The U.S.’ Role Is the Problem

<--

طاهر العدوان

الدور الامريكي هو المشكلة

2010-10-06

الملك عبدالله الثاني ابلغ المبعوث الامريكي جورج ميتشل دعم الاردن الكامل للموقف الفلسطيني الرافض لاستمرار المفاوضات في ظل استمرار الاستيطان, وهو الموقف الذي اتخذته القيادات الفلسطينية بعد قرار نتنياهو وقف تجميد الاستيطان, القرار – اي قرار القيادات الفلسطينية- لاقى ولا يزال دعما متواصلا من القوى الوطنية في الضفة الغربية المحتلة.

يُنتظر ان يخرج المؤتمر الطارئ لوزراء خارجية دول المتابعة المقرر عقده في مدينة سرت الليبية بمواقف مماثلة للموقف الاردني ومساندة القرار الوطني الفلسطيني وتشجيع القيادة الفلسطينية على التمسك بوقف الاستيطان بشكل كامل ليس فقط في الضفة لكن ايضا في القدس المحتلة.

لقد ذهب العرب الى اقصى نقطة في التجاوب مع الضغوط الامريكية من اجل استئناف المفاوضات المباشرة, كما اندفعوا في طريق التساهل بمواقف حكومة نتنياهو القائمة على التحدي والاستفزاز ومحاولة فرض وقائع سياسية على المفاوض الفلسطيني, من خلال تمسكها بعمليات الاستيطان والتهويد, مع تحويل القضية من قضية احتلال الى قرارات حكومية اسرائيلية بتجميد مؤقت لشهر او لعدة اشهر تجرى فيها المفاوضات تحت سوط الاستيطان والتهديد باضاعة الوقت, مما يجعل تصريحات أوباما وغيره من المتفائلين باقامة دولة فلسطينية خلال عام مجرد تجارة أوهام.

الحقيقة التي يرفض الفلسطينيون والعرب الرسميون مواجهتها هي ان الازمة الحقيقية لا تتمثل فقط بغطرسة وتعنت نتنياهو ومشاريعه الاستيطانية, لكنها تتمثل بالموقف الامريكي الذي يسوّق السياسة الاسرائيلية على العرب والفلسطينيين بطرق التفافية ومواقف كلامية لا تحمل اي تأثير ملحوظ على اسرائيل.

وبمراجعة لمشاريع الادارة الامريكية السابقة والحالية في ملف المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية يمكن استخلاص النتائج التالية (1) لقد نجحت اسرائيل بغطاء من النفوذ الامريكي, دوليا وعربيا, في تجزئة قضية الاحتلال الى ملفات مبعثرة, الاستيطان, تهويد القدس, يهودية اسرائيل, بما قاد واقعيا الى عدم اعتبار اسرائيل قوة احتلال, انما طرف في نزاع على الضفة الغربية والقدس المحتلتين, بالتوازي مع السعي الحثيث لوأد حق اللاجئين في العودة.

(2) لقد نجحت اسرائيل, بقوة النفوذ الامريكي وانقياده للمشاريع الاسرائيلية الهادفة الى تصفية القضية الفلسطينية, في عزل قضية الاحتلال عن ساحات القرار والتأثير في المجتمع الدولي, بدءا بمجلس الامن والامم المتحدة وانتهاء برفض الدور الاوروبي والروسي, الى ان وصل الامر الى اجتماع واشنطن الاخير الذي اعاد المفاوض الفلسطيني وحيدا الى ساحة الضغوط الاسرائيلية والامريكية من اجل دفعه الى الاستسلام وليس الى السلام.

(3) كل هذا النجاح الاسرائيلي, ما كان ليتحقق لولا جملة الضمانات الامريكية التي انهالت على تل ابيب تحت شعار المفاوضات وشعار حل الدولتين. اول هذه الضمانات كانت رسالة بوش الى شارون التي وصفت في حينها بأنها تشبه وعد بلفور. وآخر هذه الضمانات ما ذُكر مؤخرا بأن ميتشل قام بتقديمها لنتنياهو مقابل تجميد جزئي ومؤقت (لعدة شهور) للاستيطان, ضمانات تنسف الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني.

في الواقع, وحسب حقائق تطور المفاوضات خلال السنوات الست الاخيرة, فان الخروج من مأزق المفاوضات يتطلب جرأة في الموقفين العربي والفلسطيني بوقف الاعتماد على الدور الامريكي كصانع محتمل للسلام, وحمل الملف الى مجلس الامن والامم المتحدة والمحاكم الدولية ومنظمات المجتمع المدني في اوروبا والعالم, لوضع اسرائيل في مكانها الصحيح, كدولة عنصرية, دولة احتلال وقمع ومعسكرات اعتقال, دولة تقوم على الحروب والغزو والتدمير.

هذه خطوات ابواب الضغط المطلوبة لمواجهة شراكة امريكية – اسرائيلية, ظاهرها حرص على ايجاد حل سلمي, وباطنها فرض الحل الصهيوني الذي لن يحل القضية, انما سيضيف من الاسباب ما يكفي لزعزعة أمن واستقرار المنطقة لعقود طوال مقبلة. واذا لم يقم العرب (من خلال اجتماع سرت) بابلاغ صديقهم الامريكي بكل صراحة حقائق انحيازه وفشل دوره فان ما يجري سيظل قائما وهو الانصياع لاهداف الاحتلال والعنصرية في اسرائيل

About this publication