Obama Between the New York Mosque and the Arab Street

<--

أوباما بين مسجد نيويورك والشارع العربي!

يبدو أن الرئيس أوباما قد تيقن أنه خسر الشارع العربي والاسلامي في السنة الاخيرة بعد وصوله الذروة في الشعبية مباشرة بعد خطابه الشهير في القاهرة. كان ذلك بعد أن قال للعرب بثقة وأسمعهم كلاما ليوحي أنه “رئيس من نوع جديد من الامريكيين”. وكان الاعلام يتنافس لمدة عام في التحليلات والتعليقات على الموقف الجديد للرئيس الجديد ، حيث أسعد خطابه الناس لموقفه من المسلمين ومن القضية الفلسطينية ، وخلق أملا لدى الناس أنه فعلا “الرئيس الامريكي المنتظر” الذي سيكون خلاص الفلسطينيين على يديه.

لم يأت الاعجاب باوباما من نفسية “الجماهير في الشارع العاطفي” فحسب بل من العرب والمسلمين الذين يفهمون بالسياسة وتحليل مضمون الخطاب. وقفوا أمام كل جملة ومقطع وكلمة وفاصلة ونقطة. قرأوا ما قاله عن ايقاف الاستيطان الذي اعتبره غير مشروع ، بالاضافة لحماسته لاقامة الدولة الفلسطينية التي ما فتئ يردد رغبته باقامتها. ودغدغ المشاعر الاسلامية عندما قال: “الاسلام جزء من أمريكا”. ونأى بذلك عن مساواة الاسلام بالارهاب كما كان خطاب بوش قبله. ومع الاسف لم يتمكن اوباما من مواصلة جذب الشارع العربي والفلسطيني بشكل خاص ، كما تدل علي استفتاءات الرأي العام المتواصلة التي تجريها مراكز الابحاث ووسائل الاعلام. وبعد سنة من جكمه انطلقت موجة من النقد لأوباما في الشارع الفلسطيني والعربي والاسلامي لأنه لم يترجم الاقوال لافعال ليبدو أن الرجل “لا يستطيع” فهو لم يتقدم بتحقيق اقامة الدولة الفلسطينية. بالاضافة لذلك فقد دخلت عوامل وملفات جديدة في المنطقة ومنها الملف الايراني الذي يخيف اسرائيل التي تضغط على اوباما لمحاربة ايران وكما تراه مناسبا لخدمة مصالحمها المشتركة.

يتبين اليوم أن مواقف أوباما لا يمكن المضي بها لاسعاد الفلسطينيين لأنه “لا يمون” على اسرائيل بالتنازل عن سياستها الاستيطانية ولا قبولها بحق الفلسطينيين بدولة مستقلة. وزاد الطين بلة أنه ناقض كل ما قاله عندما تغاضى عما جاء في تقرير جونستون “بقيام اسرائيل بجرائم حرب في غزة”. وبهذا أثبت انه منحاز صريح وخفي لحق العرب بالدفاع عن النفس ومقاومة الاحتلال وكأنه شريك لنتنياهو في سياسته الاستعمارية هذه. ولهذه الاسباب وغيرها انخفضت شعبية اوباما لدى العرب والمسلمين.

يعرف اوباما ومستشاروه هذه الحقائق ، ويعملون على محاولة اعادة الثقة بين الرئيس الامريكي والعرب بشتى الطرق. ولعله “محظوظ” أذ تتزامن هذه العلاقة السلبية مع المسلمين قرارهم بناء مسجد في نيويورك قرب موقع هجمات 11 سبتمبر ,2001 ويبدو أن خطابه الذي القاه في حفل افطار أقامه “للمسلمين” في البيت الابيض قد شحذ همته عندما تذكر المشاعر الايجابية التي أفرزها خطاب القاهرة “اياه”. وفيه أكد أن للمسلمين الحق في ممارسة دينهم مثل أي شخص أخر في الولايات المتحدة. وتشير ردود الفعل الامريكية لأكثر الامريكيين على عدم قبولهم بدعم أوباما لهذا الحق ولذلك أثار حفيظة الجمهوريين والمحافظين حول مسجد نيويورك المزمع بنائه.

ويتزامن هذا اليوم والسجالات لا زالت دائرة بين الأطراف المعنية ، حول المفاوضات المباشرة وغير المباشرة التي تستهلك الوقت بشكل مقصود من اسرائيل التي لا تريد السلام ، وهي ماضية دون رفة جفن في بناء المستوطنات وتهويد القدس وقتل الاطفال والعبث بالجغرافيا والتاريخ أمام أعين العالم وعلى رأسه اوباما. يصر اوباما بواسطة ميتشل على المفاوضات المباشرة علّه يعيد للذاكرة الايجابية تبنيه مقولة اقا مة الدولة الفلسطينية. ومن شأن ذلك محاولة اعادة الشعبية له والثقة في الشارع العربي.

رغم هذه المحاولات فلا زال الاعلام العربي لا يثق كثيرا بما يقول ، وان كان يدغدغ مشاعر المسلمين في أمريكا حول بناء المسجد. وفي مثل هذه الحالات ، يقوم البيت الابيض باطلاق حملة اعلامية دعائية لاغتنام الفرص. ولا شك أن الوقت مناسب اليوم ليس للدعاية لاوباما ، بل للضغط على اسرائيل للالتزام بالقوانين الدولية والاعتراف الكامل بحق الفلسطينيين باقامة دولة مستقلة على الارض الفلسطينية ومنع اسرائيل من استمرار تغولها ، لترجع شعبية اوباما في الشارع العربي وليس في الاعلام الامريكي الذي قد يكون مخادعا بتأثير الهيمنة الصهيونية عليه.

About this publication