هيلين توماس ليست عنصرية
بدا ظاهرا في اللقطات السريعة لهيلين توماس، التي طافت العالم عبر اليوتيوب، أن الصحافية الأميركية، التي شارفت على التسعين من عمرها، كانت تضحك وتمزح مع الحاخام الذي أجرى المقابلة التي أطلقت توماس فيها موقفا أثار ضجة لم تهدأ ضدها.
توماس قالت لسائلها، الذي طالبها بتعليق حول إسرائيل، «إن عليهم الخروج من فلسطين. تذكر أن هؤلاء الناس (أي الفلسطينيين) أرضهم محتلة وهي ملكهم. إنها ليست ألمانيا وليست بولندا». وحين ألح الحاخام في السؤال: إلى أين على الإسرائيليين الرحيل؟ قالت توماس: «عليهم الذهاب إلى بلادهم: بولندا وألمانيا وأميركا». واختتم الحديث بضحكة مشتركة بين توماس والحاخام الذي نشر المقابلة على موقعه على الإنترنت.
طبعا، أتى كلام توماس في ذروة تفاعلات سفينة «فلوتيلا» والغضب العالمي إزاء إسرائيل، وهو ما ضاعف من زخم الحملة التي أطلقها اللوبي الداعم لإسرائيل ضد عميدة صحافيين البيت الأبيض التي عاصرت نصف قرن من أحداثه وأحد عشر رئيسا تعاقبوا عليه، وأجبرها على الاعتذار والتقاعد دون أن يكون ذلك خيارها.
انخرط في الحملة ضد توماس صحافيون ومعلقون واتحادات مهنية. ألغيت لها مقالات واحتفالات، وحتى البيت الأبيض أنّبها وشجب كلامها، وتسابق كثيرون على التنصل من العلاقة مع المرأة التي شكلت علامة صحافية ومهنية في تاريخ العمل الصحافي في البيت الأبيض.
واحدة من المفارقات هي المواقف التي ترد في المقالات والمواقع الإلكترونية التي عرضت خبر «سقطة» هيلين توماس أو مقالات بشأنها. فالتعليقات الواردة من أفراد تحفل بمواقف فيها الكثير من الكراهية والعنصرية للعرب والفلسطينيين وكبار السن (البعض تندر بتقدم سن توماس) والمسلمين وحتى بمواقف عنصرية ضد الرئيس باراك أوباما وضد مجموعات واسعة من الأميركيين أو الأوروبيين..
كل ذلك قد يبدو جزءا من طبيعة الأفراد..
المفارقة تكمن هنا في أن توماس هي من ضمن مجموعة من صانعي الرأي الأميركيين الذين تخلق آراؤهم ومواقفهم جدلا وتعليقات، وهنا تندرج الآراء: السليم والبغيض منها.
معلقون بارزون في الإعلام الأميركي أمثال (راش ليمبو) و(غلين بيك) و(هاورد ستيرن) و(سين هانيتي) و(بيل أورايلي)، على سبيل الذكر وليس الحصر، لهم سلسلة حافلة من المواقف والآراء العنصرية ضد السود والمهاجرين ومثليي الجنس، ناهيك عن العرب والمسلمين، وهي آراء تطوف عبر الإنترنت وعبر الشاشات والإذاعات والصحف.
مع ذلك، لم يطالب أحد تلك الأسماء بالتقاعد ولم تُلغَ لهم برامج ومقالات ولم تصدر بيانات رسمية تتبرأ منهم ومن آرائهم.
حين طرح رسميا، مشروع نقل الفلسطينيين إلى الأردن كواحد من الحلول المطروحة لإنهاء أزمة المنطقة لم تثر ثائرة ولم يُجبَر أحد على الاستقالة أو على إنهاء حياته المهنية.
ليست كل المواقف الناقدة والرافضة لسياسات إسرائيل معاديةً لليهود..
الكثيرون سقطوا في فخ الخلط بين إسرائيل واليهود وفي فخ تعميم العداء لليهود.
تصريح توماس لم يكن كذلك.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.