؤشر على تعثر المفاوضات غير المباشرة التي يرعاها السناتور جورج ميتشل مبعوث السلام الامريكي.

من الواضح ان ضغوطا كبيرة تمارس حاليا على الطرف الفلسطيني، باعتباره الطرف الاضعف، للقبول بالشروط والاملاءات الاسرائيلية، والعودة الى طاولة المفاوضات المباشرة، دون التوقف عند شرط تجميد اشكال الاستيطان كافة، بما في ذلك في القدس المحتلة.

التقارير الاخبارية التي ترددت في الايام الثلاثة الماضية حول عزم الاتحاد الاوروبي على ربط مساعداته المالية للسلطة بتحقيق تقدم على صعيد المفاوضات دليل واضح على هذه الضغوط، وتأكيد اضافي بانها تستهدف الطرف الفلسطيني وحده وتجاهل العراقيل التي يضعها الطرف الاسرائيلي.

الاوروبيون لا يتصرفون من تلقاء انفسهم، وانما بايعاز من واشنطن، واستخدام ورقة المساعدات للضغط على السلطة يوحي بان هذه الضغوط جدية، فما يجبرها، اي السلطة، على العودة الى المفاوضات، مباشرة او غير مباشرة، هو تجنب اغضاب واشنطن حتى لا تتوقف هذه المساعدات، وتعجز بالتالي عن دفع رواتب موظفيها.

فالسلطة باتت اسيرة للمساعدات المالية الامريكية والاوروبية، وبسبب هذه المسألة تحول الشعب الفلسطيني الى اكثر شعوب العالم تسولا لاموال الدول المانحة واعتمادا عليها في البقاء.

لا نعرف ماذا سيقول الرئيس اوباما لضيفه الاسرائيلي عندما يحط الاخير الرحال في البيت الابيض، فاللقاء الاخير بينهما كان متوترا، وفي افضل الاحوال فاترا بسبب رفض نتنياهو التعهد بتجميد كامل للاستيطان في القدس المحتلة، ولا نعتقد ان هذا الموقف قد تغير. فالاستيطان مستمر وهدم المنازل في احياء القدس العربية المحتلة ما زال مستمرا ايضا.

توجيه اوباما الدعوة لرئيس الوزراء الاسرائيلي لزيارة البيت الابيض بعد اللقاء المتوتر السابق بينهما، واستمرار الاخير في مواقفه المتصلبة تجاه الاستيطان يعكس تراجع الرئيس الامريكي عن بعض شروطه المتعلقة بالعملية السلمية.

ربما تكون اولويات الادارة الامريكية قد تغيرت، واصبح الملف الايراني الاكثر اهمية بل والاكثر سخونة في ظل المناورات الاسرائيلية والايرانية المكثفة، والتهديدات الاسرائيلية المتصاعدة لكل من ‘حزب الله’ وسورية، فالموقفان الاسرائيلي والامريكي متطابقان تجاه هذا الملف وكيفية التعاطي معه، واذا كانت هناك فروق، فهي ثانوية وليست جوهرية.

وما يرجح هذا الاستنتاج، عدم تحديد موعد لزيارة الرئيس عباس لواشنطن، باعتبارها الاقل اهمية، او ان حدوثها او عدمه قد يعتمد اعتمادا مباشرا على ما يتمخض عنه اللقاء بين اوباما ونتنياهو.

امر محزن ان يكون الدور الفلسطيني ثانويا في عملية تتناول مستقبل قضيته، وهذا امر متوقع، وغير مستغرب، عندما تتحول ‘حركة تحرير’ الى ‘حركة تسول’

About this publication