American-Style Democracy

Edited By Sarah Siyufy

<--

يوماتى > الديمقراطية علي الطريقة الأمريكية

كتب د. سامي عبد العزيز العدد 1574 – الثلاثاء – 24 أغسطس 2010

إذا أردت أن تصف الحياة الأمريكية أو أن تصل إلي جوهرها الحقيقي فلا مجال أمامك إلا أن تذكر كلمتين رئيسيتين باعتبارهما عنوان الحياة الأمريكية المعاصرة ألا وهما : الضخامة والإزدواجية.. أما الضخامة فتبدو في كل ما هو أمريكي، بدءاً من نوعية الساندوتشات التي تقوم علي الطبقات المتعددة أو الحجم المبالغ فيه، وانتهاءً بناطحات السحاب، وما بين الساندوتش وناطحة السحاب، تأتي السيارات الأمريكية، وأجهزة التكييف، وكل ما هو أمريكي ضخم.. أما الصفة الثانية فهي الإزدواجية التي تصل إلي حد الشيزوفرينيا.. فما بين الهوس بالحرية الشخصية يأتي الرغبة في التدخل في شئون الغير، وما بين الحرص علي الديمقراطية الداخلية يأتي الحرص علي فرض السيطرة علي الشعوب الأخري.. وما بين الاعتزاز بكل ما هو أمريكي إلي حد الشوفينية يأتي الرفض لكل ما هو غير أمريكي!!

ومن الشواهد الأخري التي يمكن الإشارة إليها كنموذج لهذه الإزدواجية، ما تشير إليه الأخبار من فشل محاولات إدارة الرئيس أوباما في الحصول علي موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي علي ترشيح السفير الأمريكي السابق في مصر فرانسيس ريتشاردوني سفيراً للولايات المتحدة في تركيا.. ويرجع سبب الرفض إلي ما صرح به ريتشاردوني عندما كان سفيراً في مصر، من أنه “توجد في مصر حرية تعبير كتلك التي توجد في الولايات المتحدة”، إضافة إلي أن ريتشاردوني كانت له اتجاهات إيجابية نحو مصر ونحو الرئيس مبارك في وقت كانت إدارة بوش الابن لها اتجاهات سلبية نحو مصر..

من حق مجلس الشيوخ أن يرفض من يراه غير مناسب أو مؤهل لأي منصب، ومن حق مجلس الشيوخ أن يرد تعيين أي شخص يختاره الرئيس الأمريكي، فهذه هي الديمقراطية الأمريكية، وهذا هو سر قوتها.. ولكن يجب أن تأتي أسباب الرفض متوافقة مع هذه القوة المزعومة، حتي لا تصبح الديمقراطية الأمريكية أضحوكة أمام العالم ..

ولعله يبدو واضحاً أن الديمقراطية التي تدعو إليها الولايات المتحدة وتمولها هي تلك الديمقراطية التي تحقق للولايات المتحدة أهدافها.. فليست الديمقراطية هدفاً في حد ذاتها، وليست قيمة أمريكية علي ما يدعيه البعض ، ولكنها أداة لتحقيق ما تصبو إليه داخلياً وخارجياً.. الديمقراطية الأمريكية هي “ديمقراطية تفصيل” علي مقاسها، ولا يجوز لأحد أن يلعب أو يغير في المقاسات.. الديمقراطيات التي ترتضيها الشعوب الأخري هي ديكتاتوريات ونظم فاشية ما دامت ستأتي بمن يعارض الولايات المتحدة أو لا يسير علي هواها..

أيتها الديمقراطية.. كم أنت غريبة حتي في البلاد التي تزعم أنها المتحدثة باسمك، والناطقة بلسانك..

About this publication