السياسات الأميركية: نجاحها لنا.. وفشلها علينا
هذا ليس نقدا لسياسات أميركا بقدر ما هو تعبير عن المخاوف الجدية التي تحدق بواقعنا ومصائرنا وأمن أوطاننا نحن العرب والمسلمين (معظم المهددات الراهنة تتفجر في العالم العربي الإسلامي).. ولنبدأ – تحريا للإنصاف – بنقطة «إيجابية» فيما يتعلق بالسياسات الأميركية في منطقتنا.. و«النجاح» الوحيد أو اليتيم – تقريبا – الذي أحرزته السياسة الأميركية في المنطقة في الحقبة الأخيرة هو: قيادة القوات المشتركة في عملية تحرير الكويت. وهو نجاح له أسبابه القوية وعلى رأسها: أن جريمة النظام العراقي الهالك كانت من اللؤم والظلم والبشاعة بحيث لا يطيقها ضمير إنسان له ضمير، ومن ثم فهي جريمة جعلت العالم كله يجمع – بالاضطرار – على تجريمها وردعها.. والسبب الثاني الرئيسي للنجاح الأميركي في هذا الشأن: أن القيادة الأميركية يومئذ كانت محنكة جدا حيث اعتمدت «التشاور» الجاد – لا التفرد – مع دول المنطقة والعالم. وهذا التشاور كان محور ارتكاز في قناعة السعوديين – بوجه خاص – بتهيئة بلادهم لتكون مسرحا واسعا ونشطا لعمليات تحرير الكويت. ولولا القرار السعودي التاريخي في هذا المجال: لما تحررت الكويت قط، وإلا فكيف يكون التحرير؟ وأين؟ أما السبب الثالث لهذا النجاح فهو الحزم الأميركي الشديد في «لجم» إسرائيل ومنعها من دس أنفها وأجندتها في هذه القضية. فمن المعروف أنه ما حشرت إسرائيل أنفها في شيء إلا أفسدته وأفشلته.
باستثناء هذا النجاح، باءت السياسات الأميركية بالخيبة والفشل: بمقتضى الحال، أو بحكم المآل.. وما يهمنا – ها هنا – هو: أنها سياسات انعكست – بالمخاطر المركبة والقاتلة – على دول المنطقة وأمنها واستقرارها وواقعها ومصائرها.
ومن يريد مزيدا من براهين الإقناع والاقتناع، فإننا نقدم له هذه الخريطة السياسية، أو هذا الجدول الأمني الاستراتيجي:
1) في العراق انتهت السياسة الأميركية إلى تسليم السلطة إلى من تزعم أنهم أعداؤها الأوائل أو إلى من هم مرتبطون ارتباطا وثيقا بهؤلاء الأعداء. وهو واقع ينشئ أسئلة شديدة «الحرج الاستراتيجي»: هل جرى هذا الأمر بالتواطؤ «القَبْلي»، أو أنه حصل بحكم الهزيمة «البَعْدية»؟! وهل هذا هو النموذج الديمقراطي المبشر به، والذي أتاحوا لأنفسهم فرضه بالقوة العسكرية؟
2) وفي أفغانستان: لا تزال القوات الأميركية والأطلسية تزداد توحلا وغوصا في هذا المستنقع على الرغم من مرور ما يقرب من عقد كامل على هذه الحرب التي تشهد اشتداد عود طالبان يوما بعد يوم، وهو اشتداد حمل الرئيس الأفغاني حميد كرزاي على إجراء مباحثات سرية – بتنسيق مع الأميركيين – هدفها: تقاسم السلطة بين كرزاي وطالبان «!!!».. وهل هذا هو النموذج الديمقراطي المبشر به: النموذج الموصوم – بشهادات دولية – بالتزوير الواسع النطاق؟.. وهل النموذج الاجتماعي المطلوب – ها هنا – هو: أن تفتح النساء الأفغانيات محلات لتصفيف الشعر؟.. وهل كان القصف الذي يدمر البيوت ويقتل الأطفال والنساء من أجل تحقيق «التصفيف»؟.. وبالتوكيد، قبل حكم كرزاي: كان هناك فساد مالي وإداري، ولكن لماذا تضاعف هذا الفساد 172 مرة في ظل حكم ترعاه وتحرسه أميركا؟.. وهل من مظاهر النجاح هناك: أن يكره أكثر من 70% من الأفغان: الأميركيين الذين جاءوا لتحريرهم؟!.. ثم هل من صور النجاح: تلك التسريبات الأميركية التي تقول: إن هناك حلولا للأزمة عمادها: تفتيت أفغانستان أو تقسيمها؟
3) وفي باكستان: تتبدى الخيبة الأميركية أكثر ما يكون التبدي، فقد دخلت مع الشعب الباكستاني في عداوة يومية من خلال قصف الآمنين في القرى والبوادي: تعقبا للإرهابيين، ولكنها تقصف الأبرياء بينما يزداد عدد الإرهابيين الذين يستغلون هذا القصف في توسيع دوائر التجنيد للإرهابيين، أي الذين كانوا شبابا ناقما اصطادهم زبانية الإرهاب وأدخلوهم في شباك العنف الدامي.. وبعد اكتساب عداوة الشعب الباكستاني ها هي أميركا تتهم الجيش الباكستاني نفسه يوم الأربعاء الماضي بـ«التهاون» في مكافحة الإرهاب!.. لقد حشرت باكستان – بضغط أميركي – في مكافحة الإرهاب، وها هي باكستان تتعرض لزلازل سياسية وأمنية قد تودي بها في يوم من الأيام، ولن ينفع باكستان يومئذ اعتذار ولا تأسف أميركي بالغ أو عميق!
4) وفي فلسطين: انتظر العرب الضغط على إسرائيل كي تكف – فحسب – عن الاستيطان «وهو مطلب متواضع بالقياس إلى المطالب الأخرى الكبرى».. انتظروا الضغط على إسرائيل فإذا الضغط ينصب – عموديا – على العرب، بمعنى أن يوافقوا على الاستراتيجية الإسرائيلية وهي: صرف النظر عن قضايا القدس والعودة. والإقرار بأن إسرائيل «دولة يهودية» إلخ إلخ.. مقابل ماذا؟.. مقابل «صفر» ضخم يقال له «السلام».. والحقيقة المرة ها هنا: أن يرضى العرب بسلام قائم على الباطل والظلم والعدوان.. وهذا موقف أذهل مسؤولين أميركيين، فقد نشرت «نيويورك تايمز» أول من أمس أن مسؤولين أميركيين يقولون «إن الرئيس أوباما يعرض على إسرائيل معدات عسكرية ضخمة وعالية التقنية زائد دعم لوجود إسرائيلي طويل في غور الأردن مقابل (لا شيء)».
5) وفي الصومال داهية الدواهي.. فثمة حكومة انتقالية يحاصرها الإرهاب ويعطل عملها.. ومن الواضح أن مستقبل الصومال مظلم جدا.. ولقد تفتق الذهن الأميركي عن سياسة جديدة تجاه هذا البلد المنكوب، وهذه السياسة هي: تقديم مساعدات إنمائية لإقليمين صوماليين انفصاليين هما «أرض الصومال» و«بونتلاند».. وهذا تمهيد جغرافي ولوجستي لتمزيق الصومال، ولا سيما في ظل معلومات تقول: إن إسرائيل تتأهب – بالكامل – للاعتراف بهذين الإقليمين الانفصاليين.. فهل تخلت الولايات المتحدة عن تراثها «الوحدوي» فطفقت تدعم وتبارك الانفصالات في أفغانستان والسودان والصومال.. وربما في دول أخرى سيأتي عليها الدور: غدا أو بعد غد؟
6) بالنسبة لإيران: انحسرت فكرة شن حرب أميركية أو إسرائيلية على إيران.. ويقول المحللون الاستراتيجيون في هذا الشأن: إن أميركا منهكة – إلى درجة الخور – في العراق وأفغانستان فهي لا تستطيع أن تفتح جبهة عسكرية جديدة حتى ولو رغبت في ذلك، يضاف إلى ذلك الأزمة المالية الطاحنة (وعماد الحرب هو المال).. يضم إلى ذلك ما يتداول – بقوة – عن «ود مكتوم» بين طهران والبيت الأبيض، ود اقتضت كتمانه «الباطنية السياسية»، أو دبلوماسية «إنضاج الصفقات في الخفاء».. وفي هذا الصدد لا يستبعد أن تغير أميركا حساباتها على نحو يجعلها حليفة جديدة لإيران وسورية وطالبان وحزب الله وحماس (هناك اتصالات سرية بين أميركا وبين معظم هذه الجهات).. وهذا احتمال ينبغي أن يكون موضع الرصد والدراسة الجادة من تلقاء أصدقاء أميركا الآخرين في المنطقة.
على الرغم من ذلك كله نقول: لا بد من استمرار التعامل مع أميركا، بيد أنه تعامل يتوجب أن يهندس بمفاهيم ضرورية منها:
أ) مفهوم أن التصرف الأميركي ينعكس على الشأن الوطني بحكم تداخل العلاقات والمصالح والشؤون المشتركة.
ب) مفهوم رفع مسألة «التشاور» إلى مرتبة «الأمن الوطني» الذي يستحيل التفريط فيه، أو المساومة عليه.
ج) مفهوم التعاون الوثيق مع أميركا في كل أمر ظهر فيه وجه المصلحة الوطنية ورجح.
د) مفهوم استقلال الذات عن «خطايا السياسة الأميركية» استقلال المعلومة، واستقلال القرار، واستقلال الموقف.
Why does is a member of the Saudi Royal family the second most powerful stockholder of Rupert Murdoch’s Newscorps, which broadcasts vicious anti Muslim propaganda to the American people all day every day?
Is there a purpose in whipping up the American people so that they fear and loathe Muslims? And if not, why is this tolerated? It seems to be the moral equivalent of a member of the Israeli Parliament supporting Nazis.