A Road Map, or a Road without a Map?

<--

خريطة طريـق أم طريـق بـدون خريطة؟

الثلاثاء يوليو 6 2010 – كلوفيس مقصود

اليوم يستقبل الرئيس باراك أوباما رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. تجىء هذه المقابلة وسط أوضاع إسرائيلية تتميز بتوترات داخلية بين نتنياهو وليبرمان الذي احتج على لقاء سري تم بين وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي بنيامين بن اليعازر ووزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو.

كما أن هناك توترا ما بين الرئيس الأمريكي ونتنياهو ينطوي على عتاب شديد أكثر مما ينطوي على غضب. في هذا الجو من المتوقع أن يؤول هذا إلى نوع من الاستقامة في العلاقات بين الرئيس أوباما ونتنياهو، دون أن يعنى ذلك بقاء نوع من التشكيك المتبادل في نوايا الواحد تجاه الآخر. ويبدو أن الاجتماع الذي حصل في بروكسل بين الوزيرين التركي والإسرائيلي بطلب من الإدارة الأمريكية.

لماذا كان هذا الطلب؟

الولايات المتحدة تحاول ألا تتفاقم العلاقات بين تركيا وإسرائيل لأن هذا من شأنه أن يعطل بعض مقومات الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يعطي انطباعا سائدا بأن على إسرائيل تلبية بعض المطالب التركية التي تنطوي على اعتذار وتعويض واتخاذ مواقف جدية لتخفيف الحصار عن غزة الأمر الذي لم يُبت لغاية الآن.

الأهم في اللقاء بين أوباما ونتنياهو هو أن الرئيس أوباما يريد إزالة الاحتقان وتطبيع العلاقات التركية ــ الإسرائيلية ولضمان ألا تتعثر العلاقات المصرية مع إسرائيل وألا تتعرض معاهدة السلام إلى أي اهتزاز أو تشكيك أو ما قد يتجاوز التشكيك. من هذا المنظور يتبين أن أي اختراق في موضوع «المسيرة السلمية» واستئناف «المفاوضات» بين السلطة الوطنية وإسرائيل لن يتحقق لأن الإدارة الأمريكية لاتزال عاجزة عن انتزاع اعتراف من إسرائيل بأنها سلطة احتلال في الأراضي الفلسطينية، وتعتبر العمليات الاستيطانية المتواصلة دليلا واضحا على أن إسرائيل تعمل جاهدة على إيجاد وقائع تؤكد ملكيتها للأراضي، وأنها تعلن أن الاستيطان سوف يستأنف بعد انقضاء العشرة أشهر.

في هذا الصدد إذا لم يتمكن الرئيس أوباما من حسم موضوع المستوطنات يطالب بتفكيكها وليس بتجميدها، فإن أي استئناف «للمفاوضات»، سوف يصبح عبئا كبيرا على السلطة بحيث تبدأ بخسارة شرعيتها في تمثيل الشعب الفلسطيني، وبدون هذا الوضوح سوف تظل المسيرة السلمية اجترارا للتآكل الاستيطاني ولتهويد القدس الشرقية بدون أي رادع حقيقي مما يجعل خريطة الطريق طريقا بدون خريطة.

إزاء هذه الأوضاع القائمة في الحالة الفلسطينية وإزاء أيضا ما يواجهه الرئيس أوباما من أولويات داخلية متعددة مثل البطالة وسياسات الهجرة واستمرار الأزمات المالية وما يمكن أن تؤول إليه الحالة الداخلية في العراق، إضافة إلى التعثر الحاصل لحلف شمال الأطلسي في أفغانستان، أعتقد أن كل هذه تجعل اتجاه الرئيس أوباما في تسريع «حل الدولتين» في المستقبل المنظور أمرا صعبا خاصة أنه لا يتوافر حاليا أية مساءلة ناهيك عن معاقبة إسرائيل، بمعنى آخر ليس هناك واقع عربي جاد على ردع التمادي الإسرائيلي في خرق القرارات الدولية المنبثقة عن الأمم المتحدة من جهة والاستجابة لمطالب العديد من دول مجتمع العالم الامتثال بقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على أرضها وأجوائها ومياهها الإقليمية خاصة في غزة.

إزاء هذا الوضع وحيث إنه لا يوجد وضع عربي قادر على الردع كما لا يوجد استعداد آنٍ لقطع العلاقات الدبلوماسية القائمة بين الدولة المركزية الكبرى مصر وإسرائيل كما أنه ليس هناك استعداد لإعادة تطبيق قرارات المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل فإن الرئيس أوباما يستطيع أن يقوم بتعديلات بسيطة حتى يتمكن من تسويق استمرار ما يسمى بـ«المفاوضات» المباشرة وغير المباشرة، فإذا لم تكن هناك تكلفة عربية جدية فلا يمكن لنا أن نتوقع من الرئيس أوباما أكثر من تخفيف الاستشراس الإسرائيلي وليس سياسة اقتلاع الشراسة والعدوانية الإسرائيلية من فلسطين المحتلة.

أما إذا فوجئنا بقرارات عربية جادة تنطوي على قطع العلاقات مع إسرائيل عندئذ سوف يفشل اللوبي الإسرائيلي داخل الكونجرس الأمريكي بأنه مرشح للعجز في تعطيل التزام الولايات المتحدة إنجاز صيغة «حل الدولتين» وأن ليس كل انتقاد لإسرائيل من قبل أي من الإدارة الأمريكية هو «ضغط» على إسرائيل أو تفكيك المستوطنات وعدم تهويد القدس الشرقية ليس «تهديدا وجوديا» لإسرائيل وأن هذه المحاولات التي يقوم بها الإعلام الإسرائيلي والصهيوني عالميا وداخليا في الولايات المتحدة التي تحاول شل القناعة والإرادة الدولية هي بمثابة ابتزاز أصبح مفضوحا، ومحاولات الإعلام الإسرائيلي حذف كامل للوجدان العالمي الذي يعتبر أن ما تقوم به إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير أخلاقي وبالتالي يدان كما هو الحال الآن وصار لزاما أن يعاقب.

About this publication