Muslims in America

<--

الإسلام والمسلمون في أميركا .. الآن * د. غسان إسماعيل عبدالخالق

ثلاث إشارات قوية تم إرسالها من داخل الولايات المتحدة الأميركية ومفادها أن هناك تيّاراً عقلانياً قد بات يتبنى ضرورة القيام بعملية مراجعة حقيقية وشجاعة لصورة الإسلام والمسلمين. أولى هذه الإشارات يتمثل في إعلان الرئيس الأميركي أوباما إسقاط مصطلح (الحرب على الإرهاب) من أدبيات السياسة الأميركية وهوالمصطلح الذي عمّدته إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وربطته بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بالإسلام والمسلمين. وقد أسهم منظرو اليمين الأميركي في تعميق هذا الربط إلى الحد الذي استخدم معه صموئيل هنتنغتون مصطلح (الحدود الدموية للاسلام) أكثر من مرة في محاضراته وندواته.

ثانية هذه الإشارات تتمثل في تصويت أعضاء المجلس البلدي لمدينة نيويورك وبأغلبية كبيرة جداً على إقامة مسجد ومركز ثقافي اسلامي قرب موقع البرجين الذين تعرضا للهجوم في الحادي عشر من سبتمبر عام ,2001

وعلى الرغم من أن هذا المشروع قد واجه وما زال يواجه معارضة شديدة مصدرها مقاولو حروب الكراهية والمناوئون لكل ما هو عربي واسلامي ، إلا أن المضي في هذا المشروع يمكن أن يضع حداً حقيقياً وملموساً للتمييز المتفاقم ضد العرب والمسلمين في الولايات المتحدة الأميركية ، ما دفع بوزير العدل الأميركي إلى الإعتراف بأن %62 من الأميركيين المسلمين يتعرضون إلى تمييز عنصري شديد،،.

الإشارة الثالثة تمثلت في دراسة أميركية ميدانية حديثة ، أكدت أن الأميركيين المسلمين هم الأكثر تعليماً في الولايات المتحدة الأميركية ، فضلاً عن أنهم الأكثر اندماجاً في المجتمع والأكثر احتراماً للعمل بوصفه المحور الرئيس لحياة الانسان. وعلى الرغم من أن نتائج هذه الدراسة ما كانت لتفاجئ أحداً قبل الحادي عشر من سبتمبر 2001 لأن الاسلام والمسلمين في الولايات المتحدة الأميركية مثلوا فعلاً قوة تغيير إيجابي ملموس ، إلا أن هذه الدراسة ما كانت لتنشر في عهد الرئيس الأميركي جورج بوش الذي سخر كل امكانيات الإدارة الاميركية لشن حرب مقدسة على الاسلام والمسلمين في كل مكان ، رغم إدعاءات تلك الإدارة بأنها تفصل فصلاً دقيقاً بين الاسلام والمسلمين من جهة وبين الارهابيين الذين يدينون بالاسلام من جهة ثانية.

على أن مثل هذه الاشارات تظل في حاجة ماسة إلى المزيد من التأكيد على ضرورة إعادة النظر في الصورة النمطية السلبية للاسلام والمسلمين ، لأن المناوئين لإعادة انتاج هذه الصورة ما زالوا يتمترسون في حقول حقدهم ويتشبثون باجترار أحزانهم ، إلى الحد الذي يعتقدون معه بأن إقامة مسجد ومركز ثقافي اسلامي على مقربة من موقع البرجين هواهانة كبيرة لذكرى ضحايا الهجوم،،. مع أن التفكير المنطقي في المشروع لن يقود إلا باتجاه الاعتقاد بأن اقامة المسجد والمركز هي أكبر ردّ على المتاجرين بحروب الكراهية بين الأديان والأعراق وأكبر دليل على أن الاسلام والمسلمين فوق أي اتهام بالارهاب ، خاصة أن عدداً كبيراً من ضحايا الهجوم هم مسلمون.

التاريخ : 07-06-2010

About this publication